أعلن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، أمس الجمعة، أن بلاده قررت تعيين سفير في سوريا، وذلك بعد أيام من إرسال ممثلي ثماني دول أوروبية رسالة إلى الاتحاد الأوروبي دعوا فيها إلى تعديل سياسة الاتحاد إزاء سوريا.
ونقلت وكالة “رويترز” عن تاياني، أنه “تم إعلان تعيين المبعوث الخاص حالياً لوزارة الخارجية الإيطالية إلى سوريا ستيفانو رافاجنان سفيراً”.
وقال تاياني: “إن سياسة الاتحاد الأوروبي في سوريا يجب أن تتكيف مع تطور الوضع”، مضيفاً أن “إيطاليا تلقت دعماً من النمسا وكرواتيا واليونان وجمهورية التشيك وسلوفينيا وقبرص وسلوفاكيا”.
وأشار وزير الخارجية الإيطالي، إلى أن هذه الخطوة هي جزء من الرسالة التي أرسلها ممثلو 8 دول من الاتحاد الأوروبي، الممثل الأعلى للاتحاد للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، وفي هذا الصدد أوضح وزير الخارجية الإيطالي أن: “بوريل كلف هيئة العمل الخارجي الأوروبية بدراسة ما يمكن فعله”، مضيفاً أن تعيين سفير جديد “يتماشى مع الرسالة التي أرسلناها إلى بوريل… لتسليط الضوء على سوريا”.
ولفت تقرير نشره موقع قناة “الحرة” الأمريكية، إلى أن تعيين إيطاليا سفيراً لها في سوريا، هي خطوة من شأنها أن تخلق انقاسامات في الاتحاد الأوروبي.
وفي 22 تموز الجاري، أفاد تقرير لوكالة الأنباء الألمانية بأن ممثلي 8 دول من الاتحاد الأوروبي، أرسلوا رسالة إلى بوريل، اقترحوا فيها جملة من الإجراءات من ضمنها تعيين مبعوث خاص إلى سوريا، وذلك وفق ورقة مناقشة قُدّمت في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، ووقع على هذه الورقة كل من إيطاليا والنمسا وكرواتيا والتشيك وقبرص واليونان وسلوفينيا وسلوفاكيا.
وأشارت الرسالة إلى أن السياسة التي يتبعها الاتحاد الأوروبي لم تجدِ نفعاً، سيما سياسة العقوبات، لافتة إلى أنه “فيما يتعلق بالعقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي في الماضي، لم يكن لها التأثير المطلوب وكان لها تأثير سلبي في عامة السكان أكثر من تأثيرها في صناع القرار”.
وبهذا تكون إيطاليا أول دولة من مجموعة الدول السبع التي تستأنف عمل بعثتها الدبلوماسية في دمشق منذ عام 2011.
يشار إلى أن روما أوقفت عمل بعثتها الدبلوماسية في سوريا عام 2012، إذ دعت حينها جميع الموظفين من سفارتها بدمشق في 2012، وعلقت النشاط الدبلوماسي في سوريا.
أكد السفير الروسي في سوريا ألكسندر يفيموف، أن ما يتم تداوله في وسائل الإعلام حول مسار التقارب السوري- التركي سابق لأوانه.
وأشار يفيموف، في لقاء أجراه مع صحيفة “الوطن” السورية أن “آلية الحوار الرئيسية حول هذه القضية هي الصيغة الرباعية (روسيا وإيران وسوريا وتركيا)، وفي إطاره، تستمر الجهود الرامية إلى تقريب التوجهات الأساسية بين دمشق وأنقرة”.
وأضاف أنه “أعتقد أن كل ما تنشره وسائل الإعلام سابق لأوانه، لأن إجراء اتصالات مباشرة بين ممثلي الجمهورية العربية السورية والجمهورية التركية بشأن التطبيع يجب أن يسبقه إعداد دقيق، وهو جارٍ على قدم وساق”.
