أثر برس

الثلاثاء - 30 أبريل - 2024

Search

لا تغير استراتيجي في مستوى العلاقات.. خبراء لـ”أثر”: الحديث عن تقارب تركي من سوريا تكتيكي وليس استراتيجي

by Athr Press Z

خاص|| أثر برس برز خلال اليومين الفائتين العديد من التصريحات التركية التي أثارت الجدل في الأوساط السياسية حول الملف التركي في سوريا، محور هذه التصريحات يدور حول احتمال حدوث تقارب سوري-تركي، وآخرها كان إعلان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، عقد لقاء مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، خلال اجتماع دول عدم الانحياز في بيلغراد.

تصريح أوغلو، جاء بعد يومين من خبر نشرته صحيفة “تركيا” مفاده أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، طلب من نظيره التركي رجب طيب أردوغان، إجراء اتصال مع الرئيس بشار الأسد، ليعلق المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، على هذه الأنباء بتأكيده على أن هذا الملف مرتبط بأنقرة ودمشق.

حديث الصحيفة التركية نفاه أوغلو، أمس الخميس بتأكيده على أن هذا الاتصال غير وارد حالياً، وذلك بعد تأكيد مصادر سورية رفيعة على أنه لا يوجد حالياً أي نية لإجراء مثل هذا الاتصال، ما يشير إلى وجود خلفيات محددة من إثارة مثل هذه التصريحات، حيث أشار المختصون إلى أنه ثمّة تفاصيل لا بد من مناقشتها بخصوص هذا الملف للوصول إلى نتيجة موضوعية ومنطقية، كمسألة حجم الحاجة التركية لإحداث هذا التقارب والعلاقات التي تربط أنقرة مع دول فاعلة في الملف، ومتطلبات هذا التقارب وشروط نجاحه، وعراقيله.

لماذا تركيا بحاجة لهذا التقارب وما هي متطلباته؟

التطور الذي تشهده المواقف التركية من الدولة السورية، يتزامن مع أزمات عدة تعيشها الحكومة التركية الحالية لا سيما على صعيد الاقتصاد، ويوضح في هذا الصدد الباحث المتخصص بالشأن التركي أحمد الإبراهيم، في حديث لـ “أثر”: “أن أردوغان اليوم يواجه مطالبات داخلية لإعادة فتح علاقات بلاده مع دمشق، خاصة أنّ تركيا تقترب من الانتخابات الرئاسية التي ستجري العام القادم”، ويتفق مع الإبراهيم أستاذ العلاقات الدولية الدكتور بسام أبو عبد الله الذي قال في تصريح لـ “أثر”: “لتركيا مصلحة كبيرة فيما صدر من تصريحات حول الاتصال بين الرئيس بشار الأسد وأردوغان”، مشيراً إلى أن أحد أهم متطلبات هذه التقارب هو ملف اللاجئين السوريين وضغوطات الرأي العام التركي لحله، حيث قال: “أردوغان يحتاج إلى إحداث تطور يتماشى مع رغبة الشارع التركي لحل هذا الملف الذي يُعد ثاني أكثر قضية تهم الشعب التركي بعد الوضع الاقتصادي، ولا يمكنه ذلك دون تواصل بين الطرفين، أي الحكومة السورية والتركية، لافتاً إلى أن الحل الذي سبق أن طرحه أردوغان، والذي يتعلق بتوطين اللاجئين السوريين في الشمال السوري من خلال إنشاء “منطقة آمنة” لهم يعتبر فاشلاً، حيث قال: “مشروع المنطقة الآمنة وإمكانية توظيفه لحل مسألة اللاجئين، هو مشروع فاشل ولن يأتي بنتيجة لأنه لا يوجد ما يجبر 4 مليون سوري للعيش في منطقة أطلقت عليها تركيا مسمى آمنة”.
أما بخصوص متطلبات هذا التقارب، فيؤكد عبد الله، أن أي اتصال رسمي بين تركيا وسوريا، يحتاج إلى تعهد تركي بالانسحاب من الأراضي السورية قبل كل شيء.

