أثر برس

السبت - 27 أبريل - 2024

Search

كتب زياد غصن.. على هامش الأزمة الأوكرانية: 190 مليون دولار التبادل التجاري مع دمشق

by Athr Press B

زياد غصن ـ خاص|| أثر

مع تزايد التوقعات الغربية بإمكانية حدوث تدخل عسكري روسي في أوكرانيا، وتحول سوريا عبر قاعدة حميميم إلى إحدى جبهات المواجهة المباشرة بين موسكو والغرب، ينشغل السوريون بتساؤلات كثيرة حول ماهية التأثيرات المحتملة للأزمة الأوكرانية على بلادهم سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، وذلك من قبيل: “هل يمكن أن تجد الأزمة السورية طريقها للحل فيما لو اتفقت موسكو وواشنطن على حل يقلل من المخاوف الروسية المتعلقة بخطط الناتو بالتوسع في الدول المحاذية لها؟، وماذا لو حصل تدخل عسكري روسي مباشر في أوكرانيا، كيف ستنعكس آثاره على سوريا سياسياً وعسكرياً واقتصادياً؟

إلى الآن، وفي خضم الطابع السري الذي يكتنف المحادثات الروسية الغربية التي تجري حالياً، فإن كل ما يقال عن طبيعة التأثيرات التي يمكن أن تشهدها الساحة السورية لا يعدو كونه تكهنات وقراءات تحليلية لا أكثر ولا أقل، فالاحتمالات مفتوحة على كل الخيارات.

لكن في المجال الاقتصادي يمكن الاستناد إلى مجموعة من المؤشرات الإحصائية المتعلقة بالتبادل التجاري بين سوريا وأوكرانيا لمحاولة تحديد ملامح التأثر، التي يمكن أن تلحق بالشق الاقتصادي في أحد جوانبه.

تظهر بيانات وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية أن أوكرانيا خارج قائمة أهم عشرين دولة استورد منها أو صدر إليها القطاع الخاص السوري خلال عامي 2018 و2019، وتالياً فإن أهمية أوكرانيا على خريطة التجارة السورية الخارجية قد تكون المستوى الثاني، إنما بمراجعة بيانات المجموعة الإحصائية لعام 2020 يتبين أن قيمة المستوردات السورية من أوكرانيا بلغت حوالي 81.6 مليار ليرة( ما يعادل 186.9 مليون دولار، وفقاً لسعر الصرف الرسمي للمستوردات البالغ 437 ليرة) في حين أن الصادرات السورية تجاوزت المليار ليرة بقليل(أي ما يعادل2.5 ملايين دولار، وفقاً لسعر الصرف الرسمي للصادرات البالغ 434 ليرة).

وبمقارنة بيانات التجارة الخارجية لعام 2019 مع بيانات العام 2018 نجد أن قيمة المستوردات السورية من أوكرانيا زادت بحوالي 10 مليارات ليرة، فيما تراجعت الصادرات السورية قليلاً وبحدود 400 مليون ليرة فقط.

في تركيبة السلع المستوردة من أوكرانيا تأتي البضائع المصنّعة أولاً من حيث القيمة، والتي بلغت قيمتها في العام 2018 حوالي 35.245 مليار ليرة، تليها المواد الخام عدا الوقود بقيمة 18.979 مليار ليرة، ثم جاءت الأغذية والحيوانات الحية بقيمة 14.114 مليار ليرة، فالزيوت والشحوم الحيوانية بقيمة 2.558 مليار ليرة. أما الصادرات السورية فقد جاءت المواد الخام في صدارة ما جرى تصديره في العام 2018 حيث بلغت قيمتها حوالي 993.975 مليون ليرة، ثم أغذية وحيوانات حية بقيمة 260.071 مليون ليرة، فالمواد الكيماوية ومنتجاتها ثالثة بحوالي 221.122 مليون ليرة. وللإشارة فإن قيمة التبادل التجاري بين البلدين وصلت قبل الحرب إلى حوالي مليار دولار، وكانت هناك رغبة بزيادة تلك القيمة وفقاً لمحاضر اجتماعات اللجنة العليا الثنائية.

على صعيد الاستثمار، ليست هناك مشروعات أوكرانية لافتة في سوريا خلال السنوات الماضية، وهذا ربما سببه أزمة العلاقات الروسية الأوكرانية منذ بدايات العقد الثاني من القرن الحالي. إذ أن دمشق وكييف كانتا قد وقّعتا في العام 2008، أي قبل بدء الحرب السورية، على ثماني اتفاقيات تعاون في مجالات الصناعة والنقل ومياه الشرب والصرف الصحي والبناء والتعمير والإحصاءات الجمركية والمساعدة القانونية إضافة للتعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي والفني، وكان من أهم المشروعات المتفق على تنفيذها تأسيس شركة سورية أوكرانية لإنتاج الألواح الشمسية وأخرى لتجميع الباصات وغيرها. لكن هذه الاتفاقيات لم تجد طريقها إلى التنفيذ لأسباب متعلقة غالباً بظروف الحرب والأولويات السورية خلالها.

أياً كان حجم التأثيرات التي تتركها الأزمات والحروب على علاقات الدول بعضها ببعض، فهي في النهاية تشكّل خسارة مقارنة بالوضع السابق لنشوء الأزمة أو الحرب، وفي الحالة السورية وتأثيرات الأزمة الأوكرانية فإن الخسائر الاقتصادية المباشرة قد تكون بنظر دمشق هامشية أو ليست بالمستوى الذي يؤثر على خياراتها وتحالفاتها السياسية، اعتقاداً منها أن المكاسب التي ستحصل عليها، وإن كانت غير آنية، إلا أنها تبقى أهم وأكبر.

اقرأ أيضاً