أثر برس

الجمعة - 19 أبريل - 2024

Search

كيف سيتجه القانون رقم /8/ لعام 2021 بالأحوال الاقتصادية في سوريا نحو الأفضل؟

by Athr Press G

خاص || أثر برس بينّ مدير هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة إيهاب اسمندر لـ”أثر” أن قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر يشكل حوالي 99% من الاقتصاد السوري وهو موزع إلى 4 %مشاريع متوسطة و30% مشاريع صغيرة وما يتجاوز 64% مشاريع متناهية الصغر.

وأوضح اسمندر أن مشاكل هذا القطاع كثيرة سواء مشاكل إدارية أو تسويقية أو إنتاجية وخدمية بالإضافة للمشاكل التمويلية، وبالتالي فإن إصدار القانون رقم /8/ لعام 2021 هو خطوة هامة ومقدمة لحل مشكلة مهمة متعلقة بالتمويل، والتمويل لا يقصد به الإقراض فقط وإنما الإيداع أيضاً والتحويلات بين المصارف والتأمين وإعادة التأمين والاستشارات المالية وبذلك يقدم المرسوم حلول متعددة لهذا القطاع الهام.

وأضاف أن مرسوم القانون رقم /8/ هام جداً كونه القاعدة التشريعية التي ينطلق منها العمل في هذا القطاع على أمل أن توجد في المستقبل مؤسسات تمويلية تضاهي الموجودة لدى الدول الأخرى (مثل الإمارات التي فيها حوالي 86 مؤسسة تمويل صغير منها 60 مصرف و26 مؤسسة تعمل في هذا المجال بشكل غير مصرفي)، ولذلك وحتى يؤدي المرسوم الغاية المرجوة منه فيجب أن يتكامل مع التعليمات التنفيذية والتي تحدد آلية تطبيق المرسوم ولكنه خطوة هامة وضرورية وإيجابية لتحسين بيئة الأعمال لهذا القطاع الهام والذي سينعكس على الاقتصاد ككل.

وسبق وأصدر السيد الرئيس بشار الأسد القانون رقم /8/ لعام 2021 الذي يسمح بتأسيس “مصارف التمويل الأصغر” بهدف تأمين التمويل اللازم لمشاريع شريحة صغار المُنتجين وأصحاب الأعمال الصغيرة ومحدودي ومعدومي الدخل عبر منحهم قروضاً تشغيلية وذلك من أجل تأمين دخل إضافي لهذه الشريحة وخلق فرص عمل وتحقيق التنمية المستدامة.

وهنا يشير اسمندر إلى أن الاقتصاد السوري يقوم على هذا النوع من المشاريع ولذلك فحل معظم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية تبدأ من هذا القطاع سواء كانت مشكلات البطالة ونقص الإنتاج وتأمين سلع ومواد مناسبة للتصدير وتحسين الدخل للفئات العاملة بهذا القطاع وتحسين عدالة توزيع الدخل وتخفيض مستوى الفقر وغيرها كونه قطاع اقتصادي رئيسي لا يمكن بأي شكل من الأشكال استبعاده في أي حل تنموي، لافتاً إلى أن هذا القطاع يعاني من مشكلة رئيسية تتعلق بالتنظيم والتي يجب حلها من خلال تبسيط الإجراءات وإطلاق آليات الترخيص المؤقت وإقامة أماكن مناسبة كمجمعات حرفية وصناعية ومراكز مهنية لتنفيذ هذه المشروعات، مع التنويه إلى أنه حوالي 70% من هذا القطاع يعتبر اقتصاد ظل أي أنه يشمل المشاريع غير المرخصة أو من يملك تراخيص غير مكتملة أو أن هناك قسم كبير من الدخل غير مصرح به.

ولفت إلى أن الهيئة تعمل على إيجاد المشاريع المناسبة للباحثين عنها واستكمال المشاريع التي بحاجة للمساعدة في التخطيط والتجهيز وإحالتها للجهات التمويلية التي قد تنشأ بعد صدور المرسوم أو الموجودة حالياً مثل بنك إبداع لاستكمال الجانب التمويلي وإطلاق المشروع على أرض الواقع.

أما فيما يتعلق بصندوق التمويل الخاص بالهيئة يوضح اسمندر بأنه ما يزال مطروح كمقترح للدراسة وهو يختلف عن مؤسسات التمويل التي شملها المرسوم والتي تعمل وفق أسس مصرفية أو على أساس تمويلي، أما الصندوق فيغطي أمور مختلفة مثل تأمين رأس المال العامل أو خدمات تأهيل وتدريب بما يخدم استكمال بيئة الأعمال للمشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر.

وذكر اسمندر بأن عدد مؤسسات التمويل الصغير في سوريا لا يتجاوز الثلاث مؤسسات بالإضافة لعمل بعض الجمعيات التي تمارس هذا النشاط ولكنها لا تغطي الحاجة وعدد المستفيدين من التمويل في هذا القطاع لا يتجاوز 6% ولذلك توجد فجوة تمويلية كبيرة جداً وبالتالي فهذا المرسوم سيشجع على إقامة مؤسسات وبنوك تمويل صغير تغطي القسم الأكبر من الحاجة لهذا القطاع.

