أثر برس

الثلاثاء - 16 أبريل - 2024

Search

دول الشرق الأوسط يبحثون عن حلفاء جدد.. والأكراد لا يريدون التخلي عمن تخلى عنهم

by Athr Press R

بخطوات مدروسة وتخطيط دقيق يواصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خطته في فك الارتباط الأمريكي الأحادي مع دول الشرق الأوسط من خلال تعميق علاقته مع بعض الدول المؤثرة كإيران وتركيا والاستفادة من حالة التخبط في الإدارة الأمريكية والتي عكست بدورها حقيقة أن الولايات المتحدة حليف “لا يعتمد عليه“.

قد تكون الورقة الذهبية التي ساعدت الرئيس الروسي في خطته هي شخصية الرئيس الأمريكي الجشعة  والصريحة إلى حد الوقاحة والتي كشفت بدورها طبيعة علاقته مع دول المنطقة والخليج خصوصاً والتي مفادها “أريد أموالكم دون حماية”، وهو ما أعطى نتائج عكسيّة، انعكست سلباً على المصالح الأمريكيّة في المنطقة، وهزّ الثّقة بالصورة الأمريكيّة ومصداقيّتها، وأخجلت حلفاء أمريكا أمام شعوبها.

كل ذلك ترجم بالزيارة التي أجراها الرئيس الروسي قبل أيام إلى الرياض وأبو ظبي والتي جاءت في مرحلة بالغة الحساسية إقليمياً، في ظلّ الانكفاء الأمريكي الذي بدأت ترجمتُه عملياً على الأرض، حيث بات من الواضح أن السعودية تريد تنويع العلاقات مع أكثر من شريك دولي فاعل، وسط أزمات تعيشها على أكثر من مستوى، وفي ظلّ ابتزاز أمريكي جديد من خلال الحديث عن النية بالانسحاب من المنطقة.

يوحي ما جرى إلى أن العديد من الدول قد فهمت حالة السياسة الأمريكية الأخيرة على مستوى منطقة الشرق الأوسط وفي سورية خصوصاً، لكن الأمر المستغرب أنه هناك بعض القوى المحلية التي لم تفهم المشهد حتى الآن على الرغم من أنها أكبر المتضررين من الوعود الأمريكية.

قيادات “قسد” لم تفهم الدرس حتى اللحظة

على الرغم من وجود العديد من الأمثلة أمام قيادة “قسد” إلّا أنه يبدو أن الأخيرة لم تفهم المشهد حتى الآن، حيث يبدو من خلال تصريحات مسؤوليها بأنها لا تزال تستند على تحالفها مع الإدارة الأمريكية التي لم يمض أكثر من أيام معدودة على آخر صفعة مؤلمة وجهتها لها.

أهم مؤشر على رغبة “قسد” ببقاء التنسيق مع الولايات المتحدة هو انسحابها من رأس العين، فبعيداً عن المشهد الميداني الذي يصب في مصلحة القوات التركية، فإن “قسد” لم تجر أي ردة فعل على الاتفاق الأمريكي مع تركيا والذي سيؤدي إلى خسارة المواطنين الكرد جزء كبير من قراهم في تلك المنطقة على رغم تتالي مؤشرات الانسحاب الأمريكي من الأراضي السورية، حيث صرح القائد العام لـ”قوات سوريا الديموقراطية” مظلوم عبدي، لوسائل إعلام فرنسية: إن “قواتهم ترغب في استمرار وجود الدور الأمريكي في سورية لخلق توازن على الأرض”، معتبراً أن “قواتهم اضطرت إلى التنسيق مع الدولة السورية وروسيا بعد إعلان الانسحاب الأميركي”، لافتاً إلى “تمسّكهم بخصوصية قواتهم كجزء من منظومة الدولة السورية من خلال استمرار عملها في مناطق وجودها وبإشراف الجيش السوري”.

ازدواجية المعايير لدى قيادات “قسد” تصب في المصلحة التركية

يبدو من الواضح بأن قيادة “قسد” تعمل وفق حالة من ازدواجية المعايير فهي تسعى إلى الاستفادة من وجود الجيش السوري وإبقاء ارتباطها مع الولايات المتحدة التي بات من الواضح أن بقاءها في مناطق الاشتباك أصبح صعباً جداً، تلك المحاولات الكردية في التماشي مع قوتين متحاربتين لا تصب إلّا في مصلحة الأتراك كون ذلك سيفتح أمامهم مجال المناورة بشكل أكبر مع الولايات المتحدة بالاستناد إلى أن “الوحدات الكردية” لا تخضع لسيطرتها، وتجاه روسيا من ناحية أخرى بحجة أن “الوحدات الكردية” تعمل ضمن الأجندة الأمريكية ما من شأنه تهديد مساحات أكبر من الشمال السوري وتدمير المزيد من القرى الكردية في المنطقة.

وكانت قد أفادت العديد من التقارير الإعلامية بأن القوات الكردية تحشد في منطقة الدرباسية على الرغم من الهدنة المعلنة بين الولايات المتحدة وتركيا، في حين يواصل الرئيس التركي تهديداته بأن قواته ستدخل إلى طول الحدود السورية التركية لإعلان ما يسمى بـ “المنطقة الآمنة”، إلّا أنه وبالمقابل كان قد صرح قبل أيام بأنه لا يمانع وجود الجيش السوري والشرطة الروسية في مدينة عين العرب ومنبج ما يشير إلى أن الرئيس التركي لن يدخل بأي حالة تصعيد مع الجانب الروسي في ظل العلاقات المتعمقة بين الطرفين.

قد يتعين على القيادات الكردية فهم حالة تراجع الهيمنة الأمريكية بشكلٍ أفضل خصوصاً وأن الأخيرة لم تتوان عن بيع قرى الأكراد مع بدء تحرك الآليات العسكرية التركية في شمال سورية قبل أيام، بالمقابل فإن استناد الأكراد “بشكل كامل” إلى الدولة السورية والحليف الروسي سيؤدي إلى انسحاب أمريكي كامل من منطقة “شرق الفرات” كون ذلك سيسلخ من الأمريكيين حليفتهم المتمثلة بـ”قسد”، وسيمنع التوسع التركي بعد انتفاء حجتها بوجود قوات تهدد أمنها القومي وسيحمي ما تبقى من قرى الأكراد في الشمال السوري، وقد يعيد القرى التي خسرتها خلال العمليات الأخيرة، فلماذا لا يتخلى الأكراد عمن تخلى عنهم؟

اقرأ أيضاً