أثر برس

الإثنين - 29 أبريل - 2024

Search

شغب الملاعب داء يحتاج لعلاج قبل أن تقع الفأس بالرأس

by Athr Press M

خاص || أثر سبورت

عادت ظاهرة شغب الملاعب للظهور في ملاعبنا بالآونة الأخيرة بشكل أزعج الجميع، وبات الخوف أن تتسع بشكل سلبي يصبح الأمر معها مخيفاً إلى درجة عدم الذهاب لحضور المباريات.

إلى الآن ما زال الشغب في ملاعبنا ضمن حدود السيطرة ولم يخرج عن المألوف إلا في المباراة الأخيرة بين الفتوة وجبلة، حيث قام بعض المتهورين وهم قلة لا يمثلون إلا أنفسهم بتكسير مقاعد ملعب الفيحاء ورميها على مضمار الملعب، وعدا ذلك كان الشغب يقتصر على تبادل الشتائم بين جمهوري الفريقين المتنافسين ويصل أحياناً لتبادل رمي الحجارة، أي أنه حتى الآن ضمن نطاق السيطرة وبالإمكان القضاء عليه بقليل من التوعية.

أسباب شغب الملاعب:

تتنوع أسباب الشغب وتختلف بين مباراة وأخرى وقد تتدخل ظروف أخرى غير الرياضية في افتعالها، ولكن هذا لم يحدث في ملاعبنا التي ما زالت خاضعة لتأثير العاطفة فقد تسبب صافرة خاطئة من الحكم أو تصرف أحمق من لاعب أو إداري أو قرار من اتحاد اللعبة لا يرضي جمهوراً معيناً أو تصريحات من أحد الكوادر ردود فعل في أرض الملعب تمتد إلى المدرجات فتحدث فيها بلبلة، وقد تتطور كما ذكرت إلى شتائم وتبادل رمي الحجارة وإن تطورت فتبقى ضمن تكسير ملاعب أو تحطيم الأبواب وغيرها ضمن حدود الملعب، وهو ما حدث حتى الآن في ملاعبنا ولم يخرج عن هذا الإطار.

في دراسة أجراها بعض المختصين في دراسة شغب الملاعب وجدوا ثلاث مصطلحات يجب التمييز بينها وهي العنف، والعداء أو العدوانية ثم الغضب، غير أنهم يؤكدون أن كلاً من العنف أو الغضب لهما حالة معينة، ثم يخمدان، بخلاف العدائية التي تعتبر مرضاً، وهي اتجاهات سلبية، تتمثل في الحقد والكراهية، والرغبة في الإيذاء، سواء في إيذاء الذات مثل ما نرى في حالات الإدمان المتعددة، أو إيذاء الآخر، وهذا ما نراه من بعض الفئات الهائجة من الشباب، التي تعتدي سواء على الممتلكات العامة، أو المارة بالسرقة، وغيرها من السلوكيات المَرَضية والضد اجتماعية والتي لم تصل لمجتمعنا حتى الآن إلا في حالات نادرة حدثت في سنوات مضت ومن ثم غابت.

طرق علاج الشغب:

تعد ظاهرة الشغب خطيرة جداً تضر المجتمع وتلحق الأذى به وتخلق حالة سلبية بين أفراده إذا لم يتم تركها وعلاجها منذ بدايتها أو قبل بدايتها بتعبير أدق، وقد تنمو وتصبح سرطاناً يصعب علاجه خاصةً إذا ما وجدت هذه الظاهرة شباباً بعيدين كل البعد عن الوعي والأخلاق الرياضية.

وجد المختصون والمهتمون العديد من الحلول للحد من هذه الظاهرة والقضاء عليها ومن أهمها:

-العمل على ضرورة إرشاد وتوجيه الأندية والجماهير، بالكف عن إثارة أعمال العنف والشغب داخل الملاعب الرياضية، وذلك لأن الرياضة أداة ووسيلة لنشر التفاهم والمحبة والتعاون والانسجام والسلام والوئام بين الأفراد الرياضيين وليست وسيلة لنشر الكراهية والعنف والعدوان والغدر والإحباط، ويجب أن تتولى تنفيذ هذه المهمة وسائل الإعلام الجماهيرية والمدارس والأسر والنوادي الرياضية والمراكز الثقافية والرياضية والمنظمات المهنية والجمعيات الاجتماعية.

-فرض العقوبات القاسية على الفرق الرياضية غير الملتزمة بقوانين وضوابط اللعب النظيف، حيث قد تأخذ العقوبات الرياضية عدة طرق أهمها فرض الخسارة على الفرق غير الملتزمة بضوابط اللعب النظيف السليم ووضعها في القائمة السوداء وحرمانها من اللعب لفترة زمنية معينة والقيام بفرض الغرامات عليها.

