أثر برس

الإثنين - 6 مايو - 2024

Search

كتب زياد غصن.. باحثة تحلل الحماية الاجتماعية: الإيرادات الضريبية تكفي.. و”زيادة”

by admin Press

زياد غصن || أثر برس في تمويل إنفاقها الجاري والاستثماري، تعتمد الحكومة الحالية على أربعة مصادر أساسية هي: الاستدانة من المصرف المركزي، رفع أسعار السلع والخدمات، زيادة التحصيل الضريبي والجمركي، وطرح سندات الخزينة، وعملياً فإن المصدرين الأول والثاني هما المحرك الرئيس للتضخم الجامح الذي تعيشه البلاد، فيما يمكن القول إن طريقة إدارة المصدر الثالث هو الذي يتسبب بكل هذه الانتقادات رغم أن المطالبة الشعبية والنخبوية تتركز، ومنذ سنوات عدة، على مكافحة التهرب الضريبي وفرض ضرائب تصاعدية على أصحاب الثروات، أما المصدر الرابع فإن التراجع المستمرة في القوة الشرائية لليرة هو الذي يفشل عملية استثماره بالشكل الأمثل والمطبق في دول كثيرة.

في هذه المقالة سنتطرق إلى أهمية ما يشكله النجاح في إدارة ملف التحصيل الضريبي، ومن زاوية واحدة تناولتها مؤخراً الباحثة الدكتورة رشا سيروب وتتعلق بإمكانية تمويل الدعم الاجتماعي، حيث أكدت في ورقة علمية أن معالجة ملف التحصيل الضريبي، وليس فرض ضرائب جديدة، يمكن أن تسهم في تغطية الإنفاق الحكومي السنوي على الدعم الاجتماعي وأكثر، وبحسب ما قدمته الدكتورة سيروب فإن نسبة الإيرادات الضريبية إلى الناتج المحلي الإجمالي وصلت في العام 2010 إلى حوالي 10%، ثم تراجعت بمقدار النصف تقريباً لتبلغ حوالي حوالي 5% عام 2015، ولتعاود الارتفاع بشكل لا يذكر في العام 2019 مسجلة ما نسبته حوالي 5.3%، وذلك قبل أن ترتفع بشكل مقبول لتبلغ في العام 2022 حوالي8.3%، علماً أن النسبة المفترض بسوريا أن تحققها كدولة منخفضة الدخل تبلغ حوالي 14.5%، وهذا يقودنا بالطبع إلى الحديث عن حجم الفاقد أو التهريب الضريبي.

تبعاً لتقديرات الباحثة فإن نسبة الضرائب التي لم يجر تحصيلها كانت في العام 2010 تبلغ حوالي 26.2% من إجمالي قيمة الضرائب الواجب تحصيلها بموجب القوانين والتشريعات النافذة، وفي العام 2015 زادت هذه النسبة بشكل كبير جداً ولتسجل في العام 2015 حوالي 88%، ثم تراجعت قليلاً في العام 2019 لتصل إلى 84.7%، واستمر التراجع لتصبح النسبة في العام 2022 عند حدود 75.4%.

إلى ماذا تقودنا هذه النسب؟

بمقارنة بسيطة أجرتها الباجثة لنسبة الضرائب الواجب تحصيلها إلى اعتمادات الإنفاق الحكومي على الدعم الاجتماعي، يتبين أن نسبة الضرائب غير المحصلة شكلت في العام 2010 ما نسبته حوالي 22.6% من إجمالي الإنفاق على الخدمات الاجتماعية وإذا ما تم ضم ما جرى تحصيله فعلياً إلى الفاقد الضريبي فإن النسبة تصل إلى 147.3% أي أن النجاح في تحقيق نسبة غالية من الضرائب الواجب تحصيلها من شأنه تغطية الإنفاق على الدعم الاجتماعي وزيادة، وهذا ما تخلص إليه النسب المتحققة في العام 2022، والتي أشارت إلى أن الفاقد الضريبي شكل ما نسبته حوالي 50.10% من إجمالي الإنفاق على الدعم الاجتماعي، في حين أن إجمالي  قيمة الإيرادات الضريبية المحصل منها وغير المحصل شكلت ما نسبته 115.2% من إجمالي الإنفاق الحكومي على الدعم الاجتماعي في العام المشار إليه، وبذلك تخلص الدكتورة سيروب إلى أن المشكلة ليست في عدم توفر مصادر كافية للإيرادات كما تدعي الحكومة في تبريرها لرفع أسعار السلع والخدمات الاجتماعية المدعومة، وإنما في عدم الاهتمام بتلك المصادر وتفعيلها فقط.

في ضوء ما سبق، فإن البعض سيطرح تساؤلاً محقاً وهو: إذاً لماذا يتم انتقاد وزارة المالية في مسعاها لزيادة الواردات الضريبية؟

موضوعياً جزء من تلك الانتقادات الموجهة من اقتصاديين وفعاليات اقتصادية متعددة محق، والجزء الآخر غير محق وينطلق من عدم ر غبة البعض الاستمرار بالتهرب من تسديد ما يترتب عليها من ضرائب ورسومـ ولذلك سنناقش بإيجاز الانتقادات المحقة، والتي مبررها التالي:

-إن السير في استراتيجية مكافحة التهرب الضريبي بعد سنوات وعقود من انتشاره وإهمال مكافحته لا يمكن أن يتم بأسلوب الصدمة والاستقواء بالصلاحيات الممنوحة لمراقبي الدخل وموظفي الضرائب، والسبب أن بيئة الأعمال لدينا تعاني من انحرافات كبيرة، وهذا ما جعل كثير من المستثمرين لدينا يهربون بأموالهم إلى دول أخرى ليست ضرائبها أقل وإنما بيئتها الاستثمارية مريحة ومطمئنة أكثر.

-عدم مراعاة عملية التحصيل الضريبي بين المنشآت تبعاً لحجمها ورأسمال ومبيعاتها، فجميع المكلفين جرى استهدافهم دفعة واحدة في عملية التحصيل الضريبي، في حين كان يمكن البدء بالمنشآت الضخمة وأصحاب الثروات ومن ثم الانتقال تدريجياً إلى الفئات والمستويات الأخرى الأقل ثراء واستثماراً. ولذلك كان من الطبيعي أن تتحد مختلف الفعاليات الاقتصادية والحرفية والمجتمعية ضد عملية التحصيل وتنتقدها وتحرض عليها.

-في بعض جوانبها لم تكن عملية التحصيل شفافة وموضوعية وكانت أقرب إلى العامل الشخصي، ويمكن التأكد من ذلك من خلال مراجعة ما تدفعه فعاليات أو حتى المكلفين وما يدفعه موظف أو صاحب محل تجاري بسيط. وإذا كانت وزارة المالية لديها وجهة نظر مختلفة فلتنشر قوائم التحصيل الضريبي (وليس حجم أعمال أو مبيعات الفعاليات والمكلفون).

-منذ العام 2018 وهناك حديث عن وجود توجه حكومي لتعديل التشريعات الضريبية، وشكلت لتلك الغاية أكثر من لجنة آخرها كانت مع الحكومة الحالية، لكن إلى الآن لم يتم الإعلان عن وضع مسودة التعديلات المنشودة منذ سنوات، لكن ما علاقة ذلك بالانتقادات الموجهة إلى سياسة الجباية الضريبية؟ باختصار عندما تكون هناك قوانين “سيئة” فإن تطبيقها سيكون سيئاً على عموماً المجتمع.

اقرأ أيضاً