برزت بعد الزلزال الذي تعرضت له سوريا قبل عشرة أيام مقاربات جديدة في المواقف السياسية لدى بعض الدول العربية، وبدى أن هذا الزلزال كسر الجليد الحاصل بين سوريا وبعض الدول العربية، فبعد هذا الزلزال أجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اتصالاً هاتفياً مع الرئيس بشار الأسد، لأول مرة منذ بدء الحرب السورية ووصل وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، لأول مرة أيضاً في زيارة إلى الرئيس الأسد لأول مرة أيضاً منذ 11 عاماً، كما أعلن الرئيس التونسي عبد المجيد تبون رفع التمثيل الدبلوماسي لبلاده في سوريا.
هذه التطورات لفتت إلى مشهد سياسي جديد قد تشهده سوريا بعد الزلزال، وفي هذا الصدد نشرت صحيفة “الأخبار” اللبنانية: “بدأت مقاربات الدول العربية تتّخذ أشكالاً أكثر وضوحاً وثباتاً، بعدما هيمنت عليها، خلال عام 2022، الحرب الروسية – الأوكرانية، وأزاحت سوريا من قائمة أولوياتها (على عكْس الفترة الواقعة بين عامَي 2011 و2019)، وشغلتْها بمحاولة الموازنة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والهند والصّين” لافتة إلى أنه “ثمّة مقاربتَين عربيتَين في التعامل مع القضية السورية، الأولى إماراتية – مصرية، والثانية سعودية، وإذ تشترك كلتاهما في هدف واحد هو إنهاء الصراع وعودة الاستقرار والأمن إلى البلاد، إلّا أنهما تختلفان في الوسائل والطُرق والخطاب الدبلوماسي”.
وفي هذا الصدد قال المحلل السياسي مدير مؤسسة غنوسس للأبحاث في لندن، عمار وقاف، في حديث مع قناة “الحرة” الأمريكية إن “الأحداث الأخيرة قد تكون بوابة وفرصة جيدة لإعادة العلاقات بين سوريا وبقية الدول العربية” موضحاً أن “عودة العلاقات السورية- العربية ليس بالأمر السيء، وأزمة الزلزال فرصة للجميع لتجاوز الخلافات، وعودة التكاتف العربي”.
ونقلت “الحرة” عن الكاتبة، جويس كرم، قولها: “إن الفشل الدولي على مستوى المساعدة والإغاثة في سوريا لا مبرر له، وهو اليوم سيعبد الطريق لإعادة بعض الدول فتح جسورها مع الدولة السورية” مضيفة أنه “بعد اتصال من الرئيس الإماراتي محمد بن زايد والمصري عبد الفتاح السيسي بالرئيس الأسد، ستعجل الهزة قطار التطبيع العربي مع سوريا اليوم، الدول الغربية ما زالت تعيد تحفظاتها وتكرر أنها لن ترسل المساعدات عبر دمشق، إنما الدولة السورية تعول أولا على التطبيع الإقليمي وتحديداً العربي والتركي، فالمال ولو جاء من أوروبا أو الخليج أو أفريقيا لا يهم الدولة السورية، والغطاء الإقليمي هو أكثر من كاف لتعويمه سياسياً”.
فيما أشارت صحيفة “العرب” إلى أن الأحداث التي شهدتها سوريا مؤخراً بأنها بمثابة ارتدادات سياسية للزلزال الذي حصل، ” الزلزال الذي ضرب سوريا الأسبوع الماضي أحدث ارتدادات سياسية دفعت الأردن إلى إعادة تحريك مبادرته للتطبيع مع سوريا، مع انضمام دول عربية كانت متحفظة في السابق على التعامل مع الدولة السورية، فيما باتت الدول العربية على قناعة باستحالة حسم الأزمة السورية عسكرياً، وأن رجوع دمشق إلى حاضنتها العربية أقل كلفة إقليمياً من بقائها معزولة” مشيرة إلى أنه “منذ وقوع الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا في السادس من الشهر الحالي، تلقى الرئيس الأسد سيلاً من الاتصالات من قادة دول عربيّة، في تضامن قد يسرّع عملية تطبيع علاقاته مع محيطه الإقليمي”.
يشير الخبراء والمختصون إلى أن استمرار الولايات المتحدة الأمريكية بفرض العقوبات على سوريا، وسط كارثة الزلزال تسبب بدفع الدول العربية نحو دمشق بشكل أكبر، وحوّلت الخطوات الخجولة التي كانت تظهر من قبل هذه الدول العربية إلى خطوات أكثر جديّة وجرأة.