ولد السهروردي الملقب بشهاب الدين، والمشتهر بالشيخ المقتول في منتصف القرن الثاني عشر وتحديدا عام 549هـ /1155م في بلدة سهرورد بالقرب من مدينة زنجان الحديثة الواقعة في شمال إيران بين قزوين وسلسلة جبال البورز المشهورة بارتفاعها الشاهق، ونشأ في مدينة مراغة، من أعمال أذربيجان، تلك المدينة القريبة من مسقط رأسه والتي أرسل إليها وهو ابن عشر سنين ليتعلم على يد الشيخ مجد الدين الجيلي في مدرسته، فبدأ حياته العلمية صغيرا حيث شرع بقراءة القرآن والحديث وقواعد الصرف والنحو، ثم حضر دروس الفقه والأصول والمنطق والفلسفة حتى برع فيها، وهناك تعرف على زميل الدراسة فخر الدين الرازي وجرت بينهما نقاشات ومباحثات عديدة.
.
ثم انتقل إلى أصفهان في وسط إيران، المركز الرئيسي للحركة العلمية آنذاك، فأتم دراساته المقررة على يد الشيخ ظهير الدين القاري.
.
وفي الشرق الإسلامي يشتهر السهروردي بلقب “شيخ الإشراق” عن بقية الألقاب التي أطلقت عليه، باعتباره يحمل اسم حكمته التي اشتهر بها (حكمة الإشراق) التي أضحت مدرسة فلسفية صوفية متكاملة ما تزال حتى يومنا هذا لاسيما في الهند وباكستان وإيران.
.
ويروى عنه أنه كان من أفقه علماء عصره بأمور الدين والفلسفة والمنطق والحكمة،ومن كتبه أيضا رسائل في اعتقادات الحكماء وهياكل النور، وقال عنه الشيخ فخر الدين الرازي :”ما أذكى هذا الشاب وأفصحه لم أجد أحدا مثله في زماني إلا أني أخشى عليه من كثرة تهوره”.
.
لقد كان اختلاف أهل حلب حول السهروردي كبيرا، رفعه بعضهم إلى مرتبة “المؤيد بالملكوت” وهوى به آخرون إلى منزلق الكفر والإلحاد، والثابت أنه كان أشد الناس زهداً في متاع الدنيا.
.
وبرغم أن السهروردي بادر إلى إجابة دعوة الظاهر الأيوبي لمناظرة الفقهاء، وبرغم أنه أسكتهم بقوة حجته وبراعة منطقه إلى أن الأمر انتهى إلى الحكم عليه بالموت، لعل المفتونين بالناصر صلاح الدين الأيوبي يعدّون ضمن مآثره قتله للسهروردي، إنهم في ذلك الافتتان لا يلتفتون إلى حرمة دماء رجل لم يرتكب جرما، ولا هو رفع على الدولة سيفا ولا خروجا عن طاعته، بل إن الثابت أن السهروردي لم يأت ليوسف بن أيوب على ذكر ولا لمرة واحدة، فقتل السهروردي لأنه عالم فقط، ويذكر أن للسهروردي مسجداً سمي على اسمه يقع في وسط حلب القديمة عند منطقة “باب الفرج”.
43