أثارت محاولة نقل “تمثال الشهداء” في ساحة سعد الله الجابري وسط مدينة حلب، جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبحسب مقطع فيديو تم تداوله، حاولت آلية، مساء الأربعاء، عبر أكبال رفع وسحب التمثال وسرعان ما تحطم الجزء العلوي منه ووقع على الأرض.
واعتبر ناشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي أن طريقة نقل التمثال “عشوائية وغير احترافية” منتقدين فكرة النقل التي نجم عنها تحطيم التمثال الذي يحمل رمزية لدى سكان المدينة.
من جهتها، قالت مديرية الآثار والمتاحف في حلب في بيان توضيحي إنها نقلت “تمثال الشهداء” إلى مكان آخر حفاظاً عليه وعلى قيمته الفنية، ليصار بعد ذلك إلى ترميمه وصيانته من قبل مختصين فنيين.
واعتبرت أن هذا الإجراء بهدف أن تكون الساحة مهيئة ومناسبة لإقامة الفعاليات والنشاطات الشعبية خصوصاً بعد حجب التمثال لجزء من الرؤية على الشاشة الرئيسية التي تم تركيبها في الساحة مؤخراً.
بدوره، نشر محافظ حلب عزام غريب عبر منصة إكس حول هذه الحادثة: “تابعتُ صباح اليوم بكل أسف المشاهد التي أظهرت خللاً واضحاً في عملية نقل المجسّم القائم في ساحة سعد الله الجابري، الذي اطلق عليه النظام البائد اسم “تمثال الشهداء”.
وأكد أن ما جرى غير مقبول بأي معيار، وأن المسؤولية ستُحمَّل بالكامل للجهة التي نفذت النقل دون الالتزام بالمعايير الفنية والإنشائية التي تم التأكيد عليها مسبقاً، مبيناً أنه تمّت الموافقة على نقل المجسم إلى المتحف، بناءً على خطة مقدمة من مجلس مدينة حلب بالتنسيق مع مديرية الآثار، في إطار مشروع لتأهيل الساحة وتحويلها إلى فضاء ثقافي نابض بالحياة، بعد ورود مطالبات من بعض الأهالي بإزالة المجسم، نظراً لارتباطه في وجدانهم بمرحلة مؤلمة من تاريخ المدينة، وما شهدته من أحداث وممارسات على يد النظام البائد بالفترة الممتدة منذ 1982 وحتى 1984.
وتابع: مع اختلاف الآراء حول دلالة المجسّم، تم التأكيد حينها على أن تُنفذ عملية النقل بأسلوب دقيق وآمن وتحت إشراف مختصين، حفاظًا على أي قيمة توثيقية له، لكن التنفيذ تم بطريقة مرفوضة، وستُفتح مساءلة فورية لمحاسبة المقصّرين وكل من خالف التعليمات.
وفي هذا السياق، نفى محافظ حلب ما يُروّج له البعض عن خلفيات أيديولوجية للقرار، موضحاً أن نقل التمثال كان قراراً إدارياً ضمن خطة تطوير عمراني، استند إلى معطيات ميدانية وآراء مجتمعية.
وأكد محافظ حلب أنه سيتم التوجيه فوراً بترميم الأجزاء المتضررة، تمهيداً لحفظ المجسّم في المتحف وفق الأصول، كما سيتم إطلاق مسابقة فنية لتقديم تصميم جديد يحمل رمزية واضحة تعبّر عن ذاكرة حلب وتضحيات أبنائها.
وكانت الشركة المنفذة لإعادة تأهيل وتجميل ساحة سعد الله الجابري، قد نشرت في وقت سابق تصاميم لا تتضمن تمثال الشهداء.
يذكر أن تمثال الشهداء من عمل النحّات السوري عبد الرحمن مؤقت وتم تشييده في العام 1985 في ساحة سعد الله الجابري الشهيرة وسط حلب، وجرى تصنيعه من حجارة المدينة الصفراء، ويٌعد إرثاً فنياً مرتبطاً بذاكرة سكان حلب وزوّارها.