وفي ذات السياق تحدث الباحث الاقتصادي الدكتور علي محمد لـ”أثر برس” بأن صدور هذا المرسوم كان ضرورة ملحة منذ سنوات سابقة وخاصة مع بداية العام 2010 نظراً لكون المشروعات المتوسطة والصغيرة كانت بعدد ضخم جداً، حيث صنفت بعض الجهات الأخرى قيمة إنتاج هذه المشروعات بحوالي نصف الناتج الإجمالي أو 40% منه وبكل الأحوال هي تستقطب نصف اليد العاملة في السوق السورية.

ولفت إلى أن أحدث إحصائية للمكتب المركزي للإحصاء قدرت حوالي 450 ألف مشروع في المحافظات منها العاملة ومنها المتوقفة نتيجة الأزمة وهي شاملة لكافة القطاعات سواء كانت زراعة أو صناعة أو خدمات وغيرها.

الجدير ذكره أن الاتحاد الأوروبي أو الثورة الصناعية في أوروبا وبالذات في فرنسا وانكلترا وألمانيا خلال القرن الثامن عشر قامت على المشاريع المتوسطة والصغيرة وقد بلغ مجموع المشاريع في الاتحاد الأوروبي بنسبة 98% وهي التي  توظف أقل من 10 عمال أي حوالي 20 مليون مشروع صغير ومتوسط في الاتحاد الأوربي وهي تشغل نصف اليد العاملة في أوروبا، بالتالي هذا المرسوم يعتبر جيد جداً بغض النظر إن كان متأخر ولكنه جاء مناسباً للوضع الاقتصادي المتراجع وفق المعدلات والناتج المحلي وما تعرضت له المعامل من تدمير وانخفاض في الإنتاج وزيادة المستوردات.

وشدد على ضرورة تشجيع هذه القاعدة العريضة من المشارع كونها الأسرع بالإنتاج وتكاليفها أقل سواء كانت تكاليف مادية أو لوجستية ونظراً لانتشارها الجغرافي الكبير في سوريا ولصعوبة البدء بإعادة إعمار المصانع والمعامل الكبرى، بالتزامن مع التضخم الكبير وانخفاض القوة الشرائية والتوجه الحكومي لإحلال المستوردات، ولذلك فإن التركيز على هذه المشاريع يفترض أن يتجه بالأحوال الاقتصادية نحو الأفضل ولكن بعد فترة زمنية.

وبينً محمد بأن العقبات الأساسية لهذا القطاع هي انتشار اقتصاد الظل الكبير والذي ينتشر بشكل كبير بسبب التهرب من دفع الضرائب وعدم وجود تنظيم مهني وحرفي وعدم تطور هذه المشروعات نظراً لغياب التمويل والذي يعود كونها مشاريع لديها الحد الأدنى من الضمانات ولا تملك خبرة في التمويل وهي تفتقد نقاط القوة المطلوبة لمنحها تسهيل ائتماني من قبل المصارف.

وبالمقابل فالمصارف لا يمكن أن تمول بدون وجود ضمانات موثوقة وقائمة ولذلك مشكلة التمويل كانت مشكلة كبيرة وبالتالي فهذا المرسوم يساهم بدعم هذه الشريحة والتي سميت بمنخفضي الدخل أو محدودي ومعدومي الدخل.

وعليه فإن الضمانات تكون بحسب الحالة لكل مشروع وهذا الإجراء يعود لكل مؤسسة والضمان يطلب عندما تكون متطلبات نجاح المشروع غير متوفرة بشكل كامل وبالتالي عدم اشتراط الضمان سيكون مريحاً ولكن بشرط أن يكون المشروع يضمن نفسه سواء بالمكان أو الآلات، معتبراً بأن منح ميزات للمصارف بتخفيض الضريبة والإعفاءات الضريبية سيؤدي لخفض التكلفة على هذه المصارف وبالتالي على المقترضين.

ونوه الباحث الاقتصادي إلى أن التلاعب بأخذ هذه القروض لغير وجهتها الأساسية هو موضوع شائك وهو الذي سيشكل الأهمية الأكبر وبالتالي دوائر منح القروض ستقع عليها المسؤولية الأكبر في منح هذه القروض وإعداد دراسات ائتمانية دقيقة للمقترض وللمشروع الذي سيحصل على التمويل وذلك سيتطلب دراسات الجدوى الاقتصادية والقيام بزيارات ميدانية إضافة إلى أنه يجب أن يكون لدى هذه المصارف أو غيرها من الجهات من الاتحادات المهنية والحرفية إمكانية القيام بتدريبات لأصحاب المشاريع لدراسة جدوى المشروع ليكون ناجحاً وغير معرض للخسارة وذلك لحماية أموال المصارف وتوجيهها للهدف المنشود لوجودها، وعلبه فإن الدراسة الدقيقة هي التي تحمي المصارف وتضمن بأن الأموال وجهت لسبيل إنتاجي ويحمي الاقتصاد كون الهدف الرئيسي من هذه المرسوم هو زيادة الطاقة الإنتاجية وليس منح هذه القروض لشخص سيوجهها صوب الاستهلاك.

علي سليمان

اقرأ أيضاً