أثر برس

الإثنين - 6 مايو - 2024

Search

قمة جدة.. تطبيق عملي لمقاربات جديدة خلقتها المتغيرات الإقليمية الأخيرة

by Athr Press Z

تكتسب عودة سوريا إلى الجامعة العربية أهميتها من خلفيات الحدث ومؤشراته وظروفه، فمعظم التحليلات تؤكد أن الحضور السوري في قمة الـ32 هو نتاج لمتغيرات عديدة شهدتها منطقة الشرق الأوسط، وخلقت معادلات جديدة.

القمة تخللها مشاهد عدة كانت تحت الأضواء وعكست حقيقة هذه المتغيرات سواء فيما يتعلق بعودة الرئيس الأسد أو دعوة الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلنسكي، المفاجئة للقمة، حيث لفت تقرير نشره موقع قناة “الحرة” الأمريكية أن حضور زيلنسكي أزاح الأضواء عن العودة السورية للجامعة، فيما قرأت تحليلات أخرى هذا الحضور على أنه بمثابة محاولة سعودية لخلق التوازن في التحالفات مع القوى العظمى، وفي هذا السياق لفتت صحيفة “الأخبار” اللبنانية إلى أن “قمة جدة حوَت الكثير من المفارقات التي تجعلها قمّة غير عادية بكلّ المقاييس، والأكثر إثارة فيها هو أن عدداً لا يستهان به من الدول العربية، ولا سيما الخليجية منها، وبتحديدٍ أكثر السعودية، غادرت موقع (البصم) على الإرادة الأمريكية، كما كان يحصل سابقاً، وبالتالي أغضبت الأمريكيين، قبل أن تمنحهم جائزة ترضية تمثّلت في دعوة مدلّلهم في عالم اليوم، الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، كنوع من التوازن مع الحضور الطاغي للرئيس بشار الأسد”، وأضافت في مقال آخر أنه “المسار التصالحي بين سوريا وبعض الدول العربية، كان وليدَ مجموعة كبيرة من المتغيّرات الدولية والإقليمية، الخارجة عن سيطرة وربما تأثير أيّ من المجتمعين في جدّة أمس، فاحتدام الصراع الدولي بين روسيا والغرب، وانفجاره في أوكرانيا، وبين الصين والولايات المتحدة، وأيضاً بين إيران والغرب، كان لا بدّ أن يترك أثره البالغ على مجمل المشهد في المنطقة، وكانت بداية هذا المسار، في قناعة حلفاء واشنطن في المنطقة بضرورة تنويع الشراكات، وفي مقدّمة هؤلاء السعودية، التي انكَوت بنار تراجع النفوذ الأمريكي” وتابعت الصحيفة أنه “لا يجب أن يتجاوز حقيقة جوهرية، وهي أنه بينما كان الكونغرس الأمريكي قبل أيام، يذكّر بقانونَي “قيصر” و”الكبتاغون”، الراميَين إلى حصار سوريا وتجويعها، وبينما تَصدر البيانات تلو الأخرى عن الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض، حول عدم دعم واشنطن لمسار عودة العلاقات العربية – السورية، كان وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، يرعى حفل إعادة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية، مع ما يعنيه التزامن من تحوّلات غير خافية في السياسة الخارجية السعودية، وفي شكل العلاقات السياسية والاقتصادية في المنطقة، علماً أن ابن سلمان يقدّم نفسه على أنه الرجل الذي أنهى الحرب (على سوريا)، والتي بدأها غيره”.

الإعلام العبري أيضاً قرأ في هذه القمة واقعاً جديداً في الشرق الأوسط، يضر بمصالح ووجود الكيان الإسرائيلي حيث قال المُستشرق تسفي بارئيل، مُحلِّل الشؤون العربيّة في صحيفة  “هآرتس” العبريّة: “لا حاجة فيما إلى قاموس جديد لندرك أنّ السعودية قررت إدارة استراتيجية جديدة في الشرق الأوسط لا تكون فيها شريكة في ائتلاف بناه آخرون، بل هي المبادِرة والمخطِّطة والمنفِّذة لخطوات سياسية يمكنها تغيير وجه المنطقة، فالعملية الدبلوماسية السعودية يمكن أنْ تقيّد حرية نشاط إسرائيل في سوريا، لأنّ سوريا ذات السيادة والعضو من جديد في الجامعة العربية، والتي توشك على استئناف علاقاتها مع تركيا، وتحظى بدعم روسي كبير، يمكنها أنْ تجنّد منظومة علاقاتها الجديدة لكبح الهجمات الإسرائيلية في أراضيها، ومثل هذا الطلب السوريّ يمكن أنْ يحظى بتأييد كبير إذا نضجت محادثات التطبيع بينها وبين تركيا، والتي في إطارها، ستوافق تركيا على إخراج قواتها من الأراضي السورية”.

فيما أشارت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية إلى تأثير التقارب السعودي- الإيراني في خلق هذه المتغيرات، حيث نشرت: “حقق الشرق الأوسط قفزات كبيرة بينما نحن نتخلف عن الركب، وعلى عكسنا  تتحرك دول أخرى في المنطقة باستمرار،  إنهم يصلحون العلاقات المتوترة ويشكلون تحالفات جديدة ويخلقون واقعاً جديداً لا تكون إسرائيل جزءاً منه”.

يشار إلى أن عودة سوريا إلى الجامعة العربية جاءت بعد تحركات عربية عديدة، نشطت بعد زلزال شباط الذي دمر مناطق شمال وشمال غرب سوريا، وبلغت هذه التحركات ذروتها بعد التقارب السعودي- الإيراني الذي تم في آذار الفائت برعاية صينية، حيث أقدمت الرياض بعد هذا التقارب على تحركات إيجابية عديدة إزاء سوريا، برزت من خلال زيارة وزير الخارجية فيصل المقداد، إلى الرياض وزيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، إلى دمشق، والاجتماع الذي استضافته السعودية لمجلس التعاون الخليجي وبحضور أردني ومصري، وبعده اجتماع عمّان الذي ضم وزراء خارجية سوريا والسعودية والأردن والعراق، وصدرت عنه مخرجات يبدو أنها مهّدت للإعلان عن عودة سوريا للجامعة العربية في 7 أيار الجاري.

أثر برس 

اقرأ أيضاً