أثر برس

كيف سينعكس قرار رفع العقوبات عن سوريا على الاقتصاد السوري؟

by Athr Press G

خاص || أثر برس قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفع العقوبات المفروضة على سوريا كـ”فرصة للسوريين” بحسب قوله، خلال مؤتمره الصحفي في العاصمة السعودية الرياض أمس، عقب مباحثات مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

الأوساط الاقتصادية رحبت بقرار رفع العقوبات، واعتبروه نقطة انطلاق لتعافي الاقتصاد السوري من خلال دوران العجلة الاقتصادية، والتي تصب بتنمية سوريا الاقتصادية.

انطلاقة اقتصادية:

الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي الدكتور مجدي الجاموس، أوضح لـ “أثر برس” أن الاقتصاد السوري بكل قطاعاته كان متهالكاً، واليوم برفع العقوبات ستعود سوريا إلى المنظومة الدولية سياسياً واقتصادياً، وهذه فرصة جوهرية لولادة جديدة لانطلاقة اقتصادية تنموية لتحقيق التعافي الاقتصادي.

ووفقاً له، عانى الاقتصاد السوري من الضعف وكان لا بد من المساعدات خارجية، خاصة بسبب ضعف الدعم من الدول بسبب تلك العقوبات التي كانت مفروضة، واليوم رفع العقوبات يعني إمكانية السماح لكل الدول التي ترغب بمساعدة سوريا ودعمها، وأهمها الدعم بالقطاع بالمالي، من خلال ودائع بالبنك المركزي لتحقيق استقرار بسعر صرف الليرة السورية.

يتطلب إصلاحات داخلية:

أما الأستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحمن محمد، يرى أن رفع العقوبات يُعد فرصة حيوية لإنعاش الاقتصاد السوري، لكن نجاحها يتطلب إصلاحات داخلية، وحوكمة رشيدة، واستغلال القطاعات الاستراتيجية لتحقيق نمو مستدام.

ويرى خلال حديثه مع “أثر” أن رفع العقوبات يعني إنهاء القيود الاقتصادية والمالية المفروضة من الغرب، ما يسمح بإعادة الاندماج في الاقتصاد العالمي، وتدفق الاستثمارات، وفتح قنوات التمويل والتجارة الدولية.

آثار وانعكاسات رفع العقوبات عن سوريا:

يحدد الدكتور مجدي الجاموس أهم آثار رفع العقوبات عن سوريا، بإعادة الروح للقطاع المصرفي، لأنه لا يمكن لأي بلد أن يكون لها اقتصاد دون قطاع مصرفي، وبالتالي إعادة الدائرة المالية المنضبطة لمصرف سوريا المركزي، وأيضاً عودة سوريا لمنظومة سويفت للتحويلات المالية، وبالتالي تسمح بتحقيق التحويلات المصرفية الآمنة، وهذا مهم جداً لتحقيق الدعم من الدول أو من المنظمات أو من قبل المغتربين.

واعتبر أن رفع العقوبات على سوريا سينعكس على كافة القطاعات الاقتصادية، ولكن ستكون هناك أولوية لقطاعات على قطاعات أخرى، موضحاً ذلك بقوله: “إما يكون اقتصاد داخلي مبني على الزراعة والتجارة والصناعة والسياحة، وإما اقتصاد خارجي مبني على الاستثمارات الخارجية”.

ويرى أن الاستثمارات الخارجية وجذبها لإعادة الإعمار على حساب القطاع الصناعي والزراعي والقطاعات المحلية، ولكن بكل الأحوال ستشهد البنية التحتية (طاقة-كهرباء- نقل ..) تحسناً وهذا يهدف لتحسن وضع المنتج المحلي.

القطاعات المستفيدة:

أما الدكتور عبد الرحمن محمد، يعتقد أن آثار رفع العقوبات على الاقتصاد السوري، تتمثل في القطاع المالي أولاً من خلال إعادة فتح التعامل مع المصارف الدولية، وتسهيل التحويلات المالية، وتحسن قيمة الليرة السورية مع زيادة العرض من العملات الأجنبية.

ثانياً القطاع التجاري: ويتمثل في انفتاح الأسواق الخارجية على الصادرات السورية (مثل النسيج، وزيت الزيتون، والفوسفات)، وانخفاض أسعار الواردات، بسبب إزالة القيود على الاستيراد.

ثالثاً القطاع الصناعي والاستثماري: من خلال عودة الاستثمارات الأجنبية، خاصة في البنية التحتية والطاقة، وإعادة تأهيل المصانع المتوقفة بسبب نقص المواد الخام، ورابعاً القطاع النفطي من خلال زيادة إنتاج النفط والغاز عبر عقود مع شركات أجنبية.

وأخيراً القطاع الزراعي: يتمثل بتحسن القدرة على تصدير المحاصيل واستيراد المستلزمات الزراعية، وفقاً لرؤية الدكتور محمد.

تحريك الاقتصاد:

واعتبر الدكتور عبد الرحمن محمد أن رفع العقوبات يساهم في تحريك الاقتصاد من خلال زيادة السيولة الأجنبية عبر الاستثمارات والصادرات، وانخفاض التضخم بسبب توفر السلع المستوردة، وخلق فرص عمل عبر إعادة الإعمار والاستثمارات الجديدة، وتحسن الخدمات العامة مع زيادة إيرادات الدولة.