وشدد على أن إعادة العلاقات السورية- التركية كما كانت في الماضي، ستؤثر آثاره الإيجابية في المنطقة بشكل عام وليس فقط على سوريا والعراق، وقال: “لن يجادل أحد بأن استعادة العلاقات السورية- التركية التي كانت تتسم سابقاً بحسن الجوار، لن يكون لها تأثير إيجابي في الحالة في الجمهورية العربية السورية فحسب، بل ستسهم أيضاً في تحسين الوضع في المنطقة عموماً، وفي الوقت نفسه نرى أنه من المُفيد إشراك دول أخرى في هذه العملية من أجل تنشيط الخطوات ذات العلاقة”.
وتعقيباً على الوضع الميداني في سوريا سيما في منطقة التنف التي توجد فيها قوات أمريكية قال يفيموف: “لا يمكن تحقيق الاستقرار والأمن في الجمهورية العربية السورية وما حولها إلا بالاحترام غير المشروط لوحدة سوريا وسيادتها على كامل ترابها واستقلالها وسلامة أراضيها”.
ونوّه السفير الروسي في سوريا، إلى مسار “اللجنة الدستورية” مشيراً إلى أن هذا المسار توقف بعد أن “فقدت سويسرا مكانتها بوصفها منصة محايدة بانضمامها إلى العقوبات المفروضة على روسيا. ولم يكن من الممكن حتى الآن إيجاد مكان بديل”، موضحاً أن “العمل في هذا الاتجاه يجري بشكل حثيث”.
وتابع أنه “تمَّ اقتراح بغداد بوصفها أحد الأماكن لاجتماعات اللجنة الدسـتورية، لكن لم يتم التوصل بعد إلى توافق حول الخيار العراقي” مبيّناً أنه “في هذا الصدد، يتم أيضاً الأخذ بالحسبان العواصم العربية الأخرى بمنزلة منصة جديدة، ونحن من جانبنا سندعم أي خيار يتفق عليه المشاركون في المفاوضات التي ستجري بين السوريين بهذه المِنَصّة”.
يشار إلى أن السفير الروسي ألكسندر يفيموف، يتحدث بمناسبة مرور ثمانين عاماً على تأسيس العلاقات السورية- الروسية، إذ تبادل الرئيسان بشار الأسد ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، التهاني بهذه المناسبة.
مستثمر الباصات الكهربائية لـ”أثر”: الإعفاء من تصنيف الأراضي لإقامة مراكز شحن للباصات الكهربائية
خاص || أثر برس أكد مستثمر الباصات الكهربائية مصطفى المسط لـ ”أثر” أنه يتم العمل على تحديد عدد من الأراضي لإقامة مراكز لشحن الباصات، بالتعاون مع وزارة الزراعة، إلا أن الأراضي كلها تخضع لعدد من التصنيفات التي من خلالها يتم توزيعها وتخصيصها في مختلف المجالات.
وأضاف: تمت مخاطبة وزارة الزراعة، للإعفاء من موضوع تصنيف الأراضي واعتبار المشروع مشروعاً حيوياً كون المحطات المراد إقامتها تحتاج إلى أراض سهلية، وجميع الأراضي الخارجة عن التصنيف هي أراضٍ عالية وجبلية وذات صفة صخرية وانحدارات كبيرة، حيث أن الباصات تحتاج إلى محطات لا تتجاوز فيها نسبة تصاعد الطريق الواصل إليها 17% فقط ليكون بالإمكان استثمار الأراضي المناسبة لهذا المشروع بكل المحافظات المذكورة دون أي تقييد، والعائدة ملكيتها لوزارة الزراعة.
ولفت إلى أن وزارة الزراعة أكدت في ردها على وجود أراضٍ كثيرة مطابقة للشروط المطلوبة من أجل هذه الغاية، وفيها بعض التكشفات الصخرية وتحتاج فقط إلى ردم وتعبيد، كما أن المرائب من المؤكد أنها ستكون بمحيط المخططات التنظيمية.