عقبات هذا التقارب

الحديث عن عقبات هذا التقارب يرتبط بالمشروع التركي في سوريا، والعلاقات الخارجية التي تربط أنقرة ببعض الدول الفاعلة في الملف السوري، ويقول الإبراهيم في هذا الصدد: “إنّ أردوغان موظف ضمن مشروع، ولا يمكنه أن يتخذ قرارات دائماً، فالعملية تكتيكية وليست استراتيجية”.

وكذلك يتطلب هذا التقارب احترام تركيا لسيادة الدولة الدولة السورية، والامتناع عن شن أي عملية عسكرية على أراضيها، فيما تشير المعطيات الميدانية إلى أن تركيا صعّدت خلال الأيام القليلة الفائتة وتيرة استهدافاتها لمناطق في الشمال السوري، ضد “قوات سوريا الديمقراطية- قسد”، وفي هذا الصدد يشير الإبراهيم، إلى أنّ “ما حصل وربما سيحصل هو اختراق لما تم الاتفاق عليه في قمة طهران، وأغلب بنود القمة هو التركيز على الحل السياسي بالإضافة إلى عدم السماح لتركيا بفرض الأمر الواقع، بحجة محاربة الإرهاب”.

وفي هذا السياق، تحدثت سابقاً صحيفة “حرييت” التركية عن بدء تشكيل لجنة مشتركة بين تركيا وسوريا لمناقشة عدة ملفات منها التوترات في المنطقة، مشيرة إلى احتمالات شنّ عملية عسكرية مشتركة بين تركيا وروسيا وإيران وسوريا ضد “قسد”، الأمر الذي اعتبره أستاذ العلاقات الدولية بسام أبو عبد الله، غير ممكناً، لأن التعاون بين الأطراف المعنية بمحاربة الإرهاب يجب أن يكون متفق عليه لكل المناطق، وليس مناطق سيطرة “قسد” فقط، حيث يوجد في مدينة إدلب “فصائل مسلحة” مدعومة من تركيا تطلق عليها اسم “معارضة معتدلة” وهم ليسوا كذلك، والقضاء عليهم يحتاج إلى تعاون عسكري مشترك بين سوريا وروسيا وتركيا وإيران.

كما أوضح أبو عبد الله، أنّ “قسد” باتت ورقة بيد الحكومة السورية، ولن تخسرها دون أن يكون هناك مقابل لها، في إشارة إلى الانسحاب التركي من الأراضي السورية بما في ذلك إدلب.
ومن جهة أخرى أشار الباحث المختص بالشأن التركي أحمد الإبراهيم، إلى أن إطلاق عملية ضد “قسد”، تعني أن هناك مواجهة ستحصل مع القوات الأمريكية، ولا يمكن لأردوغان الدخول فيها، لأنه إن حصل ذلك، فهو تغير ومنعطف دولي كبير، لأن مستوى العلاقات التركية-الأمريكية لا تسمح لأردوغان أن يخرج عن الخط الأمريكي، وأن خروجه عن الخط الأمريكي سيجعل لديه مشاكل كبيرة تزيد عن حجمه، وبنفس الوقت أصبح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم حاجة دولية، فهو يريد أن يغازل روسيا من جهة، وبنفس الوقت متمسك بيده الأخرى مع الولايات المتحدة الأمريكية”.

ويخلص الخبراء إلى أنه ثمّة متغيرات تطرأ على السياسة التركية إزاء سوريا، مشيرين إلى أن المرحلة الحالية باتت أكثر أهمية للجانب التركي لإعادة ترتيب أوراقه مع دمشق، ولكن ذلك سيكون ضمن حدود معينة، كون تركيا اليوم هي حليف للولايات المتحدة الأمريكية ولن تغامر في فتح علاقاتها مع دمشق، لافتين إلى أن احتمال حدوث اتصال لا يزال وارداً لكنه سيكون محدود جداً ولأهداف محددة أي لن يحدث تغيراً استراتيجياً في مستوى العلاقات السورية- التركية، وسيبقى ذلك مشروطاً بالانسحاب التركي من الأراضي السورية.

 

قصي المحمد

اقرأ أيضاً