خاص || أثر برس بدأت تصل إلى سوريا بواخر محملة بالسيارات منذ سقوط النظام السابق، وهنا تفاوتت أراء الخبراء الاقتصاديين بين مرحب بقرار استيرادها ومعارض له، وبناء عليه، فتح “أثر” ملف استيراد السيارات لمعرفة انعكاسه على الاقتصاد السوري، مع قراءة حول تهيئة البنية التحتية لهذا الاستيراد.
صالح الأكرم، صاحب معرض لبيع السيارات في دمشق أوضح لـ “أثر” أنه منذ سقوط النظام وانفتاح السوق أمام البضائع الأجنبية، والتي تعتبر السيارات أهمها، نشطت حركة شراء السيارات، أسوة بانخفاض أسعارها.
وأكد أن خسائر التجار عند دخول السيارات المستوردة بأسعار منخفضة جداً، ساهمت بإغلاق معارض عدة للسيارات، الأمر الذي أوجد تجار جدد بسوق السيارات.
وتابع: “دخول السيارات من الشمال السوري ومن الخارج، بأسعارها المنخفضة مقارنة بأسعار السيارات بسوريا قبل سقوط النظام، فتح باب التجارة الكبيرة بقطاع السيارات، إذ يتعمد التجار على شراء السيارات من الشمال السوري وخاصة إدلب، ويبيعوها بدمشق بأسعار تفوق نصف سعرها بإدلب”.
فوضى بسوق السيارات:
بدوره، الخبير الاقتصادي الدكتور مجدي الجاموس، أوضح لـ “أثر” أنه خلال 3 أشهر تجاوز استيراد ودخول السيارات لسوريا 110 ألف سيارة، من خلال اطلاعه على الإحصائيات.
وبرأيه، ينعكس استيراد السيارات المترافق مع انعدام البنية التحتية، وغياب أنظمة فراغ السيارات، التي مازالت متوقفة بأغلب المحافظات، بفوضى عارمة بسوق السيارات.
ويرى أن لجوء تجار السيارات للاستيراد باستمرار، سيحد من تطوير نظام مرور داخلي، ويولد فوضى عارمة بعمليات البيع والشراء، مضيفاً أن المطلوب أن نتوافق مع التطورات الحاصلة بدول العالم بتحولها للسيارات الكهربائية.
وأشار إلى أن النظام السابق كان يتبع سياسة امتلاك السيارات عبر المنع والقيد والحصر ونسبة الرسوم الجمركية المرتفعة جداً، والبنية التحتية كانت مؤسسة على أساس هذا الكم من السيارات.
مكب للسيارات المتهالكة:
واعتبر أنه إذا استمر الاستيراد بهذه الوتيرة، ربما يصبح السوق السوري مكب للسيارات المتهالكة، سواء الداخلة من الشمال السوري أو من معبر نصيب الحدودي أو عبر البواخر.
ووفقاً لـ د.”الجاموس”، اليوم ليس المطلوب الاستثمار بسوق السيارات، ولا يجب أن تكون ثقافة الرفاهية بامتلاك السيارات الخاصة، كونها تتطلب بنية تحتية مهمة جداً بقطاع السيارات، كالشوارع والنظام المروري ووفرة الوقود بشكل كبير، فعملية فتح المجال لاستيراد السيارات عملية تجارة لأشخاص متنفذين للحصول على كم كبير من الأرباح.
أسعار السيارات:
وعن أسعار السيارات الجديدة فيقول الدكتور الجاموس إنها منخفضة تقريباً، إذ تبدأ من 5 آلاف دولار، ولكن حتى هذا المبلغ لا يناسب دخل الأفراد والوضع المعيشي الحالي، منوّها إلى أنه رغم دخول السيارات من الشمال بأسعار أقل من التي كانت تطرح عند شراء سيارة قبيل سقوط النظام، لكن لا تعتبر أسعارها منخفضة كونها -مقارنة بدول الجوار- مازالت مرتفعة، ولكن بالمقارنة بين ما كانت عليه وسعرها الحقيقي، قد نلمس انخفاض الأسعار، خاصة أن التخلص من سياسات النظام السابق أعطى قيمة الأسعار الحقيقية إضافة لتخفيض الرسوم الجمركية.
الحل بتخفيف استيراد السيارات:
وحول انعكاس استيراد السيارات على القطع الأجنبي، استغرب الدكتور الجاموس من استخدام سياسة حبس السيولة بالبنك المركزي بذريعة عدم وجود سيولة نقدية للحفاظ على سعر الصرف، وبالمقابل يسمح بخروج ملايين الدولارات للخارج لاستيراد السيارات.
ويرى أن اليوم يجب أن يكون أساس بناء السياسات النقدية الحصول على الاحتياط النقدي، أي السيولة لدى الأفراد لوضعها بالبنك المركزي والمصارف، للبدء بتدوير عجلة الاقتصاد السوري، فالسوق اليوم بحاجة للقطع الأجنبي نتيجة العقوبات وعدم وجود نظام التحويلات المصرفية “سويفت”.
ويعتقد الدكتور الجاموس أنه يجب على الحكومة وضع سياسات لتخفيف استيراد السيارات بما يتوافق مع البنية التحتية ومع أولوية القطاع الذي يجب الاستثمار فيه، وإخراج الأموال بالقطع الأجنبي لاستيراد الآلات اللازمة للمصانع ولتحريك القطاع الزراعي والصناعي.
ويختم “د.الجاموس” حديثه مع “أثر” بالقول: “اليوم مرحلة انتقالية بعالم صناعة السيارات، والانتقال من سيارات البنزين لسيارات الكهرباء وسيارات الطاقة الشمسية يتزايد، وبالتالي التطور الصناعي والتقني يفرض الانتقال للسيارات الجديدة، لذلك يجب الحد من عملية الاستثمار بسوق السيارات؟
يذكر أنه في 26 شباط الماضي، وصلت أول باخرة نقل تجاري محمّلة بالسيارات إلى مرفأ اللاذقية، وفي تاريخ 28 نيسان، وصلت أول باخرة إلى مرفأ طرطوس محمّلة بالسيارات منذ سقوط النظام السابق، تحمل على متنها نحو 3200 سيارة.