وجدد التذكير بأنه تم إرسال موافقات من قبل عدد من المحافظين لتخديم: القنيطرة – دمشق- ريف دمشق- حمص- حماة- حلب- طرطوس- اللاذقية، بباصات نقل كهربائية، مع موافقة وزارة الكهرباء الممثلة بالمركز الوطني لبحوث الطاقة وتحديدها بأن تكون الطاقة المولدة لهذه الباصات من الطاقة المتجددة، والتعهد الخطي الذي تم أخذه من المستثمر ومن المركز الوطني لبحوث الطاقة، وبما أن هذا المشروع يعتبر نقلة نوعية في تطوير منظومة النقل الداخلي في سوريا، ويعتبر الأول من نوعه بالاعتماد على الطاقة المتجددة، وهو صديق للبيئة، كما يوفر ويخفف العبء عن الوزارات ذات الصلة، بالإضافة إلى أن إنشاء البنى التحتية يصب في مصلحة نظام النقل الداخلي، ويعود بالنفع على الأهالي.
– حمص حددت موقع لمركز الشحن:
أكد “المسط” أن محافظة حمص أنهت دراستها بخصوص تحديد مواقع مراكز لشحن الباصات على الطاقة الشمسية وعددها 281 باصاً لتعمل على عدد من المحاور الطرقية، حيث بينت المديرية أنه بالتدقيق تبين وجود مساحات شاغرة ضمن المحاور المطلوبة وهي:
المحور الشمالي حمص – الرستن، يوجد مساحة 15 دونماً شاغرة في العقار رقم 199 الدارة الكبيرة.
المحور الجنوبي حمص – البريج يوجد مساحة 15 دونماً شاغرة بالعقار 133 البريج.
المحور الغربي حمص – تلكلخ يوجد مساحة 15 دونماً شاغرة بالعقار 13 أم العظام (تقع غرب محطة معالجة مياه الصرف الصحي).
المحور الشمالي الغربي حمص – مصياف يوجد مساحة 15 دونماً بالعقار رقم 21 المفرزة من العقار رقم 2 أم القصب (مجاورة للمساحة المخصصة لمكتب نقل البضائع وهي شاغرة).
أما المحور الشرقي حمص – تدمر: يوجد مساحة 15 دونماً في الفرقلس في العقار رقم 1 جبل البلعاس وهي شاغرة.
والمحور الشمالي الشرقي حمص – المخرم يوجد مساحة 15 دونماً بالعقار 2156 دير بعلبة وهي شاغرة.
علما بأن تنظيم عقود الاستثمار في المواقع المقترحة يكون وفق القوانين والأنظمة النافذة أصولاً، لاسيما بلاغ رئاسة مجلس الوزراء لعام 2022 بهذا الشأن.
رؤى مديريات البيئة:
كذلك أكد المسط لـ “أثر” صدور كتاب عن وزارة الإدارة المحلية والبيئة مطلع الشهر الحالي تطلب فيه من مديريات البيئة في المحافظات بأنه بناء على مشاركة الوزارة بإعداد دراسة حول التحول إلى النقل باستخدام الطاقة الشمسية مع الجهات المعنية، لاسيما وزارة الكهرباء، العمل على إعداد مقترح يتضمن رؤى المديريات واحتياجتها حول التحول إلى النقل الكهربائي.
فيما بيّن مستثمر الباصات، أنه تقدّم بالتماس لرئيس الجمهورية يوضح فيه العقبات التي تواجه مشروع الباصات العاملة على الطاقة المتجددة، ووضع كل حيثياته، بغية الاطلاع على ما آلت إليه مراحل تنفيذه.
توطين تجميع السيارات:
في السياق ذاته، أوضح الباحث الأكاديمي وخبير بقطاع النقل والسيارات عامر ديب لـ “أثر” أنه من الضرورة الاعتماد على ما يسمى (النقل الأخضر الإقليمي) وهو يعتمد على أن تعمل كل آلية دون الاستعانة بالوقود سواء جزئياً أو كلياً، وهذا ينطبق على الدراجات والسيارات والباصات والقطارات.
