أثر برس

الليرة السورية خارج اللعبة.. هل تتجه سوريا نحو الدولرة؟

by Athr Press G

خاص || أثر برس اعتبرت أوساط اقتصادية أن الليرة السورية بدأت تفقد مكانتها المحلية بالتعامل، نظراً لقيمتها المتدهورة، خاصة بعد السماح بتداول الدولار، الأمر الذي حد من أفق استخدام العملة السورية في الأنشطة الاقتصادية.

“أثر برس” فتح ملف مستقبل العملة السورية، ووطرح أسئلة لمعرفة عوامل تدهورها، وأسباب اللجوء لاستخدام عملات بديلة، بالإضافة لماهية التوجه لدولرة الاقتصاد.

تجنب الاحتفاظ بالعملة السورية:

نائب عميد كلية الاقتصاد في جامعة حماه والخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحمن محمد، أوضح لـ “أثر” أن الليرة السورية اليوم تعاني من انهيار حاد في قيمتها، حيث فقدت أكثر من 99% من قيمتها أمام الدولار منذ 2011، وأصبحت الثقة الشعبية فيها متدنية جداً؛ بسبب التضخم الجامح وعدم الاستقرار الاقتصادي، ما دفع الكثيرين إلى تجنب الاحتفاظ بها كأداة ادخار.

ويضيف: إن العملة السورية لا تزال تُستخدم في بعض المعاملات الصغيرة (مثل شراء الخبز أو المواصلات)، لكنها تراجعت في العديد من التعاملات منها: شراء العقارات والسيارات، الواردات والسلع الكمالية، الرواتب بغير القطاع العام والمعاملات الكبيرة (حيث يُفضَّل الدولار أو الذهب).

البحث عن بدائل:

أما الباحث والخبير الاقتصادي محمد السلوم، اعتبر في حديثه مع “أثر” أنه رغم التحسن الكبير الذي حققته الليرة السورية منذ سقوط النظام السابق، إلا أنها فقدت معظم قيمتها الشرائية على مدى السنوات الماضية، في ظل تراجع الثقة الشعبية بها.

وبحسب السلوم، بينما يتم استخدامها اليوم بشكل أساسي في التعاملات اليومية الصغيرة مثل شراء المواد الغذائية ودفع الفواتير والخدمات الأساسية، تراجع استخدامها بشكل واضح في التعاملات الكبيرة كبيع وشراء العقارات والسيارات وبعض أنواع التجارة، حيث يتم الاتفاق على الأسعار بعملات أجنبية  في أكثر الحالات، كونه يلجأ كثيرون إلى البحث عن بدائل لحماية مدخراتهم وقوتهم الشرائية.

صعوبات استعادة مكانة الليرة السورية:

وحول العوامل التي أدت لتدهور الليرة، أرجح الدكتور عبد الرحمن محمد ذلك للعقوبات الدولية، وانهيار الإنتاج المحلي، الفساد وهروب رأس المال، وطباعة النقد دون غطاء.

وفيما يتعلق بإمكانية العكس، أي تحسن واستعادة العملة السورية لقيمتها ومكانتها، يعتقد أنها صعبة دون إصلاحات هيكلية وسياسية واقتصادية شاملة، واستعادة الاستقرار الأمني.

فقدان الثقة بالسياسات النقدية:

أما الخبير محمد السلوم، يعزي تدهور الليرة السورية لعدة عوامل متراكمة، أبرزها تداعيات الحرب، وتراجع الإنتاج المحلي، والعقوبات الاقتصادية، وفقدان الثقة بالسياسات النقدية، وتراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي.

وبحسب رأيه، فإن إمكانية تحسن الليرة يتطلب إجراءات اقتصادية وجيوسياسية كبرى تحقق في المدى القريب.

عملات بديلة:

ويرى الدكتور عبد الرحمن محمد أن بدائل الليرة السورية التي يتم استخدامها حالياً، هي: الدولار الأمريكي، ويعتبر الأكثر انتشاراً في المعاملات الكبيرة، والذهب، كونه مخزن قيمة رئيسي بسبب انعدام ثقة الناس بالعملات، وأيضاً المقايضة العينية وخاصة في بعض المناطق الريفية، بالإضافة للعملات الأجنبية الأخرى (مثل اليورو) ولكن بدرجة أقل.

