أثر برس

الجمعة - 19 أبريل - 2024

Search

لماذا لا يعود اللاجئون السوريون إلى بلادهم؟

by Athr Press Z

بعد الصورتين المتناقضتين اللتين ظهرتا عقب الانتخابات الرئاسية السورية، من خلال الإقبال الكبير الذي شهدته السفارات السورية في الدول التي تحوي لاجئين سوريين لا سيما لبنان، وفي الوقت ذاته الصورة التي تعكس أن الغالبية العظمى من اللاجئين السوريين هم من المعارضة، حاول مجموعة من أساتذة الجامعات وبعض المهتمّين بالشأن العام، خلال ندوة نظّمتها أخيراً كلية العلوم السياسية في جامعة دمشق سبب هذا التناقض الحاصل في مواقف بعض اللاجئين السوريين.

وبحسب مقال كتبه الصحافي زياد غصن في جريدة “الأخبار” اللبنانية فإن مصادر بحثية مستقلّة أكدت أن العدد المُسجّل للاجئين السوريين وصل مع نهاية عام 2019 إلى حوالى 6.7 ملايين لاجئ، يتوزّع القسم الأكبر منهم في الدول المجاورة، وتحديداً في لبنان، الأردن وتركيا، لكن إلى الآن ليست ثمّة مؤشرات موضوعية يمكن من خلالها الوقوف على حقيقة الموقف السياسي لمجتمع اللاجئين، وتالياً تقييم دور هذا العامل في اتخاذ قرار العودة أو البقاء.

في حين نقل المقال عن الأستاذ في كلية العلوم السياسية في جامعة دمشق، عقيل محفوض، أن من المؤكد وجود “ثمّة بعداً سياسياً في مواقف عدد من دول اللجوء تجاه عودة اللاجئين، إذ إن تلك الدول تربط العودة بالحلّ السياسي أو التسوية، وتحاول الإمساك بورقة اللاجئين للتأثير في ملفّات هذه التسوية، وخاصة إذا حدث مثلاً استفتاء على دستور جديد، وبالطبع هناك مَن يريد أن يبقى ملفّ اللاجئين ورقة ضغط ضدّ دمشق، أو ورقة ضغط ومساومة تجاه دول أخرى، والمثال على ذلك ما تفعله تركيا حيال الاتحاد الأوروبي”، لافتاً إلى أن “اللجوء السوري، إضافة إلى أنه يمثّل ظاهرة عالمية، بل أكبر ظاهرة لجوء في العالم اليوم، فهو أيضاً يمثّل ظاهرة ريع سياسي واقتصادي لدى اللاجئين أنفسهم، كما لدى مجتمعات ودول اللجوء، وأحياناً المجتمع السوري نفسه”.

وأضاف المقال أنه منذ موجات اللجوء الأولى، والتي يقدّرها “المركز السوري لبحوث السياسات” بسبع موجات، ساد اعتقاد عام رسّخه الإعلام العالمي، مفاده أن السمة الغالبة للبيئة السياسية لمجتمع اللاجئين هي معارضة للدولة السورية، وتالياً فإن عودة أفرادها إلى بلادهم مرتبطة بتغيير سياسي داخلي ما، إلّا أن تلك الصورة الذهنية المتشكّلة عبر سنوات، تعرّضت للاهتزاز خلال انتخابات عام 2014، وكذلك في الانتخابات الأخيرة، على الأقلّ بالنسبة إلى اللاجئين في لبنان، ونقلت الجريدة اللبنانية عن أحد المسؤولين عن ملفّ المصالحة الوطنية، قوله: “إن هناك مواطنين كثراً مؤيدين للحكومة، اضطروا للجوء إلى دول الجوار هرباً من المعارك وبحثاً عن الأمان، وتالياً فإن مشاركة البعض في الانتخابات تبدو متوقّعة”، ويطرح المسؤول، في حديثه إلى “الأخبار”، “تساؤلات عن عدد المشاركين في الاقتراع ونسبتهم إلى عدد اللاجئين الذين يحقّ لهم الانتخاب في هذا البلد أو ذاك، فالإجابة على مثل هذه التساؤلات ضرورية لفهم الأسباب التي حالت دون مشاركة الجميع في الاقتراع من جهة، وتحليل العوامل التي تمنعهم من العودة إلى بلادهم من جهة ثانية” بحسب “الأخبار”.