وأشار إلى أن المحيط الإقليمي بدأ بخطوات فعلية لتوطين تجميع السيارات الكهربائية والتي تشمل الباصات الكهربائية والسيارات، وكل ماله علاقة بالنقل الأخضر، وبات يحقق معدلات نمو كبيرة، لاسيما في دول مثل السعودية والمغرب والإمارات وغيرها في هذا المجال، ليحدث بما يسمى ثورة في قطاع النقل، لذا على الحكومة أن تفتح أمامه جميع التسهيلات وتعفيه من جميع الرسوم، وأن يقوم القطاع البنكي بتقديم التسهيلات والقروض اللازمة للتحول لامتلاك السيارات الكهربائية، ناهيك عن أن يكون هناك دراسة حكومية لدعم توطين هذه الصناعة، مع التأكيد على أهمية الاستيراد والتصنيع للوصول لجدوى اقتصادية بشكل عام، فاستيراد السيارات يحرك رأس المال ونحن نتحدث عن السيارات الكهربائية، وبالتالي نستطيع في هذه الفترة العمل على تجميع السيارات، وتجهيز مصانعنا المتوقفة عن العمل منذ سنوات، وتعاني من خطوط الإنتاج المهترئة والبرامج القديمة، وباتت بحاجة لقطع غالية لإعادة إنتاجها، وبالتالي استيراد السيارات ذو جدوى اقتصادية، لما له من أثر إيجابي في الأسواق، وينعكس على الفرد والمجتمع والاقتصاد أيضاّ.
دعم دون قيود:
وتساءل ديب، أنه في سوريا وبعد حرب 10 سنوات سببت خسائر كبيرة ودمار في قطاع النقل، فهل من الأفضل إصلاح ما دمر في هذا القطاع، أم السعي للانطلاق بقطاع النقل برؤية جديدة، وتكاليف أقل، وفائدة أكبر، منوهاً بأنه في ظل الظروف الحالية يبدو مهماً الانطلاق بقطاع النقل وفق رؤية جديدة.
كما أكد ديب أنه يتفق مع استيراد السيارات على حصص سنوية وتكون كهربائية بنسبة 80%، على أن تعفى من الضرائب والرسوم، أو يؤخذ عليها شيء رمزي لتشجيع التحول للنقل الأخضر، مشدداً على ضرورة تشجيع الصناعة والتجميع المحلي للسيارات.
وأوضح أنه لابد من إيجاد ضوابط لسوق السيارات المستعملة التي تستهلك الكتلة النقدية الأكبر، وأول الحلول تحويل كاملة قيمة السيارة المستعملة عن طريق البنك وفرض الدفع الإلكتروني لشركات تأجير السيارات.
لينا شلهوب – دمشق
خاص|| أثر برس انتشرت مؤخراً أنباء تؤكد أن “قوات سوريا الديمقراطية- قسد” وبدعم من قوات “التحالف الدولي” بدأت ببناء أبراج مراقبة عند الحدود السورية- العراقية شرقي دير الزور، في حين أكدت مصادر “أثر برس” أن عمليات البناء بدأت منذ شهرين.
وتتضمن عمليات البناء أبراج أسمنتية يصل ارتفاعها إلى 25 متراً مُزوّدة بكاميرات مراقبة، وأخرى حديدية يصل ارتفاعها إلى 15 متراً.
وبيّنت المصادر أنه من المقرر أن تنشر “قسد” في هذه الأبراج عناصر قناصة من الإناث حصراً.
وإلى جانب بناء أبراج عند الحدود السورية- العراقية، أكدت مصادر “أثر” أن “قسد” تواصل بناء أبراج مماثلة على امتداد السرير النهري للفرات، وسط أنباء تفيد بأن أعدادها تصل إلى 142 برجاً، موضحة أن بناء هذه الأبراج بدأ منذ بداية العام الجاري.
وأوضحت المصادر أنه بهدف بناء هذه الأبراج تعاقدت “قسد” مع متعهد في كل منطقة، إذ أشارت المصادر أن المتعهدين يتخوفون من استهداف قوات العشائر لهم، التي حذّرت سابقاً من استهداف كل يعمل في إنشاء هذه الأبراج من متعهدي بناء أو سائقي نقل للمعدات ومستلزمات عملهم.
وتمتد تلك الأبراج من قرية “جديد عكيدات، وجديد بكارة، والصبحة، وأبريهة، والبصيرة، والزر والشحيل” في ريف دير الزور الشرقي، وصولاً إلى “الباغوز” وتتجه من هناك نحو الحدود السورية – العراقية.
وفي شباط الفائت أصدرت قوات العشائر العربية في دير الزور بياناً لفتت فيه إلى أن أحد متعهدي البناء وأصحاب آليات تعاقدوا مع “قسد” لبناء أبراج مراقبة على طول سرير نهرات الفرات التي تسيطر عليها.
