شهد ملف اللاجئين السوريين في لبنان تطورات متسارعة، سيما بعد قضية مقتل باسكال سليمان، بأيدي عصابة مؤلفة من سوريين، ما تسبب بارتفاع حالة الاحتقان في شوارع البلاد من وجود السوريين، وتزايد حالات العنف ضد اللاجئين السوريين في لبنان.
ونتج عن هذه التطورات قرار أوروبي يقضي بمنح لبنان مبلغاً قدره مليار يورو، إذ أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في مؤتمر صحافي بتاريخ 2 أيار الجاري، في السراي الحكومي اللبناني مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس، تقديم حزمة مالية بقيمة مليار يورو دعماً للبنان، مؤكدةً “ضرورة ضمان رفاه اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة”.
ولاقى هذا القرار الأوروبي، غضب الأوساط السياسية اللبنانية، إذ أكد رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، أن هذا القرار تهدف منه أوروبا إلى مساعدة قبرص لعدم خسارة أحد دولها في الاتحاد، وتساءل باسيل حول آلية توزيع الأموال.
بينما اعتبر النائب اللبناني طوني فرنجيه بمنشور في منصة “X” أن حزمة ما وصفه بـ”الإغراءات الأوروبية” تهدف إلى إبقاء النازحين السوريين في لبنان.
وأشار رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، في بيان له إلى أن الحملة ضد هذا القرار “هي محاولة واضحة لاستثارة الغرائز والنعرات، أو من باب المزايدات الشعبية، أو حتى بكل بساطة لعدم الاعتراف للحكومة بأي خطوة أو إنجاز”.
وأضاف البيان أن “الحكومة، ورئيسها نجيب ميقاتي، اتخذت القرار بوضع ملف النازحين السوريين على سكة المعالجة الجذرية، واتخذت سلسلة من القرارات العملية وبُوشِر تطبيقها بعيداً عن الصخب الإعلامي، بالتوازي مع حركة دبلوماسية وسياسية مكثفة لشرح أبعاد الملف وخطورته على لبنان”.
وتابع أنه “بعد سنوات من التجاهل المطلق أوروبياً ودولياً لهذا الملف، بدأت مؤشرات الحركة الحكومية الدبلوماسية تعطي ثمارها ولو بخطوات أولية. وفي كل لقاءاته كان رئيس الحكومة يحذر من أن تداعيات ملف النازحين وخطورته لن تقتصر على لبنان، بل ستمتد إلى أوروبا لتتحول إلى أزمة إقليمية ودولية”.
بدوره، أكد ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، إيفو فرايسن، في لقاء أجراه مع صحيفة “الشرق الأوسط” أنه “لا توجد مؤامرة دولية لإبقاء اللاجئين السوريين في لبنان، كما أنه لا توجد أجندة خفية في هذا الشأن”.
وأضاف أن “المفوضية ستدعو خلال مؤتمر بروكسل إلى زيادة الدعم داخل سوريا، وكذلك في الدول المجاورة لسوريا”، موضحاً أنها ستحث المجتمع الدولي على “استكشاف ما هو ممكن فيما يتعلق بالتعامل بشأن سوريا، فنحن نعترف بأن هذا أمر صعب وحساس، وربما يستغرق بعض الوقت، ولكن إذا أردنا عودة اللاجئين، فعلينا أن ننظر إلى ظروف العودة في سوريا”.
وحول موقف الدولة السورية من عودة اللاجئين السوريين، تؤكد دمشق باستمرار أنها ترحب بعودتهم، وفي هذا الصدد، نشرت السفارة السورية في بيروت، في نيسان الفائت بياناً أكدت فيه أن “سوريا كانت وما تزال مع عودة أبنائها إلى بلادهم، وهي لا تدخر جهداً لتسهيل هذه العودة، والحكومة اللبنانية على معرفة ودراية بهذا الأمر”، مضيفة أن “ما يعيق عودة السوريين إلى بلادهم هو تسييس ملف النزوح من قبل الدول المانحة وبعض المنظمات الدولية المعنية بملف النازحين واللاجئين، وكذلك الإجراءات القسرية الأحادية المفروضة على الشعب السوري، والتي تشمل آثارها السلبية المواطن السوري واللبناني”.
ووفق مصادر في الداخلية اللبنانية نقلت عنها صحيفة “إندبندنت عربي” فإنه يوجد في لبنان 300 ألف نازح لديهم إقامة صادرة عن الأمن العام اللبناني، ومليون و486 ألف نازح مسجل في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أما غير المسجلين في أي مكان فيبلغ عددهم وفق التقديرات 300 ألف سوري.