أثر برس

الإثنين - 29 أبريل - 2024

Search

إيران قلبت معادلة الاشتباك مع “إسرائيل”.. ما هي السيناريوهات المحتملة مستقبلاً؟

by admin Press

خاص|| أثر برس فرض الرد العسكري الإيراني المباشر الذي حصل فجر اليوم الأحد 14 نيسان، على خلفية الاعتداء الإسرائيلي مؤخراً على القنصلية الايرانية في دمشق، تغييراً استراتيجياً في معادلة المواجهة بين إيران والكيان الإسرائيلي، ما جعل المستقبل القريب لحجم المواجهة في المنطقة محاطاً إلى حد ما بضبابية وربما تكون مواجهة مفتوحة تتراوح ما بين إعادة ضبط معادلة المواجهة من جديد وفق أسس جديدة تفرضها إيران بقوة، وربما تتوسع مساحة الصراع إلى أبعد مما جرى وقد تصل إلى مستوى الحرب.

رد هادئ وتكتيكي.. ما المكاسب الإيرانية؟

حصل خلال الساعات القليلة الماضية الرد الإيراني الذي كان منتظراً على خلفية استهداف “إسرائيل” لمقر القنصلية الايرانية في دمشق، والذي يعتبر اعتداءً مباشراً على السيادة الإيرانية والسورية، وأن الرد عليه أمر حتمي لكن وفق سياق مدروس ومخطط له بشكل دقيق.

وفي الليلة الماضية، استخدم الحرس الثوري الإيراني، خلال العملية العسكرية الجوّية، أعداداً كبيرةً من الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية التي استهدفت مواقع عسكرية في “العمق الإسرائيلي” في الأراضي المحتلة، كانت قد انطلقت بشكل مباشر ولأول مرّة من الأراضي الإيرانية.

واتسمت طبيعة الرد الإيراني، مقارنة بـ”الاعتداءات الإسرائيلية” المتكررة، بالهدوء عبر غياب عنصر المفاجأة، إذ جاء التنسيق له بشكل دقيق وتكتيكي، وبنفس الوقت كان محدوداً، لم يسمح لـ”إسرائيل” استثمار أيّة مفصل منه لصالحها وخاصة في حربها داخل قطاع غزّة.

وفي هذا السياق، وصّف الكاتب والمحلل السياسي الدكتور طالب إبراهيم، أنّ ما جرى هو عملية، تعكس تحولاً جدياً في قواعد الاشتباك بين إيران والكيان الإسرائيلي، وقال في تصريح لـ”أثر برس”: “هذه أول مرة يرد فيها أحد أطراف محور المقاومة من خارج فلسطين المحتلة ولبنان على استهدافات العدو الإسرائيلي الدائمة والمستمرة للأراضي السورية وللجيش السوري ولعمل بعض الخبراء والمستشارين الإيرانيين في سوريا”.

ويؤكّد إبراهيم أنّ أهمية ما حصل تبرز في ثلاثة أمور أساسية، الأمر الأول منها يعني حدوث تغير في قواعد الاشتباك بين محور المقاومة على العموم وإيران على وجه الخصوص وكيان الاحتلال، والثاني ما حصل يعكس رغبة إيرانية جدية وحقيقية في ردع “إسرائيل” وتحجيمها ووضعها عند حدها.

أمّا فيما يتعلق بالأمر الثالث بحسب إبراهيم، هو يعكس مسألة مهمة وهي أن “محور المقاومة متماسك ووحدة الساحات هي مسألة حقيقية، وجدية، وواقعية، ولا تقتصر فقط على الساحة الفلسطينية أو اللبنانية بل إنما الأمر يمتد من طهران إلى اليمن مروراً بباقي الساحات الأخرى”.

ويجدد إبراهيم التأكيد أنّ “الأهم هو إعادة اللحمة بين جماهير محور المقاومة وقياداتها لأن العدو الإسرائيلي تمادى وأصبحت الضربات الإسرائيلية تؤثر على وعي الجماهير العربية خصوصاً المنضوية في محور المقاومة والجماهير الإيرانية وأصبح الرد أمراً ضرورياً من أجل استعادة الثقة والقوى في معركة الوعي مع كيان الاحتلال، وهو أمر ضروري جداً”.

وعلى الجانب الآخر، أوضح إبراهيم، أنه لا بد من أن كي وعي الجمهور الصهيوني وقيادة الكيان وإيصال الرسالة بوضوح أي أنّ “أي مغامرة قد تحصل لاحقاً سيكون الرد عليها آت لا شك فيه”.

ومن جهته، وصّف المحلل العسكري والاستراتيجي العميد المتقاعد تركي حسن، ما جرى لعدّة ساعات ليلة أمس رغم أنها ضربة محدودة، هي حرب اشترك فيها الغرب إلى جانب “إسرائيل” وقال: “الأجواء السورية والعراقية والأردنية، كانت فيها الطائرات الأمريكية والبريطانية والفرنسية تقاتل نيابة عن “إسرائيل”.

وفي سياق متصل يرى الخبراء، أنّ طبيعة الرد الإيراني كانت مدروسة ومخطط لها، حتى لو لم تكن مفاجأة، إلا أنّها وظّفت بشكل صحيح واستطاعت إيران من خلالها إيصال الرسالة المطلوبة، وفي هذا الإطار، يرى الدكتور فراس إلياس، أستاذ العلوم السياسية والمتخصص في العلاقات الدولية، أنّ “إيران تدرك أهمية عدم السماح لإسرائيل بتوظيف عملية الرد في سياق حربها على غزة، أو حتى في إمكانية أن يستغل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذا الرد، في إعادة الثقة به في الداخل الإسرائيلي”.