ويتزامن بناء هذه الأبراج مع التهديدات التي تتعرض لها مقرات وتحركات “قسد” بسبب الهجمات التي تنفذها قوات العشائر العربية ضدها، إلى جانب وجود مخاوف من تجدد الاستهدافات التي سبق أن طالت القواعد الأمريكية في الأشهر الفائتة، إذ وصل الأسبوع الفائت قائد القيادة المركزية الأمريكية مايكل كوريلا، إلى منطقة شرقي سوريا وزار عدداً من القواعد العسكرية التي تتمركز فيها القوات الأمريكية، وأفاد بيان أصدرته القيادة المركزية حينها بأن “كوريلا زار الأردن وسوريا، بين 12 و14 من الشهر الحالي، للقاء القادة وعناصر القوات الأمريكية، والحصول على فهم أفضل للوضع الأمني في المنطقة”.
عثمان الخلف- دير الزور
خاص|| أثر برس لا فرق كبير بين تأييد التقارب مع تركيا أو رفضه، باعتبار أن الحديث يتواتر بصورة متزايدة، بكثير من الرغبوية أو المخيالية، التي “تضمر” مخاوف عميقة، و”تسكت” عن وقائع بالغة الحساسية والتعقيد. ولا جدوى من النقاش في أمر يتكرر بين فترة وأخرى، لكن من دون أي منعكسات جدية على أرض الواقع، وطالما أن الواقع، كان ولا يزال، “يتحرك” بمعزل عن الخطب والتصريحات.
تقع القراءات والتقديرات المتحمسة لتصريحات التقارب في نوع من الخطأ المركب أو التصنيفي –إذا استعرنا تعابير فريديريك جيمسون- والخلط بين: الرأي، والتحليل، والتقييم. المشكلة في قراءات من هذا النوع أن أي خطاب أو تصريح “يعيد إنتاج” تصور المشهد ككل، من دون أي “ربط” بينه وبين الواقع.
الرأي؟
ان الحديث عن “التقارب” مسألة جذابة كفكرة، لكنه ليس كذلك في الواقع، أو أنه لا يصبح كذلك عند محاولة “تصييره واقعاً”: من أين تكون البداية، وماهي “خارطة الطريق”، وكيف يمكن التنفيذ، وما الذي يمكن التوافق عليه، وما الذي لا يمكن التوافق عليه؟ تحيل الأسئلة إلى أمور بالغة التعقيد، وغالباً ما تُحال إلى مرحلة لاحقة مفترضة.
ثمة مخيالية ورغبوية هنا، كما تتكرر الإشارة. لا بأس أن تتحدث الأطراف عن التقارب، علَّ الحديث يسهم في زحزحة المدارك والهواجس والتقديرات السلبية العميقة، بشرط ألا تحدث أمور في الميدان تعكر خط الحديث أو تعرقله. لا من قبل الطرفين نفسيهما، ولا من قبل أطراف ثالثة.
هل ذكرنا أطرافاً ثالثة؟ هذا خطر جداً، لعل من الأفضل السكوت عنه، من منظور الحماسيين والمتعجلين. ماذا نستطيع أن نقول مثلاً حيال واشنطن أو تل أبيب مثلاً؟ ألا “تَمُونان” على أنقرة؟ وماذا تفعل الأخيرة أن قَدَّمَت لها واشنطن عرضاً مناسباً بشأن “دمشق” أو “قسد”؟ أو ضغطت عليها بشدة للحد من أي تقارب محتمل بينها وبين دمشق؟ تقول المواقف الرغبوية: دعنا من الأفكار المزعجة. هذا النمط من الأسئلة يجعل الأمور أسوء، ولا يبعث على التفاؤل.
