أعلن توم باراك، مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، إلى سوريا أمس الإثنين أن الولايات المتحدة وافقت على خطة طرحتها القيادة السورية الجديدة للسماح لآلاف المقاتلين السابقين من المعارضة بالانضمام للجيش الوطني، شريطة أن يحدث ذلك بشفافية، واعتبر باراك، في تصريحات نقلتها وكالة “رويترز” أن “من الأفضل إبقاء المقاتلين، وكثير منهم مخلصون جداً للإدارة السورية الجديدة، ضمن مشروع الدولة بدلًا من إقصائهم”.
أثارت هذه التصريحات ردود فعل مختلفة في الأوساط السياسية نظراً إلى الخلفية الإيديولوجية التي ينتمي إليها هؤلاء المقاتلين، وفي هذا الصدد، لفتت صحيفة “الإندبندنت عربية” إلى أن ” الولايات المتحدة كانت حتى مطلع أيار الماضي في الأقل تطالب القيادة الجديدة باستبعاد المقاتلين الأجانب من قوات الأمن، لكن نهج واشنطن تجاه سوريا شهد تغيراً كبيراً منذ جولة ترمب في الشرق الأوسط الشهر الماضي”.
من جهته، أوضح الباحث في الجماعات المتطرفة حسام جزماتي أن “منذ سنوات عندما كانت هيئة تحرير الشام تسيطر على إدلب، التزمت بعدم السماح لأي فصيل باتخاذ الأراضي السورية منصة للتهديد، وقد ضبطت إيقاع الجهاديين بشكل لا يطمحون معه للعمل عبر الحدود” وفق ما نقلته صحيفة “الشرق الأوسط.”.
وأضافت الصحيفة أن “في الأعوام بين 2014 و2018، بدأت هيئة تحرير الشام بكبح سلطة المقاتلين الأجانب وتنحيهم عن تصدر القيادة والظهور في الإعلام منهجياً، واعتقلت الكثيرين منهم كما فعلت مع حراس الدين، وكذلك طردت من صفوفها الكثير ممن رفضوا الانصياع للتغيرات التي أحدثها أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع) وقتها. فقد بدأ هؤلاء المقاتلون الأجانب يشكّلون عائقاً في وجه مشروع هيئة تحرير الشام، داخلياً وخارجياً. فمن جهة راح يتنامى لدى السوريين شعور بأن الهيئة تفضل عناصرها وقادتها من الأجانب على السوريين، وخارجياً صار هؤلاء يظهرون في الإعلام وينشطون في المساجد، ويتركز خطابهم على أدبيات جهادية كتلك التي تعتمدها القاعدة، بل ووجدت هيئة تحرير الشام أنهم يعرقلون علاقتها مع تركيا؛ إذ حرّموا التعامل مع الجيش التركي؛ كونه ينتمي إلى حلف شمال الأطلسي”.
وتابعت الصحيفة أن “الشرع عمل على تشذيب المتشددين داخل الهيئة من السوريين والأجانب على السواء، وغيّر الخطاب من جهاد عابر للحدود إلى محلي سوري، فبدأت تظهر في خطاباته عبارات تدل على المحلية وأن سوريا لها الأولوية كعبارة ثورة أهل الشام التي كثيراً ما كان يرددها، وفي تلك المرحلة اصطف معه كثير من المقاتلين الأجانب وتبنّوا رؤية الشرع الوطنية، عادّين أن سوريا للسوريين وأنهم أنصار في هذا، وعمل هو بالتوازي على (سورنة المعركة والمقاتلين) من خلال دمجهم في السياسة الجديدة القائمة على الابتعاد عما هو خارج الحدود”.
من جهته، نشر موقع “المدن” مقالاً حذّر من تبعات هذه الخطوة، مشيراً إلى أن “الجيش السوري الجديد هو جيش وطني جامع وموحّد لأبناء الدولة السورية، ولا يقبل في الوضع الراهن، ضمّ عناصر أجنبية ذات خلفيات جهادية متشددة، ومن جهة أخرى، فإن انتماء هؤلاء المقاتلين مختلف عن الانتماء الثوري للسوريين، على اعتبار أن مهمتهم في سوريا كانت دينية إيديولوجية وليست سياسية متعلقة بمجملها بإسقاط نظام الأسد كنظام أمني واستخباراتي”، مضيفاً أن “هناك تحدٍّ إضافي متعلق بالتزامات مالية ولوجستية مرتبطة بتأمين هؤلاء المقاتلين ودفع رواتبهم على أنهم الأعلى أجراً في صفوف المقاتلين الى جانب فصائل المعارضة السورية سابقاً، بواقع 1500 دولار لكل عنصر، بالإضافة إلى عملية الفرز والرتب العسكرية مقارنة بضباط سوريين أصليين ما قد يفتح الباب امام التناحر الأمني والعسكري”.
أما على مستوى شرعية الدولة، فأشار المقال إلى أن “هذا الدمج قد يضعف شرعية الإدارة الحالية أمام المجتمع الدولي في حال ارتكب هؤلاء المقاتلون انتهاكات، ما يعيد للأذهان نماذج سابقة من الحروب بالوكالة والجيوش الموازية، أما الأمر الأكثر خطورة، فهو احتمالات انشقاق مقاتلين منهم أو إعادة التموقع في مشاريع أكثر تطرفاً قائمة، خصوصاً في ظل عدم وجود خطة لمعالجة الجذور الفكرية والسياسية التي أنتجت هذه الظاهرة من الأصل؛ وتسريب معلومات الجيش السوري الجديد لقوى استخباراتية خارجية”.
يشار إلى أن “رويترز” نقلت أمس عن ثلاثة مسؤولين سوريين في وزارة الدفاع قولهم: “إنه بموجب الموافقة الأمريكية، سيجري دمج نحو 3500 مقاتل أجنبي في الجيش السوري، معظمهم من الإيغور من الصين والدول المجاورة، وسينضمون إلى الفرقة 84 التي جرى تشكيلها حديثًا وتضم سوريين أيضاً”.