أثر برس

الأحد - 28 أبريل - 2024

Search

إنتاج الكهرباء في سوريا يعود 30 عاماً إلى الوراء!

by Athr Press G

خاص|| أثر برس سجّلت إنتاجية الكهرباء في سوريا هذا العام تراجعاً كبيراً وهو الأول من نوعه على مدار العقود الثلاثة الماضية، أي منذ عام 1993 تقريباً، حيث انخفض إجمالي إنتاج الكهرباء في البلاد في عام 2023 إلى (12.900 مليار كيلو واط ساعي)، وذلك بنسبة 29 % مقارنة بإنتاج العام 2022 والبالغ حينها (18.216 مليار كيلو واط ساعي)، وتراجع بنسبة 74 % مقارنة بإنتاج عام 2011، وبات يلامس إنتاج عام 1993.

إنّ الرقم الذي صدّرته وزارة الكهرباء يوم أمس، حول إجمالي إنتاج البلاد من الطاقة الكهربائية، ليس رقماً عادياً- إن كان دقيقاً-، وإنما يشير في مضمونه لتأكيد فعلي على عدم نجاح الخطة التي كانت مرسومة للقطاع الكهربائي قبل 3 سنوات، فما هي الأسباب التي أدت إلى ذلك؟

مراجعة سريعة لأرقام إنتاج الكهرباء في سوريا:

العودة تاريخياً إلى السنوات الماضية لإنتاجية البلاد من الكهرباء من مختلف مصادرها في الإطار العام، تبين حجم التغيرات التي طرأت والتطورات التي حدثت في قطاع الكهرباء، ففي عام 1990 كانت سوريا مكتفية كهربائياً، وبحجم إنتاج أقل مما هو ينتج حالياً، وذلك لعدم وجود استهلاك كبير آنذاك، حيث كان إنتاج سوريا حينها (11.611 مليار كيلو واط ساعي/11611 جيغا واط ساعي).

ثم بدأ الإنتاج يزداد بالتوازي مع التطورات الاقتصادية المحلية، وتوسع وزارة الكهرباء بعدد محطات التوليد في البلاد لاحقاً ليرتفع تدريجياً إلى (12.638 مليار كيلو واط ساعي/12638 جيغا واط) في عام 1993، ثم وصل إلى (25.217 مليار كيلو واط ساعي/ 25217 جيغا واط) عام 2000، ثم ارتفع بعد 10 سنوات إلى (49.253 مليار كيلو واط ساعي) في عام 2011 أي في مرحلة ما قبل الحرب وهي كانت ذروة الإنتاج محلياً على مرّ تاريخ الكهرباء البلاد، بحسب بيانات (الوكالة الدولية للطاقة IEA) وبيانات وزارة الكهرباء الرسمية التي تم الحصول عليها.

ومنذ بداية عام 2012، بدأ إنتاج البلاد بالانخفاض تدريجياً، ليسجل أدنى مستوى له في عام 2016 عندما أنتجت البلاد (17.600 مليار كيلو واط ساعي)، ولكن خلال السنوات اللاحقة حتى نهاية عام 2022، مرّ إنتاج الكهرباء بحالة عدم استقرار بين ارتفاع وانخفاض، فبعد أن وصل إلى (26.001 مليار كليو واط ساعي) في عام 2019، عاد لينخفض إلى (18.216 مليار كيلو واط ساعي) نهاية عام 2022، بحسب بيانات خاصة من وزارة الكهرباء حصل عليها “أثر برس” مسبقاً.

أمّا في عام 2023 فقد بلغ إنتاج وزارة الكهرباء لوحدها نحو (12.9 مليار كيلو واط ساعي/ 12900 جيغا واط)، بحسب ما أعلنت عنه وزارة الكهرباء في مذكرة صادرة عنها حول الأعمال المنجزة خلال العام الحالي.

وبحسب المذكرة، التي نقلت مضمونها صحيفة “الوطن” المحلية: “بلغ إجمالي توليد الكهرباء لهذا العام ما يزيد على 13.3 مليار كيلو واط ساعي، منه 12.9 مليار كيلو واط ساعي من إنتاج المحطات التابعة لمؤسسة توليد الكهرباء، أما الكمية المتبقية فهي من إنتاج المحطات التابعة لوزارة النفط والثروة المعدنية ووزارة الموارد المائية”.

إنتاج البلاد يعود 30 عاماً إلى الوراء!

على صدى إعلان وزارة الكهرباء اليوم عن إجمالي إنتاجها لهذا العام، يعود للأذهان تصريح وزارة الكهرباء بتاريخ 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2021 بأنّ البلاد ستشهد تحسناً خلال عام 2023 بعد الانتهاء من إجراءات تقوم بها الوزارة تتنوع بين صيانة وإنجاز مشاريع في هذا الإطار.

وحينها، جاء التصريح على لسان مسؤول كبير في الوزارة، نقلته إذاعة “شام FM” المحلية، وكشف حينها عن مشاريع عربية كبيرة ستوقع وستزيد من كميات الكهرباء في البلاد، مضيفاً أن هناك كميات من الكهرباء سيتم ضخها العام القادم، وسيكون هناك تحسن ملحوظ في 2022، أما في 2023 سيعود إنتاجنا من الكهرباء لما قبل عام 2011.