ماذا عن التقييم؟
ان دمشق وأنقرة، ومعهما الأطراف المساعدة أو الوسيطة، يقولان –منذ عدة سنوات- “الشيء نفسه تقريباً” حول التقارب، بل ان بين موسكو وطهران، ومؤخراً بغداد، نوع من المنافسة على “القول الحسن” و”الدفع الحسن” من أجل “التقارب” بين دمشق وأنقرة، لكن هل من جديد هنا؟ هل يعقل أن الوقائع خلال السنوات الماضية، وخاصة منذ اتفاقات استانة، واجتماعات موسكو وسوتشي، وبالطبع اجتماعات طهران وأنقرة وبغداد، لا تستدعي تغييراً ما في النمط أو خط المعنى؟ أليس من المناسب التركيز بعض الشيء على إحداث تغيرات في الواقع أو الميدان؟ مرة أخرى، قد يفضل الرغبويون السكوت عن الأسئلة، لأن الأسئلة لا تبعث على التفاؤل، بل تكاد تنغض وتشوش!
ماذا عن التحليل؟
ثمة أسئلة أكثر صعوبة هنا؟ من قبيل: ما الذي يدفع دمشق وأنقرة لـ”التقارب” بالفعل، وليس مجرد “الحديث عن تقارب”: هل هو مدارك جدية وعميقة لدى كل منهما تجاه الآخر، أم محاولة لـ “تغيير النمط” و”كسر الجمود”، أم “مخاطبة أطراف أخرى”؟
هل “الإدارة الذاتية” هي “طرف آخر” أو “طرف ثالث” بالنسبة لـ دمشق وأنقرة، ولفكرة التقارب بينهما؟ قد تكون كذلك بالنسبة للأخيرة (أنقرة)، لكن من الصعب سحب ذلك على دمشق. دمشق لا تريد النظر لـ”الإدارة الذاتية” و”قسد” على أنهما أعداء يجب محاربتهما، وإنما موضوع “احتواء” و”تفكيك”، و”إعادة إنتاج” أو “إعادة إدراج” في المجتمع والدولة. دمشق لا تريد توجيه الحراب ضد جزء من المجتمع والدولة. وبالتالي فإن دمشق تريد البحث عن “حل” أو “تسوية” في أفق مجتمع ودولة سُوريَّين. والمرجح أنها سوف تحاول فعل كل شيء ممكن –بالتنسيق مع أي أطراف أخرى- للحيلولة دون حدوث مواجهة مفتوحة أو حرب.
هل التقارب مع أنقرة هو السبيل الوحيد لتجاوز عقدة “الإدارة الذاتية”، المرتبطة مع عقدة أخرى، هي واشنطن، الحليفة لأنقرة؟ ماذا نفعل والحال كذلك؟ هل أنقرة بصدد أن تفعل شيئاً –بالتنسيق مع دمشق- حيال خصمٍ داعمُهُ الرئيسُ هو حليفُها (أعني أنقرة) الرئيس في المنطقة والعالم؟ قد يكون رهان دمشق من التقارب هو ممارسة أقصى الضغوط على واشنطن و”الإدارة الذاتية” لتغيير النمط في منطقة الجزيرة السورية. والرهان اليوم هو كيف يمكن “تفكيك” مدارك التهديد لدى أنقرة بهذا الخصوص؟
الرؤية والنمط
تمثل “استعمالات” و”توظيفات” المسألة السورية في تركيا نفسها، وخاصة من قبل الرئيس أردوغان وحزبه، واحدة من العوائق الفعلية والمعرفية حيال التقارب مع دمشق. والسؤال: هل يستطيع أردوغان أن يفعل شيئاً يناقض بالفعل السياسات التي اتبعها حيال دمشق منذ العام 2011؟ وكيف يبرر أردوغان ذلك أمام مواليه من الأتراك (والسوريين)؟ والأهم، هل هو مستعد لتغيير الرؤية والنمط حقاً؟
الأكثر أهمية من كل ذلك: ماذا يتوقع الرجل من التقارب مع دمشق؟ هل التقارب على أساس خرائط القوة والسيطرة اليوم، بكل رهاناتها الثقيلة وغير القابلة لـ”التلقي” أو “الصرف” سورياً؟ هل يكفي الوعد بالانسحاب؟ وما قيمة الوعد هنا، هل يمكن لروسيا وإيران أن تضمنا ذلك؟ ومن يستطيع أن يضمن أردوغان في أمور من هذا النوع؟ ولماذا الإصرار على اللقاء مع الرئيس بشار الأسد، قبل أن تتضح معالم “خارطة طريق” بهذا الخصوص؟
أي مقابل؟
ما تريده دمشق من أنقرة واضح، وقد عبر عنه الرئيس بشار الأسد في مواضع عدة، ولكن ما تريده أنقرة من دمشق “غير واضح”، من منظور دمشق على الأقل. هل فَكَّرَ أحدٌ بـ”المقابل”؟ ومن الذي يحدده أو يُقَيِّمه؟ هل تنظر موسكو وطهران له من منظور دمشق أم من منظور كل منهما؟ لا شك أنهما تنظران للتقارب من منظورهما أساساً، وهذا أمر مفهوم، إنما من المهم أن يأخذا منظور دمشق بقدر أكبر من الاعتبار. مرة أخرى، الأسئلة مشوشة ومزعجة، فضلاً عن أنها لا إجابات عليها، حتى الآن.
