أثر برس

الجمعة - 26 أبريل - 2024

Search

من 9 إلى 64 مصاباً.. كيف هرب ترامب من المواجهة مع إيران؟

by Athr Press R

بعد أن كان هو الخبر  المنتظر والأهم خلال الساعات الأولى من الحدث، بات خبر ارتفاع أعداد المصابين من الجنود الأمريكيين نتيجة الهجوم الإيراني على قاعدة عين الأسد في العراق أشبه بالأخبار الروتينية اليومية.

اعترفت الدفاع الأمريكية في البداية بوجود 9 إصابات ليرتفع العدد بشكل تدريجي يوماً بعد يوم ليصل أول أمس الجمعة إلى 64 مصاباً، وليتمكن ترامب والإدارة الأمريكية بذلك من الهروب من الموقف المحرج أمام الرأي العام الأمريكي.

إذا عدنا قليلاً في التاريخ يمكننا رؤية أن سلوك الإدارة الأمريكية في تلفيق الحقائق للتأثير على الرأي العام ولتجنب مواجهات ليس جديداً، حيث نشرت صحيفة “واشنطن بوست” قبل قرابة الشهر تقريراً بعنوان “البنتاغون والبيت الأبيض يزيفان واقع الحرب الأفغانية لعقدين من الزمن”، وكشف التقرير الصحفي عن تواطؤ القيادات العسكرية العليا بالضغط على القادة الميدانيين لكتابة تقارير تركز على نجاح الغزو وتقليل عدد القتلى الأميريكين وزيادة أعداد قتلى طالبان، هذا التضليل الأمريكي تجدد قبل أيام في أفغانستان عندما نجحت قوّات طالبان في إسقاط طائرة تجسس متقدمة جدّاً من طراز “بومباردية أي 11″، ومقتل جميع من كانوا على متنها، ففي البداية نفى المتحدث باسم البنتاغون سقوط الطائرة، ولكنّه عاد وتراجع بعد أن سربت حركة طالبان فيديو للطّائرة والنّيران تَشتعِل فيها، ولكنه لم يقل لنا حتّى الآن كم عدد الجنود الذين قتلوا، ورتبهم العسكرية.

ماذا كسب ترامب من الإعلان المباشر عن عدم وقوع إصابات في عين الأسد؟

الإعلان الأمريكي الفوري بعدم وقوع إصابات بشرية بين صفوف القوات الأمريكية أعطى الرئيس ترامب مساحة للمناورة السياسية وتهدئة ذلك الحدث المشتعل الذي تحدت فيه إيران الولايات المتحدة بشكل مباشر عندما قال المرشد الأعلى في إيران: “لقد ضربت أمريكا ضربتها بطريقةٍ جبانة ولكننا سنضرب الجيش الأمريكي بقوّة لنكسر غطرسته في العراق، البلد الذي ارتكب  فيه جريمتَه”، هذا الحديث وفي حال الاعتراف بسقوط إصابات يحتّم على ترامب الرد، ما قد ينتج عنه حرب مع إيران لن تخدم حملته الانتخابية المقبلة، وقد يثبت ذلك خطابه الذي جاء بعد الضربة مباشراً والذي ظهر فيه بحالة من التوتر.

لكن إخفاء الرئيس الأمريكي للحقائق يؤكد أن السياسة الأمريكية على طول عقود من الزمن هي سياسة واحدة، تسعى للتأثير على الرأي العام في الداخل وذلك لهدفين أساسيين الأول لضمان تأييد الحروب التي تدخل مليارات الدولارات على الخزينة الأمريكية بسبب الاقبال العالمي على سوق السلاح الذي تتصدره الولايات المتحدة، والثاني هو إبقاء هيبة الجيش الأمريكي الذي يتصدر جيوش العالم من حيث العتاد والنفقات وغيرها.

قد يكون أكثر ما يخدم الاستراتيجية الأمريكية في تكذيب الحقائق هو الجهاز الإعلامي الأمريكي العالمي الذي حفظ ماء وجه ترامب في عدم الكشف المباشر عن وجود إصابات، خصوصاً وأن كل الطبقات الشعبية في العالم ترى في الإعلام  الأمريكي حالة من الموضوعية والشفافية في نقل الوثائق وذلك نتيجة تسريباته التي تهاجم بين الحين والآخر السلطات الأمريكية بأمور ليس لها تأثير مباشر على الاستراتيجية الأمريكية أو تتحدث عن حقائق بعد أن يكون الزمن قد أنها أهميتها، لكن الحادثة الأخيرة قد تؤكد بأن كل تلك الوسائل تعمل لخدمة الاستراتيجية  الأمريكية ولا تنقل أي خبر مخالف للمصلحة الأمريكية في مثل تلك الأوقات الحساسة.

يبدو أن الرأي العام  صدّق الكذبة الأمريكية ولم يرى بالرد الإيراني حدثاً قوياً وحقيقياً لكن الأهم من ذلك هو أن القادة السياسيين والعسكريين في العالم يعلمون حجم الصفعة الإيرانية للأمريكيين وبأن القواعد العسكرية الموجودة في منطقة الخليج العربي باتت تشكل تهديداً على الدول التي تحتضنها بدلاً من أن تكون حامية لها.

رضا توتنجي

اقرأ أيضاً