أثر برس

الإثنين - 6 مايو - 2024

Search

تجميد جزئي لـ “قيصر”: خبراء يوضحون لـ “أثر” مدى تأثيره على الاقتصاد السوري

by Athr Press G

خاص|| أثر برس ناقش خبراء اقتصاديون وقانونيون خلال جلسة حوارية عقدتها جامعة دمشق، الأحد الماضي، قرار وزارة الخزانة الأمريكية المتضمن “السماح بجميع المعاملات المالية المحظورة بموجب قانون قيصر”، اللازمة لجهود الإغاثة من الزلزال في سوريا، في الوقت الذي أثير فيه تساؤلات عدة حول مدى إمكانية استفادة الاقتصاد السوري من الرفع الجزئي للعقوبات الأمريكية أحادية الجانب المفروضة على البلاد.

أضرار “قيصر”: 8.8 مليار دولار سنوياً

على الرغم من الأضرار الكبيرة التي يتركها «قانون قيصر» على الاقتصاد السوري، فأنّ عودة الولايات المتحدة الأمريكية لتطبيق بعض الاستثناءات التي سمح بها “القانون” يمكن أن يكون لها نتائج إيجابية على الاقتصاد السوري خلال الأشهر الستة المقبلة إنّ حسن استغلاله.

وفي هذا السياق، يقول الدكتور علي كنعان نائب عميد كلية الاقتصاد في تصريح لـ “أثر برس”: إنّ “الأضرار السلبية الاقتصادية الناجمة عن قانون قيصر يمكن تقديرها سنوياً بنحو 8.8 مليار دولار”، مؤكداً أن الرفع الجزئي سيعوض جزء من هذه الخسائر ما يؤدي إلى إعادة تحسين الاقتصاد وزيادة الإنتاج.

وبحسبة رياضية بسيطة، إذا أردنا حساب حجم الأضرار السنوية للاقتصاد السوري بالليرات السورية وفقاً لقيمة الليرة أمام الدولار وبسعر الصرف المتداول (6600 ل. س) فقد تصل الخسائر إلى نحو (58.080 ترليون ليرة سورية) سنوياً أي ما يعادل حجم ميزانية سوريا لعام 2023 ثلاث مرات ونصف.

ويطالب كنعان بضرورة التركيز خلال الفترة المقبلة على توجيه المجتمع الدولي والأصدقاء بأن يشمل الرفع الجزئي للعقوبات، التحويلات المصرفية من خلال إعادة تفعيل دور المصارف الوطنية ضمن نظام “سويفت” الخاص بالتحويلات المالية بين المصارف، ما يجعل المصارف الوطنية قادرة على التعامل مالياً مع البنوك الأخرى خلال الفترة المقبلة، ليكون ذلك بداية لإلغائه، وهذا سيمكّن الحكومة من تمويل الاستيراد والتصدير من خلال البنوك الوطنية العامة والخاصة، وسيخفض تكلفة الاستيراد التي تزيد حالياً بنسبة 40% عن الحالة الطبيعية، كما سيخفض إتمام هذا الإجراء التكلفة إلى نسبة قليلة جداً تصل إلى (0.2%)، وهي معدلات قليلة لا يكاد أن يكون لها تأثير على أسعار السلع محلياً.

وفيما يتعلق بالانعكاسات المحتملة على الميزان التجاري من جهة تخفيض العجز وزيادة الصادرات، أكّد كنعان أنّ رفع الحظر عن التعاملات المادية، سيكون له تأثير إيجابي، فيمّكن الدول الأجنبية من استيراد سلع إنتاجية محلية وهذا سيشجع الصناعة المحلية ويسهم بإعادة دوران عجلة الإنتاج.

الحكومة غير صائبة بتخفيض سعر الصرف:

أمّا بالنسبة لمساهمة رفع الحظر الجزئي في تحقيق استقرار لسعر الصرف خاصة أنّه خلال اليومين الماضيين شهدت قيمة الليرة السورية ارتفاعاً واضحاً أمام الدولار، فإن أستاذ السياسة النقدية لم يوافق الحكومة ومؤسساتها المالية، على إجراءات تخفيض سعر الصرف، وإنما طالب بضرورة أن يكون هناك تثبيت لسعر الصرف لأن التخفيض برأيه غير صحي ولن يكون له نتائج إيجابية على الاقتصاد الوطني؛ لأن الارتفاع سيكون مؤكد مستقبلاً، والعودة إلى معادلة الارتفاع والانخفاض بحسب كنعان، ستترك تداعيات كبيرة على الاقتصاد وعلى التجار وعلى المواطنين كافة.

واقترح كنعان أهمية “تشكيل هيئة عليا للإغاثة يحدث لها أربع هيئات فرعية في المحافظات لجرد الخسائر والأضرار البشرية والمادية والبنية التحتية ومراكز الإيواء ورفعها بشكل يومي إلى لجنة الإغاثة لتحديد الأضرار بشكل دقيق وتقييمها بالقيمة الحقيقية وفقاً للمعيار الدولي”.

