أثر برس

خاص| سوريا تشق طريقها نحو العراق وتضع واشنطن في مأزق.. كارثة أم إنجاز؟

by Athr Press

يبدو أن الغارات الأمريكية لم توقف القوات السورية وحلفائها عن التقدم نحو الحدود العراقية، قرار العملية أُخد منذ نحو شهر ونُفذ من أيام وحَقّق أولُ أهدافه أمس، جوهر الحديث هنا يكمن في الخطوة التي حققتها القوات السورية قبل عشرون ساعة من الآن، وهيّ التقائها مع القوات العراقية شمال معبر التنف في البادية.

سُجل في الشرق السوري أمس نُقطة فاصلة قد تقلب وجه الصراع رأساً على عقب، شقُ الطريق نحو الحدود العراقية من قبل القوات السورية يُنبئ بأن الجانب الأمريكي سيلجأ “حتماً” إلى التصعيد، رغم أنه بات يشكل “الحلقة الأضعف” سياسياً وعسكرياً في تفاصيل الملف السوري.

 

الخطة.. سرٌ أم علن؟

لم تكن خطة التقدم نحو الحدود العراقية ذات طابع “سري”، إذ أن التنسيق بين القوات السورية وقوات الحشد الشعبي العراقي وحلفائهما -الروسي والإيراني- كان جليّ الملامح وواضحٌ وضوح الشمس، انطلاقاً من ريف السلمية، ربطاً بريف حلب الشرقي، إلى ريف السويداء جنوباً، كل ذلك كان كفيل بفتح الطريق نحو الحدود العراقية.

الهدف المبدئي من قرار العملية كان فتح طريق يمتد لعشرات الكيلومترات من الأرضي السورية باتجاه الحدود العراقية، على أطراف معبر التنف بحوالي 55 كلم لناحية الشمال الغربي منه، ضربات جوية متكررة نفذتها الطائرات الأمريكية ضد الوحدات المتقدمة على الأرض، ولكن “دون جدوى”!.

لاشك أن وضع الحليف الإيراني لثقله في هذه العملية، وخصوصاً بعد الحديث عن زيارات ميدانية قام بها الجنرال قاسم سليماني لمنطقة العمليات والدعم الجوي الروسي المباشر لها، دفع واشنطن إلى إعادة ترتيب أوراقها من جديد، فضلاً عن أنه وضعها في مأزق الاختبار، ولاسيما أنها تحاول تجنب التصادم المباشر مع القوى الإيرانية لاعتبارات سياسية ودولية.

 

صراع “رسائلي” وتحذيرات مُبطنة

رسائل مُبطنة حملتها الأطراف المتنازعة في مناوشاتها ضد بعضها البعض، فالرسائل التي وجهها الجانب الأمريكي إلى القوات السورية وحلفائها أظهرت مدى خشيته وحرصه على عدم استفزاز القوى المُستهدفة خوفاً من ردة فعلها، لذا اتسمت هذه الرسائل بـ “الهشاشة والضُعف”.

بالمقابل، من الواضح أن الرسالة التي بعثتها القوات السورية وحلفائها إلى الجانب الأمريكي بالغة القوة، ولاسيما أنها تحمل في طياتها تحذيرات فحواها “لن نتراجع مهما كلف الأمر”.

اللافت في الأمر أن القوات الأمريكية لم تتخذ التدابير الرادعة التي تتخذها عادة في معاركها الحساسة، كعمليات الإنزال الجوي أو الانتشار برياً بغية منع القوات المتقدمة من تحقيق أهدافها، كل ذلك يشير إلى مدى التخبط الذي كان يسيطر على الطرف الأمريكي في صراعه مع الجانب السوري بشكل عام والجانب العراقي والروسي بشكل خاص.

مع العلم، أن واشنطن تخشى من إتمام أي اتصال بري بين دمشق وبغداد عن طريق معبر التنف، ولاسيما أن هذا الاتصال يعزز من قوة التنسيق بين القوات السورية من جهة وقوات الحشد الشعبي العراقية من جهة أخرى، لذا كان من المتوقع أن يستخدم الجانب الأمريكي “ورقة ضغط” مفاجئة يعرقل خلالها تقدم القوات.

 

على لسان قيادي ميداني.. ما هي سمات العملية؟

في ضوء التقدم نحو الحدود العراقية، يقول أحد القادة الميدانيين: “العملية أمس جاءت استكمالاً لمساعي قطع الطريق على القوات الأمريكية ومن معها للتمدد شمالاً في البادية، وبالتالي السيطرة على الحدود”، مضيفاً: “بعد التطورات التي حصلت على الطريق الواصل إلى معبر التنف، والذي شهد ثلاث غارات أمريكية، اتُّخذ قرار بتخفيف التوتر على طريق التنف، وبذلك بقي أمام القوات السورية وحلفائها خيار اللجوء إلى قطع الطريق على واشنطن وتطويق قواتها وعزلهم عن الجزء الشمالي من البادية”.

وتابع قائلاً: “التقدم كان صعباً، وخاضت القوات السورية وحلفائها اشتباكات عنيفة مع مسلحي داعش الذين استنفذوا قدراتهم العسكرية في المنطقة، ومن خلال السيطرة التي حصلت أمس أصبح للقوات أفضلية عسكرية من خلال انكشاف المساحة التي ينوون التقدم فيها، وأصبحت بمعظمها تحت السيطرة النارية”.

 

مواقف دولية ورود فعل

من جانبه، قال المتحدث باسم “التحالف الدولي” معلقاً على المجريات الميدانية الأخيرة: “ما تقوم به القوات السورية وحلفائها قرب مواقع التحالف يثير قلقنا، ونشدد على أننا سنتخذ التدابير الملائمة لردع أي اعتداء” على حد تعبيره.

أما الجانب الروسي، فكان السّباق بعرض الخريطة الأولى لوصول طلائع القوات السورية إلى الحدود العراقية، إذ عُقد اجتماع في مقر وزارة الدفاع بموسكو فور إعلان وصول القوات السورية إلى حدود العراقية، في إشارة من روسيا إلى تبينها وتقديرها لهذا التقدم ضد واشنطن.

بدورها، تواصل القوات العراقية عملياتها العسكرية، حيث ثبتت مواقعها عند الحدود السورية، من بلدة “أم جريص” شمالاً وصولاً إلى معبر “تل صفوك” جنوباً، ليكون بذلك طول الخط المتقدمين فيه حوالي 55 كلم من الخط الحدودي، ومن المتوقّع أن تتضمّن خطّة الحشد تقدّماً نحو الجنوب، لتصل القوات حتى معبري القائم والوليد، حيث ستلتقي بالقوات السورية.

 

انجاز هو الأكبر على مر سنوات الحرب حققته القوات السورية أمس عقب وصولها إلى الحدود العراقية، في الوقت الذي أصيبت به واشنطن بـ “خيبة” ربما ستدفعها إلى “التصعيد”، وهنا يطرح السؤال نفسه.. تُرى، ماذا بعد؟.

 

 

خاص| أثر برس

 

 

اقرأ أيضاً