أثر برس

الثلاثاء - 16 أبريل - 2024

Search

كليةٌ للطب في ريف الباب.. تركيا تواصل “تتريك” مناطق نفوذها في الشمال

by Athr Press G

خاص || أثر برس ما تزال تركيا مستمرة في سياسة “تتريك” المناطق الخاضعة لسيطرة قواتها والمجموعات المسلحة التابعة لها في الشمال السوري، وخاصة ضمن مناطق ريف حلب الشمالي، عبر اتخاذ المزيد من الخطوات المتمثلة سواء بافتتاح مشاريع تعليمية تابعة لها بشكل مباشر، أو عبر فرض مؤسساتها الخدمية على قاطني تلك المناطق، في خطوات تؤكد النية التركية الاستعمارية لمناطق الشمال.

فبتوقيع مباشر من الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”، أعلنت أنقرة يوم أمس عن افتتاح كليةٍ للطب البشري، إلى جانب معهد عالٍ للعلوم الصحية في بلدة الراعي التابعة لمدينة الباب في ريف حلب الشمالي الشرقي، تتبعان لجامعة العلوم الصحية التركية في مدينة “إسطنبول”.

وفور صدور قرار إحداث الكلية والمعهد، سارعت الصحف التركية إلى إعلان الخبر والتغنّي بالخدمات التي تقدمها تركيا لأهالي ريف حلب الشمالي، مشيرةً إلى أن تلك الخطوة تأتي “بهدف مساعدة طلاب الشمال السوري على إتمام دراستهم”، إلا أن النية التركية بترسيخ وجودها في الشمال السوري و”تتريك” مناطقه لتثبيت نفوذها، سرعان ما بدت واضحة للعيان منذ اللحظة الأولى للإعلان، والذي اعتُمد في نصه اسم “جوبان باي” بالتركية، على المنطقة التي افتتحت فيها الجامعة، بدلاً من الاسم العربي للمنطقة، بلدة “الراعي”، والذي تم ذكره لاحقاً ضمن نص الإعلان.

الكلية الجديدة، ليست الأولى من نوعها التي تفتتحها أنقرة ضمن المناطق المحتلة من قبلها في الشمال السوري، حيث كانت أعلنت جامعة “غازي عنتاب” التركية في شهر تشرين الأول من عام /2019/ عن افتتاح ثلاث كليات تابعة لها في الشمال السوري المحتل، وتحديداً في ريف حلب، تمثلت في كلية للتربية بمنطقة عفرين، وكلية للعلوم الإدارية والاقتصادية في الباب، وثالثة متخصصة بالعلوم الإسلامية في منطقة إعزاز، حيث حمل كتاب افتتاح تلك الكليات حينها أيضاً، توقيع الرئيس التركي “أردوغان”.

نهج “التتريك” الذي اتبعته أنقرة وما تزال تتبعه في أرياف حلب، منذ سيطرتها على معظم مناطقه خلال الأعوام الخمس الماضية، لم يكن مقتصراً على المؤسسات التعليمية، بل امتدت لتصل إلى إرسال شركات خدمية متنوعة خاصة إلى تلك المناطق، للتحكم بعيش المواطنين ومفاصل الحياة هناك، حيث تم بداية إزالة أبراج التغطية الخلوية السورية، وإقامة أبراج تغطية تابعة لشركة الاتصالات التركية لإرغام الأهالي على شراء شرائح الاتصال التركية والاستغناء عن السورية.

كما تخلل السنوات الماضية، دخول شركة كهرباء تركية خاصة، اتخذت من منطقة إعزاز مقراً لها، وأقامت مولدات وشبكات كهربائية، لتوليد الطاقة إلى منازل الأهالي، ولكن مقابل مبالغ مادية باهظة، أرهقت المواطنين وزادت من معاناتهم المعيشية، حيث أفاد عدد من الأهالي لـ “أثر”، بأن تلك الشركة باتت تعمل بين كل حين وآخر على رفع تسعيرتها وبشكل متواتر، مستغلة حاجتهم للكهرباء.

وإلى جانب شركة الكهرباء، عملت أنقرة على افتتاح مكاتب للبريد ومبانٍ للإدارة المحلية تتبع لها بشكل مباشر، وفرضت على الأهالي مراجعة تلك المباني في مختلف ما يخص الأمور والوثائق المتعلقة بهم، وخاصة على صعيد استبدال هوياتهم وتسليمهم بطاقات الإقامة التركية المؤقتة “الكيملك” التي باتت مسألة عدم حيازتها تمثل مخالفة للقانون وتستوجب الحبس أو الغرامات من قبل السلطات التركية.

وفي ظل كل تلك الخطوات التركية، كانت أنقرة تعمل على مدار السنوات الماضية، على إرسال مسؤوليها باتجاه مناطق ريف حلب الشمالي، ولوحظ خلال العام الماضي، تزايد نشاط ووتيرة الزيارات التي نفّذها والي ولاية “كلّس” التركية إليها، وخاصة إلى منطقة عفرين، حيث باتت تلك المناطق تتبع بشكل إداري مباشر إلى “كلّس” وعلى مختلف الصعد والجوانب الإدارية والمعيشية.

وكانت تركيا تعمل باستمرار فور سيطرتها على مناطق جديدة في شمال حلب، على إضفاء الطابع التركي و”تتريك” مفاصل الحياة، ولعل ما حدث في عفرين التي خضعت لسيطرة القوات التركية وفصائلها المسلحة مطلع العام /2018/ خير دليل على تلك السياسة الواضحة، حيث سرعان ما بدأت أنقرة بتغيير أسماء القرى والبلدات وحتى الشوارع الرئيسية واستبدال الأسماء العربية والكردية بأسماء تركية، فيما أطلق اسم الرئيس التركي “أردوغان” على أحد الشوارع الرئيسية في عفرين المدينة، فيما تم رفع العلم التركي فوق مختلف المدارس والمنشآت والمباني في المدينة، قبل أن يتم إدخال اللغة التركية بشكل رسمي إلى المناهج التي يتم تعليمها في مدارس المنطقة.

وتسيطر تركيا على معظم أجزاء ريف حلب الشمالي، بدءاً من منطقة عفرين التي سيطرت عليها خلال العملية المسماة “غصن الزيتون” مطلع العام /2018/، مروراً بإعزاز والباب ووصولاً إلى جرابلس، وهي المناطق التي كانت سيطرت عليها القوات التركية وفصائلها بين عامي /2016/ و/2017/ خلال العملية التي أسمتها أنقرة آنذاك بـ “درع الفرات”.

زاهر طحان – حلب

اقرأ أيضاً