خاص || أثر برس على أعتاب الموسم، يقف الفلاحون في المنطقة الشرقية أمام تساؤلات حول آلية وضع أسعار المحاصيل الزراعية المحددة من قبل “قوات سوريا الديمقراطية”، التي لم تسمح خلال فترة الزراعة بنقل الأسمدة الزراعية وما يلزم لإتمام الموسم من أدوية ومواد من مناطق نفوذ الدولة السورية ليكون الفلاح مجبراً على شراء ما تقوم بتهريبه “قسد”، من إقليم شمال العراق أو الأراضي التركية لتبيعه بأسعار مرتفعة في الأسواق المحلية مع حصر عمليات البيع بالعملة الأمريكية.
فارق العملة
في الموسم الماضي كانت “قسد” قد فرضت قيوداً على حركة نقل المحصول إلى المراكز التابعة للدولة السورية، وكانت قد رصدت آنذاك مبلغ 200 مليون دولار لشراء الموسم من الفلاحين، وحددت سعر الكيلو الواحد من القمح في العام الماضي بـ 160 ليرة سورية رفعته لاحقاً إلى 185 ليرة في منافسة مع أسعار الحكومة السورية، وكان سعر الصرف في السوق السوداء للدولار الأمريكي يتأرجح بين 450-500 ليرة سورية، ورغم أن سعر الصرف وصل إلى 1300 ليرة في مناطق انتشارها، عملت “قسد”، على فرض سعر 225 ليرة سورية للكيلو الواحد من القمح للعام الحالي، ما يعني إن المواطن الذي سيكون مجبراً على بيع محصوله لها بنتيجة القيود التي ستفرضها على حركة نقل المحصول إلى مناطق الدولة السورية، ستكون خسائره مضاعفة للعام الحالي.
ويشرح “أبو مسعود”، لـ “أثر برس”، العملية بقوله: خلال فترة الزراعة اضطررنا لشراء المحروقات بالأسعار التي حددتها “قسد”، ورفعتها بحجة ارتفاع الدولار، كما أننا قمنا مجبرين على شراء الأسمدة منها بأسعار تصل إلى 400 دولار أمريكي للطن الواحد وطالبتنا بتأمين الدولار الأمريكي من السوق السوداء أو محال الصرافة التابعة لها لندفعه بدلاً من الليرة السورية، وقد ربحت في العملية مرتين، الأول من الاتجار بالعمل الأجنبية، والثانية من تهريب السماد، وكنا نتوقع أن يكون سعر الكيلو الواحد للقمح هذا العام متناسباً مع سعر صرف الدولار الذي يتحكم به المضاربون المرتبطون بـ”قوات سوريا الديمقراطية”، إلا أن الأمر كان مخيباً للآمال، ولن نجني أكثر من تكاليف العمل إذا ما تمكنا من الحصاد لهذا العام.
يضيف الرجل إلى حساباته احتمال ارتفاع أسعار تكاليف الحصاد بسبب ارتفاع أسعار المحروقات وصعوبة تأمينها، إضافة إلى ارتفاع اسعار أكياس التعبئة وأجور النقل، وكل هذا سيجعل من الفلاح عرضة للنهب العلني من قبل “قسد”، التي ستعمل على نقل المحاصيل إلى الأراضي العراقية أو التركية لتهريبها وتحقيق أرباحاً تصل إلى خمسة أضعاف ما ستدفعه لشراء الموسم من الفلاحين، مع ملاحظة أن عملية بيع موسم القمح والشعير لـ “قسد”، تتم بقوة السلاح الذي يمنعنا من نقل الموسم إلى المحافظات السورية الأخرى.
مخاوف من الحرائق
يتخوف السكان من تكرار سيناريو الحرائق التي ضربت المنطقة الشرقية خلال العام الماضي وتسببت بإتلاف ما يقارب نصف مليون دونم (الدونم 1000 متر مربع)، من الأراضي التي كانت مزروعة بالقمح والشعير، ويقول “أبو يوسف” خلال حديثه لـ “أثر برس”: زرعنا ولا نعرف إن كنا سنحصد، الخوف من تكرار الحرائق التي افتعل غالبيتها عناصر الآسايش ضمن عمليات انتقامية من السكان المحليين يزيد من القلق لدى سكان القرى الواقعة في المحافظات الشرقية، وضمن مناطق بلدة “تل براك”، يسري حديث لدى السكان عن اعتماد الشبان في حراسة الأراضي، لكن الأمر يثير المخاوف من اعتقال هؤلاء الشباب من قبل “قسد”، بهدف التجنيد الإجباري ضمن صفوفها.
يضيف المواطن “عايد المصطفى”، بالقول لـ “أثر برس”: “لقد احترقت أرضي خلال العام الماضي وضاع تعب عام كامل، ولقد مرّ موسم السيول على خير ونخشى من احتمالية هطول البرّد أو المطر الغزير في وقت “فطام الأرض” ما يعني تأخير الحصاد، وبالتالي احتمالية تعرضه للحرائق تكون أكبر، الفلاحون اليوم يواجهون الكثير من الأخطار خلال العملية الزراعية فما بين الأمراض الزراعية والحشرات والسيول والحرائق قد يضيع تعب عام كامل من العمل في الأرض”.
تشير التقديرات إلى احتمال إنتاج ما يزيد عن مليون طن من القمح خلال العام الحالي، إلا أن الرقم مرشح للزيادة خلال فترة النضوج والحصاد، ولا يبدو أن “قسد” التي تسببت بسرقة قوات الاحتلال التركي لكميات ضخمة من الانتاج الذي كان مخزن في صوامع ضمن المناطق التي دخلتها قوات الاحتلال ضمن العدوان المسمى بـ “نبع السلام”، ستسمح بوصول شاحنات النقل إلى المناطق التي تسيطر عليها الدولة السورية بما يحمي موسم العام الحالي من السطو والسرقة، إذ تشكل تجارة الحبوب واحدة من مصادر التمويل الذاتي لـ “قوات سوريا الديمقراطية”، التي تعد واحدة من أجنحة منظمة “حزب العمال الكردستاني”، التي تحظى بدعم “واشنطن”، على الرغم من كونها موضوعة على لائحة التنظيمات الإرهابية.
محمود عبد اللطيف – المنطقة الشرقية