أما الدكتور مجدي الجاموس، يرى أن الاعتراف الدولي بسوريا سياسياً واقتصادياً، ودخول سوريا بمنظومة التحويلات المالية المصرفية الدولية “سويفت”، يعني تعزيز المنظومة المصرفي وتحرير الموارد المالية، وهذا أساس بناء الاقتصاد الوطني، إضافة لسهولة الحصول على الأموال المجمدة، وتنشيط الدورة المالية، وإمكانية الدعم من خلال قنوات مصرفية وآمنة، وتحقيق تنمية اقتصادية تولد استقراراً بسعر صرف الليرة السورية، وبالتالي جذب للاستثمارات الخارجية.

ووفق رؤيته، يجب على الحكومة استغلال رفع العقوبات لجذب الاستثمارات الخارجية، ورؤوس الأموال المهاجرة، وهذا يتطلب توضيح للهوية الاقتصادية السورية، وتشكيل البيئة القانونية، والعمل على ترصيف البيئة الأمنية وتحديد الرسوم الجمركية بشكل واضح.

ويعتبر أن التنمية الاقتصادية والتعافي الاقتصادي سيولد الانضباط النفسي، وسيقلل من حالات الفقر والبطالة والجريمة والتمرد، وبالتالي يجب على الحكومة استغلال الفرصة لتحقيق هذه التنمية.

أبرز القطاعات:

وعن أبرز القطاعات الواجب استغلالها لرفع العقوبات، يرى الدكتور عبد الرحمن محمد أن البداية تكون لقطاع الطاقة (النفط والغاز والكهرباء)، عبر جذب استثمارات لتطوير الحقول وإعادة تأهيل المحطات الكهربائية، وبعدها الزراعة من خلال زيادة التصدير عبر فتح أسواق أوروبية وعربية.

وأكمل: يليها قطاع السياحة والآثار، من خلال إعادة تأهيل البنية التحتية السياحية لجذب السياح، وبعدها قطاع الصناعة التحويلية (النسيج، الأدوية، الكيماويات)، من خلال تحديث المصانع وزيادة الإنتاج للتصدير، وأخيراً، الإعمار والبناء: بتشجيع الاستثمار في البناء وتطوير المدن المدمرة.

والاستفادة من رفع العقوبات لتحسين الاقتصاد الوطني، تكمن بحسب الدكتور عبد الرحمن محمد في إصلاح النظام المصرفي لضمان شفافية التعاملات الدولية، وتشريعات جاذبة للاستثمار مثل إعفاءات ضريبية وتبسيط الإجراءات، وتعزيز الشراكات مع دول صديقة (تركيا، الصين، الدول العربية)، وتوجيه الدخل نحو مشاريع إنتاجية بدلاً من الاستهلاكية.

القطاع المالي المصرفي:

أما الدكتور مجدي الجاموس، برأيه فإن أبرز القطاعات التي يجب أن تستغل رفع العقوبات هو القطاع المالي، عبر الموارد المالية من خلال المنظومة المالية والمنظومة المصرفية، ويجب أن تكون الاستفادة من رفع هذه العقوبات لبث الروح بالقطاع المالي والمصرفي ثم القطاع العقاري، وأيضاً قطاع الطاقة مهم جداً من خلال الاعتماد على التعاقد مع شركات أجنبية للاستثمار في قطاع الطاقة وخاصة الغاز بسوريا.

وتابع: أيضاً القطاع الصناعي، رغم أنه عندما يوجد استثمار خارجي يكون على حساب القطاع الصناعي، ولكن قطاعنا الصناعي مميز بجودة معينة ومستوى تكلفة معينة، وبالتالي تحسين البيئة الداخلية والبنية التحتية سينعكس على القطاع الصناعي من خلال التكلفة، وبالتالي ستكون المنتجات السورية جذابة.

ويرى أن الاستثمار بالقطاع التكنولوجي والذكاء الاصطناعي مهم للغاية، كون مرافقي الرئيس ترامب بالسعودية، معنيين بالقطاع التكنولوجي، وبالتالي هذا قطاع ممكن أن يكون من أهم القطاعات الجاذبة للاستثمار في سوريا.

والمحاذير تكمن في إدارة هذه الفرصة، والرجاء يكون للحكومة السورية من خلال وضع هوية اقتصادية، وبنية تشريعية وقانونية، تحافظ على السلم الأهلي والبيئة الأمنية المستقرة لإدارة هذه الفرصة، بحسب ماختم به الدكتور مجدي الجاموس.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أعلن خلال زيارته إلى الرياض عن قراره برفع العقوبات المفروضة على سوريا، بعد مناقشات موسعة مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، مؤكداً أن الولايات المتحدة “قررت رفع العقوبات لمنح الشعب السوري فرصة جديدة لبناء مستقبلهم” مشيراً إلى أن هذه المبادرة تمثل الخطوة الأولى نحو تطبيع العلاقات بين واشنطن ودمشق.

اقرأ أيضاً