أثر برس

الجمعة - 26 أبريل - 2024

Search

خيبة أمريكية جديدة لـ”قسد” والأخيرة أمام مفترق طرق

by Athr Press Z

بعد مرور أقل من عام على خيبة الأمل الأولى التي تلقتها “قوات سوريا الديمقراطية” من داعمتها أمريكا، تجدد الأخيرة المشهد بتخلي جديد عن الأكراد، حيث انسحبت القوات الأمريكية من مناطق شمالي شرق سورية التي تنتشر فيها “قسد” ذات الغالبية الكردية في نفس الوقت الذي تصعّد فيه تركيا من تهديداتها ضد “الوحدات الكردية” بشن عملية عسكرية ضدهم، ما يشار إلى احتمال توجه “قسد” نحو مسارات جديدة.

وبالعودة قليلاً بالزمن إلى الوراء نجد أنه منذ بدء المحادثات الأمريكية-التركية الجدية بخصوص مشروع “المنطقة الآمنة” شمالي شرق سورية، التزم الأكراد الصمت تماماً، وقرروا تسليم زمام الأمور للأمريكان وأبدوا لهم الانصياع الكامل، حيث أعلنوا بعد أيام عن ترحيبهم بمشروع “المنطقة الآمنة” واستعدادهم لتنفيذ كافة الأوامر بخصوص هذا الملف، وفعلاً قاموا بسحب بعض قواتهم من بعض مناطق الشمال السوري نزولاً عند الرغبة الأمريكية، في حين نقلت وكالة “باسنيوز” الكردية عن مصادرها في ذلك الوقت أن الإدارة الأمريكية تحاول الضغط على “الوحدات الكردية” لتبدي المرونة حيال “المنطقة الآمنة”.

لكن عندما صعدت تركيا من حدة تهديداتها بشن عملية عسكرية وإرسال تعزيزات عسكرية إلى الحدود السورية-التركية، ما تسبب بخلق حالة من القلق بين صفوف “قسد” حيث صرّح مسؤولون أكراد بأن تركيا تبدو جادة بتهديداتها، قررت أمريكا سحب قواتها من الشمال السوري وفتحت الطريق أمام تركيا لشن عملية عسكرية ضد “قسد”، ليكون هذا القرار بمثابة صدمة للأخيرة، فأصدرت بياناً أكدت فيه أن أمريكا لم تفِ بالتزاماتها معها وسحبت قواتها من مدينتي رأس العين وتل أبيض.

كما نقلت وكالة “رويترز” عن مسؤول أمريكي قوله: “إن الولايات المتحدة أبلغت قائد قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد صباح اليوم الاثنين، أن القوات الأمريكية لن تدافع عنها في مواجهة الهجمات التركية في أي مكان”.

هذه الخيبة مشابهة جداً للخيبة التي تلقتها “قسد” عندما أعلن ترامب عن قرار الانسحاب من سورية في كانون الأول الفائت، لكن هذه المرة المشهد أصعب بكثير كون أن الأكراد يتعرضون حالياً لتهديد تركي حقيقي ومباشر بشن عملية عسكرية ضدهم.

وليس مستبعد أبداً أن يكون تأثير هذا القرار الأمريكي على “قسد” داخلياً مشابهاً لتأثير قرار الانسحاب الأمريكي، حيث شهدت صفوف “قسد” حينها  الكثير من الخلافات والانقسامات بين من فقد ثقته بالأمريكيين وبات يرغب بالعودة إلى الدولة السورية وبين من يريد الاستمرار على تحالفه مع الإدارة الأمريكية، وتجدر الإشارة أنه في ذلك الوقت كانت “قسد” لا تزال تحافظ على قاعدة شعبية لها لأنها كانت قادرة على الظهور بصورة المحارب ضد تنظيم  “داعش” بمساعدة أمريكا، لكن في هذه المرحلة فقدت “قسد” قاعدتها الشعبية وبات المدنيين يطالبون بخروج “قسد” والقوات الأمريكية من مناطقهم وعودة الدولة السورية إليها بسبب ممارساتها وحالة الفلتان الأمني التي سادت في المنطقة، ما يشير إلى أن موقف بعض مكونات “قسد” الراغبين بالحفاظ على علاقتهم مع واشنطن بات ضعيفاً مقارنة بموقف الداعين للعودة إلى الدولة السورية، خصوصاً وأن الموقف الأمريكي أثبت صحة تصريحات بعض الأكراد لوكالة “عربي اليوم” الذين أكدوا سابقاً أن الولايات المتحدة الأمريكية مهما جرى فإنها لن تدخل بأي حرب إلى جانب الأكراد ضد تركيا التي لطالما كانت حليفة واشنطن رغم كل الخلافات مؤخراً، مشيرين إلى أن المنطقة لن تكون بمنأى عن الحرب إلا في حال جرى الاتفاق بين “قسد” والحكومة السورية، لافتين إلى أن التعويل على الولايات المتحدة الأمريكية لن يجلب سوى المزيد من الخيبات للأكراد الذين “وضعوا البيض كاملاً في السلة الأمريكية”، وكذلك الأمر ناشد رئيس حزب “سوريا المستقبل” الكردي إبراهيم اليقظان، خلال لقاء على “روسيا اليوم” الدولة السورية بالتدخل في حال أقدمت تركيا على عمل عسكري.

هذا الواقع تحدث عنه مسبقاً الرئيس بشار الأسد، برسالة توجه بها إلى “قسد” أكد خلالها أنه لن يحميهم سوى الدولة السورية وأن أمريكا تستغلهم لتنفيذ مشاريعها الاحتلالية فقط وفي النهاية ستتخلى عنهم، وهذا مايحصل الآن حيث أفادت قناة “الميادين” بأن الروس أبلغوا الأميركيين بنيتهم دخول منطقة منبج برفقة القوات السورية.

واضح أن الولايات المتحدة ومن حيث لا تدري قدمت لـ”قسد” فرصة جديدة لتتمكن من التفكير باستقلالية لتحديد مصيرها، وبالتالي هي الآن أمام فرصة لتغيير مسيرها والعودة إلى الدولة السورية ليتم التعامل معها كمكون من الشعب السوري وبالتالي المشاركة في الحل السياسي للحرب في سورية، ومن جهة أخرى واضح أيضاً أن الدولة السورية بالرغم من تصريحات بعض مسؤوليها التي تشدد على أنهم سيتعاملون مع “قسد” كقوة احتلالية إن بقيت مصرة على التحالف مع أمريكا، لم تتخذ إلى الآن أي إجراء ضدهم، لتجعلهم أمام فرصة أخرى ليختاروا طريقهم وربما كانت تنتظرهم ليواجهوا خيبة جديدة من واشنطن كهذه التي تحصل الآن.

زهراء سرحان

اقرأ أيضاً