-تشجيع اللعب النظيف واعتماد مكافآت لذلك، وبذات الوقت اعتماد العقوبات على من يمارس اللعب غير النظيف.

-العمل على إعادة تنشئة الفرق الغير منضبطة سلوكياً وأخلاقياً، حيث أن إعادة تنشئتها تكفل سلامة سلوكها الرياضي وتكفل استقامة علاقتها بالفرق الأخرى.

-التعامل مع مثيري الشغب الجماهيري داخل الملاعب الرياضية بكل حزم وقوة مع العمل على عدم دخولهم للملاعب والتقاط صور لهم أثناء قيامهم بالشغب وعقوبتهم بعد ذلك، مثلما يحدث في بعض البطولات الأوروبية فهذه العقوبة تؤثر في الآخرين ممَّن يفكرون في ارتكاب الشغب مرة أخرى.

-تكثيف وجود رجال حفظ النظام بعدد يتناسب مع حجم المباراة الرياضية أثناء وعقب المباريات الحاسمة.

-اختيار الأشخاص المناسبين لقيادة روابط المشجعين والألتراس وتفعيل دورهم وحثهم على الاجتماع مع نظرائهم في الأندية الأخرى للعمل على نبذ المشاغبين والتحلي بالتشجيع الأخلاقي.

-أن تقوم لجنة الحكام بالعديد من الإجراءات العملية مثل: (توعية الحكام بضرورة الابتعاد عن الميل والشعور العاطفي أثناء المباراة الرياضية، أن يبتعد الحكام عن القيام بتحكيم المباريات التي يشارك فيها أندية يشجعونها)

-ضرورة القيام بالإجراءات الإعلامية، وذلك من خلال العمل على التنويه بالروح الرياضية كما يجب إحداث مساحة في مختلف الأجهزة الإعلامية لتذكير الجمهور بضرورة ضبط النفس وضرورة التحلي بالسلوك الاجتماعي الحضاري، كما يجب تجنب إثارة أو شحن الجمهور بأساليب تحث على نشر كراهية المنافس أو زرع بذور الحقد بين الجماهير المشجعة.

-إخضاع عناصر حفظ النظام ومكافحة الشغب لدورات في كيفية التعامل مع الجمهور، ولفت نظر هذه العناصر إلى أن الجمهور ليس عدواً يجب قمعه وإنما هم بشر يخطئون بسبب العاطفة أو تحت تأثير ظروف أخرى، ومعاملتهم بروح القانون وضبط النفس معهم قبل استخدام الهروات ووسائل القمع.

-ضرورة القيام بالإجراءات الأمنية من خلال العمل على مراقبة المدرجات بطريقة شبكات الكاميرات، كما يجب العمل على تخصيص أماكن خاصة بالجمهور الضيف بعيدة عن جماهير أصحاب الأرض مع ضرورة القيام بتخصيص مواقف للسيارات وبوابات الدخول والخروج خاصة بالجمهور الضيف ويجب التأكيد على منع إدخال الآلات والمواد الحادة والعصي والألعاب النارية.

إجراءات متعلقة بالمكان:

وهنالك أيضاً العديد من الإجراءات المتعلقة بالملاعب نفسها قد يتم اتخاذها للتخفيف من شغب الملاعب ومن هذه الإجراءات:

-ضمان عدم وصول الجماهير إلى أرض الملعب والأماكن المخصصة للاعبين والكوادر التدريبية ووسائل الإعلام من خلال خلق الحواجز المناسبة والتي تضمن أيضاً عدم إلحاق الضرر بالجماهير.

-توفير الخدمات اللوجستية اللازمة كالمطاعم ودورات المياه وغيرها، بأعداد تتناسب مع أعداد الجماهير ومدة الأحداث المقامة في الملعب.

-توفير مواقف سيارات ومحطات توقف لوسائل النقل قريبة وكافية لتجنب اشتراك الجماهير بأعمال الشغب والعنف أثناء خروجهم من أرضية الملعب.

-تقسيم الحشود في الملاعب إلى مناطق محددة جداً وتخصيص مقاعد مقسمة وشخصية، مما يقلل من احتمالية حدوث أعمال الشغب.

-إعادة تصميم الملاعب التي تسهل حدوث أعمال الشغب فيها وإجراء التعديلات اللازمة والتي تحد من أعمال الشغب.