أولوية الواقع
لكن مهلاً، ويبدو أننا نستدرك على ما ذُكِرَ أعلاه، ذلك أن موقف “المتحفظين” تجاه خطاب التقارب ليس أفضل حالاً، ولو أنه أكثر واقعية، إن أمكن التعبير. يقول المتحفظون أو الواقعيون ان مجرد التدقيق في الخرائط والرهانات يفتح الأمور على أسئلة بالغة التعقيد، ويفضي إلى “جَبَلٍ” أو “سَيلٍ” من المشكلات والعقد التي يصعب الحديث عنها أو المضي في نقاش جاد أو معمق بشأنها.
والآن، ألا يمثل التقارب حاجة فعلية وواقعية وذات أولوية لدمشق وأنقرة، هل يمكن المقارنة بين التنافر والتقارب، بالنسبة لبلدين جارين، تواجهان تحديات كبيرة ومتزايدة، ويبدو أنهما أخذا يدركان، وخاصة من جهة أنقرة، مدى الحاجة لتغيير النمط والرؤية، وان ما كان بينهما منذ العام 2011 لم يكن هو المسار الصحيح الواجب الاتباع، ومن ثم تبدو الفرصة سانحة للبدء من جديد؟
رهان الاحتلال
تواجه المحللين الواقعيين مشكلات في طريقة القراءة، وفي تفكيك أو تجاوز طبقات من المواقف والسياسات والوقائع بالغة القسوة على الأرض. الموقف ليس مجرد تصريحات، ولا مجرد التراجع عن خطاب سياسي معاد، بل هو قتل وقتال واحتلال أراض، ومخيالية تدميرية كانت تريد، ليس مجرد احتواء سورية أو تغيير النظام السياسي فيها، بل “ابتلاعها” أولاً، ثم التفكير: هل يتم تشكيلها كيانية أو دولة أو شبه دولة تابعة كلياً لتركيا، مع أفضلية اقتطاع أجزاء منها؟
يبدو ان احتلال أجزاء من سورية كان مسألة حيوية بالنسبة لتركيا. ليس احتلال الجغرافيا فحسب، وهو حاصل، وبالمناسبة فإن تركيا تحتل بصورة مباشرة أو غير مباشرة مساحة تعادل مساحة لبنان تقريباً؛ وإنما احتلال منظومات القيم ومدارك المعنى والهوية والولاء والانتماء لدى شريحة كبيرة نسبياً من المجتمع في سورية أيضاً، وهو حاصل أيضاً وأيضاً.
في الختام
ان خطاب التقارب ليس كخطاب التنافر، وهو مطلوب في ظل الظروف الراهنة، باعتباره حاجة وضرورة للجميع، لا شك في ذلك. لكنه ليس “مفتوح الصلاحية”، و”ليس مهماً بذاته”، ثمة منعكس أو مقتضى له، يجب أن يظهر في الواقع. وليس المطلوب خطوات أو وقائع تكتيكية، ولا مجرد مؤشرات حسن نية، بل المطلوب هو وقائع “غير عكوسة” أو “غير نكوصية”، في أفق تفكيك العقد الكبيرة والكثيرة التي حكمت الموقف خلال سنوات الحرب، وما أصعبها من أجندة!
الدكتور عقيل سعيد محفوض