وبالعودة إلى أرقام وزارة الكهرباء، ولإسقاطها بين التصريحات، نلاحظ أنّ إنتاج الكهرباء في عام 2023 تراجع بنسبة، 29 % مقارنة بإنتاج 2022، وتراجع بنسبة 74 % مقارنة بإنتاج عام 2011، أمّا بالمقارنة بالفترة الأبعد، نجد أنّ مستوى إنتاج البلاد عام 2023 عاد إلى إنتاج لما قبل؛ قبل عام 2011، وكان ملامساً تقريباً لما كانت تُنتجه البلاد عام 1993!

لماذا عام 2023 هو “الأسوأ” كهربائياً؟

لم تتوقف الأعمال التي قامت بها وزارة الكهرباء على مدار السنوات الماضية حتى نهاية 2023، سواء من جهة إعادة تأهيل وإصلاح المحطات وشبكات الكهرباء والأبرز من بينها إدخال مجموعتين من محطة توليد حلب الحرارية، وكذلك إنشاء محطات جديدة كاستكمال توسع محطة “الدير علي” جنوب دمشق، وبناء محطة “الرستين” في اللاذقية.. وغيرها، لكن هذا العام كان هناك انخفاض ملحوظ أكدته الأرقام الكهربائية المنشورة.

في هذا الإطار، يعيد مدير المؤسسة العامة لتوليد الكهرباء في سوريا عمر البريجاوي في تصريح لـ”أثر برس”، التأكيد على أنّ “الوزارة هذا العام أنجزت العديد من المشاريع واستطاعت إدخال قرابة 400 ميغا جديدة إلى الخدمة”.

ويضيف البريجاوي: “إنتاج التوليد يرتبط بكميات الغاز والفيول التي تصل للوزارة وعمل الكهرباء بطاقتها العظمى”، مبيناً أنّ العمل مستمر في استكمال المشاريع المرتبطة بمحطات التوليد، وسيتم قريباً جداً إدخال مجموعة جديدة باستطاعة 130 ميغا من محطة توليد بانياس، والتي توقفت منذ عام تقريباً.

ولفت البريجاوي، إلى التأثير الذي حصل على إنتاج المؤسسة على خلفية تشغيل معمل الأسمدة خلال الفترة الماضية والذي أعيد تشغيله حالياً، وقال: “المعمل يستجر كميات كبيرة تصل إلى 1.2 مليون متر مكعب من الغاز، هذا يخسر الوزارة إنتاج كهربائي يصل إلى 300- 350 ميغا، وهذا رقم كبير تمثل 20 % ما تنتجه المؤسسة حالياً”.

وفي سياق متصل، يؤكد مدير التوليد أنّ “جميع محطات التوليد في الخدمة تعمل وفق الممكن ولا يوجد فيها أيّة مشكلة أو تقصير وعملها يرتبط بحوامل الطاقة المتوافرة من الغاز والفيول المُستجرّة من وزارة النفط”، وهناك محطات جاهزة للعمل ولكن تحتاج إلى وقود، كمحطة الرستين في اللاذقية التي أصبحت جاهزة ولكن تحتاج إلى وقود للتجريب وإتمام عمليات الاستلام من الجهة المنفذة.

وبالعموم، يتفق الخبراء في الشأن الطاقوي، مع البريجاوي، في الأسباب التي أدت إلى حالة غير مستقرة في الإنتاج الكهربائي في البلاد، سواء فيما يتعلق بنقص حوامل الطاقة (الغاز، والفيول) وحتى المازوت الذي يستخدم في بعض المجموعات المحلية وسبب ذلك خروج آبار النفط عن سيطرة الدولة السورية، وبالتالي انخفاض كميات الفيول الواصلة إلى مصفاتي “بانياس وحمص”.

ويضيف الخبراء، أدت العقوبات الاقتصادية وخاصة “قيصر” إلى فرض قيود كبيرة حدّت من حركة البواخر التجارية الناقلة للمشتقات النفطية إلى البلاد، إضافة إلى ذلك، أثرت تلك الإجراءات على أيّة مجالات كان بالإمكان التعاون فيها مع دول خارجية أو حتى على مستوى الاستثمارات والمشاريع التي تتعلق بالقطاع الأجنبي الخاص في سوريا.

كما يشير الخبراء إلى أمر آخر، وهو التدمير الممنهج الذي تعرضت له شبكة الكهرباء السورية خلال سنوات الحرب، وكذلك السرقات الكبيرة التي طالت تجهيزات ضخمة من أمراس مختلفة الاستطاعات، وخاصة التوترات العالية منها، وقطع غيار لمجموعات توليد، ومحطات تحويل، ومراكز تحويل بمختلف الاستطاعات التي كانت موجودة.

إنتاج الكهرباء في سوريا يعود 30 عاماً إلى الوراء!

إنتاج الكهرباء في سوريا يعود 30 عاماً إلى الوراء!

 

قصي المحمد

 

اقرأ أيضاً