ويلجأ كثيرون إلى الدولار الأمريكي كوسيلة حفظ للقيمة، بالإضافة إلى الذهب، الذي يحتفظ بجاذبيته كملاذ آمن، كما تظهر التعاملات بالليرة التركية في المناطق الحدودية، بحسب الخبير السلوم.

الفئات الاجتماعية والبدائل:

ويصنف السلوم الفئات الاجتماعية التي تفضل التعامل بعملات أو بدائل أخرى، معتبراً أن التجار، والعاملين في قطاع العقارات، والمهن الحرة يفضلون غالبا التعامل بالدولار لتثبيت القيمة وتجنب تقلبات الليرة.

وأردف قائلاً: بينما يعتمد الموظفون والشرائح ذات الدخل المحدود على الليرة بحكم ارتباط مداخيلهم بها وعدم توفر بدائل عملية لهم.

يوافقه الرأي الدكتور محمد، وشرح أن الأغنياء ورجال الأعمال يُفضّلون الدولار أو الذهب لحماية ثرواتهم، أما الموظفون والعمال يتقاضون رواتبهم بالليرة، مما يزيد من تدهور قدرتهم الشرائية، بينما التجار يستخدمون الدولار للواردات والمعاملات الكبرى.

دولرة الاقتصاد:

وكثر الحديث في الشأن الاقتصادي عن الاتجاه لدولرة الاقتصاد، والاعتماد على الدولار، سواء في بمرحلة مؤقتة أو طويلة المدى.

وهنا، أكد الدكتور عبد الرحمن محمد أن هناك دولرة غير رسمية للاقتصاد، في أسعار العقارات، والواردات والسلع الفاخرة، وبعض الرواتب في القطاع الخاص، أما الدولرة الرسمية؛ غير موجودة بسبب القوانين المانعة، لكنها تُمارس عملياً.

بدوره، الخبير محمد السلوم، يعتقد أنه توجد مؤشرات متزايدة على تراجع استخدام الليرة مقابل العملات الأجنبية، خاصة في القطاعات التجارية الكبرى، ويتم هذا التحول بشكل غير رسمي، إذ لا يوجد إعلان أو تنظيم حكومي صريح لاعتماد الدولار أو غيره كعملة بديلة.

كيف تأثر قطاع البنوك؟

وعن تأثير واقع العملة السورية على قطاع البنوك والمصارف، أكد الدكتور عبد الرحمن محمد أنه يتمثل ذلك التأثير عبر: ضعف الثقة في المصارف؛ بسبب تقلبات الليرة، وتراجع الودائع بالليرة لصالح الدولار أو الذهب، وعجز المصارف عن تقديم خدمات ائتمانية فعالة.

“القطاع المصرفي يعاني من تراجع الإيداعات بالقطع الأجنبي وضعف السيولة، إضافة إلى انخفاض الثقة المصرفية العامة، أثر ذلك سلبا على قدرته في تمويل الاستثمارات والأنشطة الاقتصادية، مما أدى إلى انكماش دوره الاقتصادي”، وفق توصيف الخبير محمد السلوم.

لا نية لاعتماد عملة بديلة:

وحول وجود نية لدى الدولة لاعتماد عملة بديلة، نوّه الدكتور عبد الرحمن محمد أنه لا توجد إشارات رسمية لاعتماد عملة بديلة، ولكن يمكن أن تكون هناك نية لحذف أصفار منها، وهناك توجه لتعزيز استخدام الدولار في بعض القطاعات (واردات الطاقة والغذاء وغيرها)، منوّها إلى أن أي تغيير رسمي يتطلب موافقات سياسية ودولية غير متوفرة حالياً.

السلوم، وافق رؤية الدكتور محمد، قائلاً: لا توجد مؤشرات رسمية تدل على وجود توجه نحو استبدال الليرة بعملة أخرى، فالإطار العام للسياسة النقدية يركز على الحفاظ على التعامل بالليرة كرمز سيادي، مع محاولة إدارة الواقع النقدي الراهن بما يتماشى مع التحديات القائمة.

يشار إلى أن الحكومة السورية الجديدة سمحت بالتعامل بالعملات الأجنبية، التي كان يمنع تداولها ويجرم من يتعامل بغير الليرة السورية، خلال حكم النظام السابق.

وأصدر مصرف سوريا المركزي في شهر آذار الماضي، قراراً يقضي بوقف الملاحقة القضائية المدنية بحق الأشخاص المتعاملين بغير الليرة السورية، ومن عمل بالصرافة قبل سقوط النظام السابق.

اقرأ أيضاً