وبدوره أكد هاني الخوري، وهو باحث إداري وناشط سياسي أن “مشاركة اللاجئين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة تنطلق من اعتبارات عدّة، أبرزها الأمل بالعودة الآمنة إلى بلادهم في يوم ما، ووجود جمهور مؤيّد للرئيس بشار الأسد بين اللاجئين، فضلاً عن واقع المعارضة واستزلامها ومحدوديّتها”.

كما تطرق المقال إلى
مخاوف اقتصادية وأمنية المخاوف الاقتصادية والأمنية، لافتاً إلى أن هذه المخاوف تأخذ شكلين اثنين، الأول: الخوف من فقدان حالة الاستقرار الاقتصادي التي تشكّلت عبر سنوات في مخيّمات ومناطق اللجوء، سواءً بفقدان فرص العمل أو المساعدات الأممية وغير ذلك، والخوف من تدهور الوضع الاقتصادي في سوريا وجمود عملية إعادة الإعمار هناك، أمّا الاعتبارات الأمنية فلا تزال، هي الأخرى، تُرخي بثقلها على اللاجئين بمختلف مواقفهم السياسية، لأسباب عدّة،  وبحسب محفوض، فإن “أعداداً كبيرة من اللاجئين السوريين في الخارج تقف بين – بين، أو بالأحرى بين خشيتَين: الأولى العودة إلى الوطن، والثانية هي الانقطاع عنه، صحيح أن ثمّة ارتباطاً نفسياً ومعنوياً وروحياً بالوطن، إلّا أن الصحيح أيضاً أن الوطن ينوء تحت أعباء وتحدّيات ورهانات تفوق قدرته على التحمّل”.

وأضاف محفوض أن “الاقتصاد يمثّل أحد مداخل تفسير مواقف شريحة قد تكون كبيرة من السوريين في الخارج، ذلك أن أيّ نوع من العمل هناك يؤمّن دخلاً أفضل مقارنة بالوضع في سوريا”، مضيفاً أن “المساعدات، ولو كانت بالحدّ الأدنى، هي أيضاً ممّا يمنع شريحة من السوريين من العودة، على افتراض أيضاً أنه لا توجد عوامل أخرى تعيق عودته”.

ويقدّم أحد المسؤولين عن المصالحة مثالاً عن ما تَقدّم، بإشارته إلى قرار السلطات اللبنانية منع حصول اللاجئ السوري الذي يزور بلده على المعونة المالية الأممية؛ إذ إن “مِثل هذا القرار، في ظلّ الظروف الاقتصادية التي تعيشها سوريا، جعل كثيرين يفضّلون البقاء كلاجئين في لبنان، في حين كان يمكن عودة معظمهم، في ما لو ضمنوا استمرار حصولهم على تلك المعونة المالية”.

أما داخلياً، فأفادت “الأخبار” بأن البلاد مهيّأة لا تبدو لإطلاق مشروع لإعادة اللاجئين، ذلك أن استمرار الأزمة، وما يستتبعه من مواقف غربية وإقليمية متعدّدة الأوجه، من مقاطعة سياسية لدمشق، إلى فرض عقوبات اقتصادية عليها، وما يرافقه من تواصل السيطرة الأجنبية على حقول النفط والغاز الرئيسة في البلاد، فضلاً عن تفاقم الأزمة الاقتصادية، جميعها عوامل أثّرت سلباً على عملية إعادة إعمار المدن والمناطق المدمّرة بمساكنها وبنيتها التحتية، وتالياً إضعاف قدرة البلاد على استقبال أعداد كبيرة من اللاجئين، فما بالك بتصفير ملفّهم، وهي مهمّة لا يبدو أنها قابلة للتحقّق على المدى القريب أو حتى المتوسّط، فالعودة، كما يرى الخوري، مرتبطة اليوم بصعوبات اقتصادية وطبيعية عديدة وحصار خارجي يستهدف تحقيق مكاسب سياسية لا أكثر، وهذا ما يجعل اللاجئ يعطي الأفضلية لاستمرارية حياته القائمة، وتعزيز ارتباطه بعمله الحالي.

أثر برس

اقرأ أيضاً