أثر برس

الإثنين - 29 أبريل - 2024

Search

كتب زياد غصن.. طلاب العلامات الكاملة: هل أبناؤنا فعلاً عباقرة؟

by Athr Press G

زياد غصن ||أثر برس في العام الماضي، تمكن 109 طلاب ممن تقدموا لامتحانات شهادتي التعليم الأساسي والثانوية العامة من حصد العلامة الكاملة في جميع المواد، أي أن هؤلاء لم يخطئ أحدهم بهمزة وصل، بنقطة، بفاصلة، بحرف جر، وغير ذلك، وهذا يجعل منهم ظاهرة تستدعي التأمل والتحليل العلمي بحثاً عن إجابات موضوعية لتساؤلات عدة من أهمها: هل أبناؤنا فعلاً عباقرة؟ أم أن النظام التعليمي وصل إلى مرحلة صناعة التفوق؟  أم أن هناك ظروف وعوامل أخرى ساعدت على ذلك؟

في جميع مراحل العملية التعليمية يبرز طلاب متفوقون، متميزون، ومثابرون، وهذه ظاهرة طبيعية تحكمها عدة عوامل من قبيل: ذكاء الطالب واجتهاده، متابعة الأسرة واهتمامها، وما تقدمه المدرسة بمدرسيها ومعلميها، مع الإشارة هنا إلى أن الحديث عن التفوق الدراسي والتعليمي لا يرتبط دوماً بتحصيل الطالب للمجموع الكامل، وإنما هو حصيلة نشاط الطالب، مشاركته، حضوره، وبالطبع نتيجة الامتحانات الشفهية والكتابية التي يجريها، لكن في السنوات الأخيرة بات التفوق مرتبطاً فقط بتحصيل الطالب للعلامة الكاملة.

بالعودة إلى التساؤلات التي طرحت في مقدمة هذه المقالة، فإن الإجابة عليها ليست سهلة، وإلا فإنها ستكون إجابات مبتورة ومتحيزة لرأي ما، لذلك فإننا هنا سنحاول تتبع تطور ظاهرة تحصيل بعض الطلاب للمجموع الكامل، وذلك من خلال اختيار عينة منتظمة من السنوات هي: 2005-2010-2015-2020 مع إضافة العام الماضي، وتتبع أخبار نتائج امتحانات شهادتي التعليم الأساسي والثانوية العامة المعلنة من قبل وزارة التربية، وقد خلصت النتائج إلى ما يلي:

في العام 2005 بلغ عدد الطلاب الناجحين في امتحانات التعليم الأساسي، والذين تمكنوا من تحصيل المجموع الكامل من الدرجات النهائية، 7 طلاب فقط، لكن بعد خمس سنوات تقريباً (العام 2010) ارتفع العدد ليصل إلى حوالي 45 طالباً أي بنسبة زيادة قدرها 543%، لكن مع السنوات الأولى للحرب تراجع العدد ليصل إلى حوالي 5 طلاب في العام 2015 أي بنسبة تراجع قدرها 89% مقارنة بالعام 2010، وهذا يبدو حدثاً طبيعياً في ظل الضغوط الاجتماعية والنفسية والاقتصادية التي أفرزتها سنوات الحرب، إنما هذا التراجع لم يستمر طويلاً كما كان مرجحاً له، ففي العام 2020 عاد عدد الطلاب الحاصلين على المجموع الكامل للدرجات إلى الارتفاع من جديد، وليصل إلى حوالي 58 طالباً أي بنسبة زيادة تقدر بحوالي 1060% وذلك مقارنة بالعام 2015، وتواصل هذا الارتفاع ليحقق في العام الماضي أعلى رقم له، حيث بلغ عدد الطلاب 97 طالباً بنسبة زيادة عن العام السابق قدرها 67.2%.

وعليه فإنه يمكن القول إن نسبة زيادة عدد الطلاب الحاصلين على المجموع النهائي الكامل في امتحانات التعليم الأساسي بين عامي 2005 و2022 وصلت إلى حوالي 1285%.

أما بالنسبة للشهادة الثانوية العامة، فإن البيانات المنشورة نقلاً عن وزارة التربية تشير إلى أن عدد طلاب الشهادة الثانوية العامة الذين حصلوا على المجموع الكامل للدرجات في العام 2005 بلغ حوالي 5 طلاب فقط، وفي العام 2010 زاد ليصل إلى حوالي 18 طالباً وبنسبة زيادة تقدر بحوالي 260%، وعلى خلاف التعليم الأساسي، فإن عدد الطلاب الحاصلين على المجموع الكامل في الشهادة الثانوية لم يتراجع فقط في العام 2015، وإنما لم يتمكن أي طالب من تحصيل المجموع الكامل، وبذلك تكون نسبة التراجع 100%، أما في العام 2020 فإن عدد الطلاب وصل إلى 6 طلاب واستمر بالارتفاع ليصل إلى 12 طالباً في العام الماضي أي بنسبة زيادة قدرها 100%.

ومقارنة بالتعليم الأساسي، فإن نسبة الزيادة بين عامي 2005 و2022 بالنسبة لعدد الطلاب الحاصلين على المجموع الكامل كانت أقل بكثير، إلا أنها مع ذلك تجاوزت 140%، وهي تبقى نسبة مثيرة للاهتمام والنقاش.

ماذا يمكن أن نستنتج من البيانات الإحصائية السابقة؟

تباين أعداد الطلاب الحاصلين على المجموع الكامل في شهادتي التعليم الأساسي والثانوية العامة، وتالياً نسبة المتغيرات بين فترة وأخرى، يؤكد أن هناك عوامل وأسباب مختلفة تقف خلف هذه الظاهرة انخفاضاً أو ارتفاعاً، لكن بكل تأكيد لا يمكن نسب الفضل في أي من الزيادات التي حصلت على أعداد هؤلاء الطلاب للنظام التعليمي، إذ لو كان للنظام التعليمي دور إيجابي مؤثر في ذلك لما تباينت النسبة بين فترة زمنية وأخرى، وبشكل كبير ولافت.

كما أن تباين أعداد الطلاب الحاصلين على المجموع الكامل في شهادة التعليم الأساسي والطلاب في الشهادة الثانوية يطرح إشارات استفهام كثيرة، إذ يلاحظ أنه مقابل الأعداد الكبيرة لـ “المسكرين” في التعليم الأساسي فإن عدد نظرائهم في الشهادة الثانوية العامة كان أقل بكثير، فمثلاً في العام 2022 كانت نسبة عدد “مسكرين” الشهادة الثانوية إلى عدد “مسكرين” التعليم الأساسي حوالي 12% فقط، فيما يفترض أن تكون النسبة متقاربة بعض الشيء، فالتفوق عملية مستمرة يدعمها نظام تعليمي متطور.

 

تباين عدد الطلاب الحاصلين على المجموع الكامل في شهادتي التعليم الأساسي و الثانوي في سوريا

تباين عدد الطلاب الحاصلين على المجموع الكامل في شهادتي التعليم الأساسي والثانوي.. ما هي الأسباب برأيكم؟

اقرأ أيضاً