قيصر مخالف للشرعية الدولية والمنظمات الدولية غير ملزمة بتنفيذه

من الناحية القانونية، لا يحمل “قانون قيصر” صفة عقابية دولية وإنما هو إجراء أحادي فرضته الولايات المتحدة الأمريكية على سوريا لتحقيق أجندة سياسية خفية، وهنا يعلق الدكتور هيثم الطاس عميد كلية الحقوق في جامعة دمشق في حديث لـ”أثر” على الأسباب التي أدت إلى نفوذ هذا القانون مؤكداً أنّ “قيصر” هو قانون أمريكي وليس قانون دولي، لم يصدر عن مجلس الأمن، وهو مخالف وليس له شرعية قانونية دولية، والمنظمات الدولية غير ملزمة بتنفيذه ولكن تحميه القوة الاقتصادية الأمريكية وهذا ما أعطاه جانب صفة القانون وطبّق، فكانت آثاره كارثية على سوريا.

وأردف الطاس، تم التركيز على عدم استخدام كلمة “عقوبات” لأن العقوبات قانونياً تصدر عن جهة صاحبة صلاحية، وأمريكا هي ليست مالكة صلاحية لتفرض عقوبات على دولة أخرى، وإنما التسمية الأدق هي إجراءات قسرية أحادية الجانب موجهة ضد الشعب السوري وهدفها “تجويع” الشعب السوري للضغط على القرار السياسي للدولة السورية.

ما جرى تطبيق حقيقي لـ”قيصر

وحول الرفع الجزئي للعقوبات أو تجميد جانب معين من قيصر، أكّد الطاس أنّ ما حصل ليس رفع للعقوبات، وإنما هو إعمال واضح لقيصر، وهو تنفيذ بند من بنوده، وهي صلاحية الرئيس الأمريكي وفقاً لـ”القانون”، أن يجمد جزء من بنوده لفترة محددة ويمكن له لاحقاً تمديد التجميد أو إلغائه، وأضاف “الرئيس الأمريكي ملزم بتقديم تقرير دوري شهرياً أو كل ثلاثة أشهر للكونغرس الأمريكي يوضح خلالها مدى صحة هذا التجميد وأنّه يسير ضمن مسار الجهود الإغاثية ولس له علاقة بإعادة الإعمار”.

وعن الإجراءات المطلوبة محلياً لضمان استمرار الرفع الجزئي أو التجميد للقانون خلال المرحلة المقبلة وتحقيق الاستفادة القصوى منها، أكّد الطاس أنّ هذا الأمر يتطلب وجود آليات واضحة وجهات رسمية تتلقى المساعدات وتوزعها على المتضررين بوضوح وبشكل دقيق يخدم أهداف الإغاثة، كما يتطلب ذلك توفير إحصائيات دقيقة ورسمية حول الآثار والنتائج التي تركها قيصر من الجانب الإنساني لاستخدامها في المطالبات الدولية لرفع القانون كله.

وأضاف الطاس، إنّ فترة 6 أشهر بالتأكيد غير كافية، ولكن يجب أن نحصر خلالها قدر الإمكان أولويات وأرقام نضعها في الصدارة، لأن القانون طبق منذ عام 2020 ومدته خمس سنوات، وبعد انتهاء ستة أشهر يبقى عليه سنة ونصف، و المطلوب اليوم تكاتف الجهود وإنشاء هيئة أو لجنة مسؤولة عن الإغاثة لتنظيم العمل، وتفادي العشوائية التي حصلت في عمليات توزيع المساعدات لأنه لا يوجد طريقة منظمة حالياً، فمن الضروري توخي الشفافية في صرف المساعدات الإنسانية تحت مراقبة الجهات الرسمية لتبيان عدد المتبرعين وحجم التبرعات وعدد المستفيدين ما يشكل حالة من المصداقية.

وركز الطاس على ضروري العمل ضمن مرحلة التعليق الجزئي للقانون على جوانب الإغاثة من خلال عمل الوزارات المعنية بالجانب الإغاثي ومنها وزارة الكهرباء والنفط والصحة مشدداً على أهمية تحديد الحاجات والأولويات الأساسية وضرورة أن تكون الجهات المتعاملة مع الحوالات المصرفية تعمل وفق آلية واضحة لضمان تمديد هذا التعليق في المستقبل، وضرورة البحث عن آلية لتحرير الأصول المصرفية للحكومة التي جمدها “قيصر” في الخارج لاستغلالها فترة الرفع الجزئي للعقوبات للاستفادة منها لأغراض الإغاثة في سوريا.

وفي وقت سابق، وصفت وزارة الخارجية والمغتربين السورية، قرار الإدارة الامريكية بالمضلل وبأنه ليس سوى نسخة مكررة لقرارات صورية سابقة تهدف لإعطاء انطباع إنساني كاذب إذ نصت على استثناءات مزعومة لأغراض إنسانية وأثبتت الوقائع زيفها، مؤكّدة أنّ التدابير القسرية والسياسات الأمريكية حرمت الشعب السوري من التمتع بثرواته الطبيعية المنهوبة وحدّت من قدرة مؤسسات الدولة على الارتقاء بالوضع المعيشي وتحقيق الأهداف الإنمائية وتوفير الخدمات الأساسية.

قصي المحمد

اقرأ أيضاً