– وضع اللافتات الإرشادية والتحذيرية بأماكن واضحة ومرئية وسليمة

أهم أعمال الشغب العالمية:

ذهب الكثير من المشجعين ضحية لأعمال الشغب في مختلف الملاعب العالمية وسقط الكثير منهم مابين قتيل وجريح ومن أهم هذه الأحداث:

–في عام 1964 وقعت أحداث شغب في الاستاد الوطني بالعاصمة البيروفية ليما بسبب إلغاء هدف في الدقائق الأخيرة في مباراة بين فريقين محليين، ما أثار غضب الجماهير وتسبب في إلغاء المباراة وسقوط 318 قتيل وإصابة أكثر من 500 متفرج.

_في عام 1969 خاضت السلفادور وهندوراس حرباً استغرقت 4 أيام وراح ضحيتها آلاف الأرواح بسبب مباراة بكرة القدم بين منتخبي البلدين، وما يزال كثيرون يتذكرون هذا النزاع باسم “حرب الكرة”.

_في عام 1974 سقط 74 قتيلاً وأصيب أكثر من 150 آخرين في مباراة في الأرجنتين بين الغريميين ريفر بليت وبوكا جونيور وكان ذلك بسبب تدافع الجماهير.

–في عام 1971 خلال مباراة بين فريقي سلتيك وجلاسجو رينجرز في اسكتلندا وقع الكثير من أحداث العنف وتدافعت الجماهير ودُهس الكثير بسبب تغير النتيجة في الثواني الأخيرة، وتسبب ذلك الحادث في سقوط 66 قتيلاً ونحو 200 مصاب.

–في عام 1982 حدثت مأساة كبيرة بسبب كرة القدم وسقط 340 قتيل و بضعة آلاف من المصابين، وكان ذلك خلال مباراة بالبطولة الأوروبية بين سبارتاك موسكو الروسي وهارليم الهولندي.

–في أيار 1985 أدى حريق اشتعل في الساحة الخشبية لملعب “فالي باراد” في إنكلترة خلال مباراة محلية بين فريقي برادفورد سيتي ولينكولن سيتي إلى مقتل 56 مشجعاً.

–في عام 1985م حدثت اشتباكات بين الجماهير في المباراة النهائية للبطولة الأوروبية بين يوفنتوس الإيطالي وليفربول الإنجليزي، وقد نتج عن تلك الاشتباكات إلى سقوط 39 قائلا وكان أكثرهم من الإيطاليين، ما حرم الفرق الإنجليزية من المشركة في البطولات الأوروبية مدة خمسة أعوام.

–في عام 1989م اشتعلت أحداث العنف في ملعب هيلزبره بمدينة شيفيلد بمباراة بين ليفربول ونوتنجهام فورست بسبب فتح البوابات لجماهير من ليفربول تواجدت بخارج الملعب، ما أدى إلى اندفاع جماهيري سقط على إثره 96 قتيلاً.

-في عام 1996 تسببت بعض أحداث الشغب الجماهيري إلى مقتل 84 قتيلاً خلال مباراة بين جواتيمالا وكوستاريكا بمدينة جواتيمالا سيتي.

–في عام 2009 سقط نحو 19 قتيلاً بسبب تدافع الجماهير للالتحاق بالمباراة بملعب أبيدجان قبل انطلاق المباراة بين كوت ديفوار ومالاوي بتصفيات كأس العالم.

–في عام 2011 تصدرت حادثة بورسعيد قائمة العنف في الملاعب حيث سقط 74 قتيلاً ومئات المصابين خلال مباراة المصري والأهلي، ما أدى إلى إلغاء الدوري في ذاك العام، وبعد ذلك تم استكماله ولكن بدون حضور الجمهور.

قبل أن تقع الفأس بالرأس:

ما ذكرناه عن حوادث جرت وضحايا سقطت ليس إلا تنبيهاً، وذكّر لعل الذكرى تنفع فنحتاط للأمر لكي نحد من وقوعه، رغم أننا كما ذكرت لم نصل لأبعد من تكسير الكراسي وتبادل رمايات الحجارة والشتائم، وإن حدث أبعد من ذلك فهو لحوادث فردية وليس بسبب أعمال شغب جماعية يجب ألا نصل إليها إن استفدنا من تجارب الآخرين.

الشغب هو سرطان الرياضة وهو داء لا برء منه إن استفحل، وتعاون الجميع مع بعضهم ونبذ المشاغبين يبعد الشغب ومسببيه عن رياضتنا.

كروياً.. دخل دورينا مراحله الحاسمة وكل المباريات القادمة هي نهائي كؤوس سواء في القمة أو القاع وعلى الجميع تحمل مسؤولياته تجاه رياضتنا، لأن الخطأ ممنوع وليكن ما حدث في مباراة الفتوة وجبلة درساً يجب الاستفادة منه حتى لا تقع الفأس في الرأس ونبكي ساعة لا ينفع الندم.

محسن عمران

اقرأ أيضاً