أثر برس

الإثنين - 6 مايو - 2024

Search

كتب زياد غصن: 57 % وصلوا لأعمالهم بوقت مضاعف.. هل تخفيض عدد الحواجز يعيد الزمن المفقود؟

by Athr Press G

زياد غصن || أثر برس أثار الخبر المتعلق بتخفيض عدد الحواجز المنتشرة على الطرقات بين التجمعات السكنية وداخلها، ردود فعل متباينة بين مؤيد للخطوة باعتبارها ستساعد على تسهيل حركة تنقل الأفراد وانسياب أكثر للسلع والبضائع بين المناطق، وبين من انتقد ما كتبه أو قاله البعض لجهة التوقعات بانخفاض أسعار المنتجات.

نحن هنا سوف نتناول الموضوع من زاوية أخرى مختلفة ولن ندخل في هذه السجالات، معتمدين في ذلك على تحليل بعض البيانات والأرقام الإحصائية الرسمية، مع الإشارة إلى أن قرار إزالة الحواجز ما كان ليتخذ لولا توفر أمرين اثنين: الأول يتمثل في انتفاء الحاجة الأمنية، والتي وجدت من أجلها هذه الحواجز. والثاني يتعلق بوجود جدوى أو فائدة مباشرة من هكذا قرار، وإلا لما اتخذ.

– غير منشورة:

واحد من المعايير الأساسية المعتمدة عالمياً في إنتاج المؤشرات والخاص بقياس جودة بيئة الأعمال والاستثمار يتمثل في مدى استثمار عامل الوقت، والذي يحضر كعنصر أساسي في تقييم مدة إنجاز الوثائق المطلوبة لتراخيص المشروعات مثلاً، أو في مدة تنفيذها، أو في مدة الوصول إلى العمل وما إلى ذلك من مؤشرات كثيرة، وكما يعلم الجميع فإن استثمار عامل الوقت بالشكل الأمثل منذ بداية الأزمة كان دونه صعوبات وعوائق كثيرة مرتبطة بتطورات الوضع الأمني وما فرضته من متغيرات كثيرة على صعيد التنقل والانتقال، الحصول على الخدمات والسلع، وغير ذلك، وهذا رتب من دون شك تكاليف مالية إضافية على المواطن، وتسبب بخسائر قد لا تكون منظورة للعموم، إلا أنها عملياً موجودة وكان يفترض قياسها وتقديرها.

في العام 2014 أجرى المكتب المركزي للإحصاء بالتعاون مع الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان مسحاً للسكان، حاول من خلاله الباحثون مقاربة مجموعة واسعة من المؤشرات الاقتصادية والديمغرافية والاجتماعية، ولفت انتباهي في البيانات غير المنشورة والتي حصل عليها “أثر برس” ما يتعلق بتقديرات السوريين لزمن الوصول إلى المكان الذي يقصدونه مقارنة بالزمن المتحقق قبل الأزمة، وقد كانت هناك نتائج هامة على مستوى كل محافظة، لاسيما وأن مسح السكان شمل أنحاء الجغرافيا السورية كافة، سواء كانت المناطق خارج السيطرة أو داخلها.

وبحسب تلك النتائج، فإن 57.7% من السوريين يعتقدون أن زمن الوصول إلى المكان المقصود بات سيئاً، أي أن الزمن المطلوب أصبح مضاعفاً وأكثر مما كان عليه الحال قبل الأزمة، فيما قيم 33.1% زمن وصولهم بالوسط، أي أن وصولهم إلى المكان المقصود استهلك وقتاً أقل من الضعف لكنه أكثر من الزمن الاعتيادي قبل الأزمة، وفقط كان هناك حوالي 9.2% تساوى زمن وصولهم إلى المكان المراد خلال السنوات الأولى من عمر الأزمة مع الزمن الاعتيادي لهم قبل الأزمة.

هذه النسب تتباين بشدة على مستوى المحافظات، وذلك تبعاً للوضع الأمني السائد فيها خلال السنوات الأربع الأولى من عمر الأزمة، فمثلاً أعلى نسبة لزمن الوصول السيئ كانت في المحافظات التي شهدت تدهوراً أمنياً كبيراً كمحافظة دير الزور، والتي كان حوالي 99.9% من سكانها مضطرون آنذاك إلى استهلاك وقتاً مضاعفاً للوصول إلى الأماكن المقصود، تلتها محافظة إدلب بنسبة 98.4%، ثم محافظة حلب ثالثاً بحوالي 82.2%. أما لجهة زمن الوصول الوسط فقد جاءت حمص أولاً مع معاناة 72.9% من سكانها، ثم طرطوس بحوالي 72%، وثالثاً كانت اللاذقية بنسبة 66.8%.

اللافت في النتائج الأخرى، والمتعلقة بتقييم زمن الوصول، أن قاطني 6 محافظات لم يتمكنوا نهائياً من الوصول إلى أماكنهم بوقت مساو للوقت الذي كان يستغرقه ذلك قبل الأزمة، والأكثر غرابة أن دمشق كانت واحدة من تلك المحافظاتـ أما المحافظة التي لم يتغير شيء على 60.5% من سكانها لجهة زمن وصلهم فقد كانت السويداء، تلتها اللاذقية بنسبة 32.5%، فطرطوس ثالثة بحوالي 23.4%.

– تحديث البيانات:

صحيح أن هذه البيانات تعود إلى السنوات الأربع الأولى من عمر الأزمة، إلا أن أهميتها تكمن في أنها البيانات الوحيدة، التي حاولت قياس الوقت المستهلك في وصول السكان إلى أماكن عملهم أو منازلهم أو الأسواق وغير ذلك، الأمر الذي يفترض أن يشجع المؤسسات الرسمية المعنية على العمل لإعادة تحديث تلك البيانات واستثمارها في اتخاذ قرارات تدعم عملية انسياب السلع والبضائع والحصول على الخدمات والتنقل، لاسيما وأن التطورات التي أعقبت تمكن الحكومة من استعادة السيطرة على مناطق واسعة من البلاد بين عامي 2017 و2018 واستقرار الوضع الأمني في العديد من المحافظات، وما أعقب ذلك من إجراءات خاصة كإعادة فتح الطرقات وتخفيض عدد الحواجز، أسهمت في تخفيض الزمن المستغرق في الوصول إلى الأعمال والمنازل والأسواق، وتالياً تغير تركيبة التقييم لتزداد نسبة زمن الوصول الوسط والجيد وعلى حساب زمن الوصول السيء، لكن لا تزال هناك مشكلة في الوقت ويجب معالجتها بإجراءات لا تقف أو تقتصر على جانب معين من دون آخر، وصولاً إلى وضع تقل معه الخسائر المترتبة على الوقت الضائع وما أكثرها. فمثلاً قرار تخفيض عدد الحواجز يتزامن مع أزمة نقل خانقة فشلت الحكومة الحالية في معالجتها، وتالياً ما كان المواطن سيوفره من وقت أثناء الوقوف على الحواجز، سيستغرق ضعفه في البحث عن وسيلة نقل عامة أو خاصة.. أو حتى طنبر.

اقرأ أيضاً