وهذا يأتي في وقت يواجه فيه نتنياهو (اليمين الإسرائيلي) ضغوطًا كبيرةً، وتحديداً من “اليسار الإسرائيلي” الذي يطالب بوقف الحرب في غزة، والبدء بمسار سياسي ينتهي بإطلاق سراح الأسرى بين “إسرائيل” وحركة حماس، مشيراً إلى أنّ نتنياهو سبق وأن هدد إيران برد قاسٍ في حالة الهجوم على “إسرائيل” وفق ما قاله الياس في مقال نشره موقع “نون بوست”.

ما هي سيناريوهات المرحلة المقبلة؟

منذ الاعتداء الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق برزت العديد من التوقعات لمآل المواجهة بين إيران و”إسرائيل” في حال حصل الرد الإيراني، وهذا بالتأكيد جاء في وقت لم تكن فيه حينها طبيعة الرد الإيراني واضحة، إذ كانت تميل الترجيحات إلى أن الرد الإيراني سيكون في مواقع خارج الأراضي المحتلة من جهة، وربما يكون من قبل فصائل المقاومة، إلا أنّ ما حصل أمس وطبيعة الرد، أحدث إلى حد ما قراءة أكثر صعوبة كون الرد إيرانياً مباشراً، واستهدف “العمق الاسرائيلي”.

ويرى الخبراء، بحسب تقديرات مختلفة أنّ ما يجري يتراوح بين مستويين أدناه انتهاء الأمر عند ما حصل يوم أمس وأعلاه الدخول في حرب بين إيران وكيان الاحتلال وهذا بالتأكيد سيدفع إلى تصعيد عسكري إقليمي خطير، وربما يتوسع إلى حرب كبرى.

وفي هذا السياق يظن الدكتور إبراهيم، أنه من المرجح أن الأمور انتهت عند الحد الذي جرى أمس لأن مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية هي في اشتباك محدود منضبط، من دون الانجرار إلى نزاع إقليمي شامل يعيد تشكيل المنطقة وربما تكون الولايات المتحدة وحلفاؤها أكثر الخاسرين وقال: “لذلك أعتقد أن الأمور قد تتوقف عند هذا الحد”.

وعلى بالرغم من أن الخسائر التي قد تلحق بمصالح الدول الكبرى في المنطقة لن تكون قليلة في حال توسع الصراع، ولم يتم ضبطه أو جمح كيان الاحتلال عن الاعتداء من جديد، فإنّ هذا سيجر المنطقة لمرحلة جديدة أكثر خطورة، وهنا يشير إبراهيم إلى أنّ “استمرارية اليمين الصهيوني المغامر والمجنون، في استهداف إيران أو أطراف أخرى في محور المقاومة سيدفع إيران إلى الرد من جديد بقوة مؤثرة وربما تتزحلق الأمور من حالة (ضربة- بضربة) إلى حرب إقليمية واسعة وشاملة”.

ومن جهته، يرى العميد الحسن أنّ “المرحلة المقبلة تحكمها الأطراف الموجودة في المنطقة، الأول منها هو محور المقاومة وهو متفق على كل شيء، وذلك منذ بدء حرب غزّة والعدوان الإسرائيلي عليها”، وقال: “كان يحكم سلوك محور المقاومة قضيتان أساسيتان، الأولى: الجدوى من التدخل، والثانية: الإمكانية المتوفرة للتدخل”، مشيراً إلى الدور الذي تم إسناده إلى فصائل المقاومة في الإقليم إلى جانب المقاومة في غزة.

أمّا بالنسبة لاحتمالات الانتقال إلى حرب، قال العميد الحسن: “لن ننتقل إلى حرب إلا إذا قامت الولايات المتحدة باستهداف المواقع الايرانية أو تدخلت بصورة مباشرة”، مؤكداً أن ليس من مصلحة أي طرف الانجرار إلى حرب، مبيناً أن الحرب لا تخدم المصالح الأمريكية والغربية ولا المصالح الإيرانية في المنطقة.

وأمّا في حال انجرت المنطقة إلى حرب سيتم آنذاك إهمال غزّة على الرغم من أن ما جرى كله لخدمة غزة والقضية الفلسطينية، وقال العميد الحسن: “لا أتوقع أن تنشب حرب إقليمية، وهذا يتوقف الآن على ما قالت به إسرائيل بأنها سترد”.

وأشار  العميد الحسن مشيراً إلى ما أخطر به الرئيس الأمريكي لرئيس حكومة كيان الاحتلال بعدم الرد دون التشاور مع واشنطن، والذي يعني بحسب العميد الحسن “منع الرد الإسرائيلي على الضربة العسكرية الإيرانية”.

وفي حال حصل رد إسرائيلي على الرد الإيراني الأخير، يرى الحسن أن ذلك يعني أنّ “إسرائيل” ستخسر أكثر، وستفقد قيمتها، وهيبتها، وستتعرض إلى كارثة، وهناك شك في إمكانية بقاء “إسرائيل” في المنطقة.

قصي المحمد

اقرأ أيضاً