أثر برس

الجمعة - 19 أبريل - 2024

الرياضة المدرسية السورية بين الماضي والحاضر

by Athr Press M

خاص || أثر سبورت

خبا بريق الرياضة المدرسية في سوريا عما كان عليه في الماضي ولم نعد نشاهد ذلك الاهتمام الذي كنا نلحظه في السابق، ودخلت الرياضة المدرسية التي كانت العصب الرئيسي في بناء الرياضة السورية في مرحلة من عدم الاستقرار، وأصبح اللاعب يصنع صناعة في أغلب الأحيان بعد أن كان موهبة وبرعم في المدرسة ثم يتفتح في الأندية ويثمر في المنتخبات.

 

هشام حسن…

الرياضة المدرسية كانت منجم للمواهب، يقول لاعب المنتخب الوطني السابق ونادي تشرين في كرة الطائرة هشام حسن لموقع “أثر” إن المدرسة كانت المنجم الذي يكتشف المواهب في أي لعبة كانت بسبب الاهتمام الذي كانت تحظى به بطولات المدارس والتي كان ينتظرها الطلاب وذويهم وكشافو الأندية بفارغ الصبر كل موسم، حيث كانت البطولات تقام بانتظام فتبدأ ببطولات الشعب المدرسية والصفوف الانتقالية ثم تنتقل لبطولات المدارس، ومن خلال هذه البطولات يتم تشكيل منتخبات المحافظات لتتنافس فيما بينها ويتم انتقاء منتخبات سوريا المدرسية لتشارك في البطولات العربية.

ويضيف الكابتن هشام أن معظم نجوم سوريا في القرن الماضي كانوا من المواهب التي تم اكتشافها في المدارس بمختلف الألعاب، وكان مدرسو مادة التربية الرياضية من المخلصين والغيورين والمتابعين الذين لا يدخروا أي جهد لتدريب التلميذ أو الطالب بشكل متوازي أخلاقياً وفنياً وبدنياً بالتعاون مع الأهالي، وكانت باحة المدرسة عبارة عن منشأة رياضية فيها ملاعب لكرة القدم والسلة والطائرة واليد وغيرها من الألعاب الأخرى، وكانت الكرات وأدوات التدريب متوفرة ولذلك كانت حصة التربية الرياضية مقدسة لدى الجميع، وكان الطلاب يرتدون زياً موحداً يدفعهم حبهم للرياضة لبذل كل جهودهم لإظهار مواهبهم.

ويتابع بأسى، بأن كل شيء قد اختلف الآن فمادة التربية الرياضية أصبحت حبر على ورق وحصة المادة أصبحت حصة فراغ أو يتم إعطاء مادة أخرى عوضاً عنها، ومدرس التربية الرياضية لم يعد همه سوى التفريغ والمدرسة التي فيها عدة مدرسين أو مدربين للمادة يتفق هؤلاء فيما بينهم على تقسيم الدوام، وغابت الأدوات ولم يعد للملاعب وجود إلا ما ندر، لذلك ضاعت مادة التربية الرياضية وضاعت معها الرياضة المدرسية ونابت الأندية عن المدارس في استقطاب المواهب.

ولعب الكابتن هشام في مدرسة عمار بن ياسر قبل أن يصل لمنتخب مدارس اللاذقية ومنها لنادي تشرين ثم المنتخب الوطني وبعد ذلك حكماً ومدرباً ومحاضراً وإدارياً.

 

شعارات وكلام على الورق:

ورغم أهمية المادة والتأكيد على تفعيلها بأفضل ما يمكن واتخاذ قرارات لذلك، منها ما تم إصداره سابقاً بوجوب ممارسة التمارين الرياضة لعدد من الدقائق قبل الدخول للحصص الدراسية الأخرى، فإن شيء من ذلك لم يحدث وإن حدث فإنه مثل الضحك على اللحى، فلا تمارين تنفذ بشكلها الصحيح ولا ممرنون قادرون على التمرين، وتمر الدقائق بضحك وسخرية، وهذا الكلام طبعاً لمسناه في مدارس كثيرة.

وعقد في شهر أيلول من العام الماضي مؤتمر لتطوير الرياضة المدرسية والجامعية وتم اعتماد محاور متعددة فيه منها التعليم الرياضي والمناهج، وتشكيل فريق مشترك لوضع مناهج لثلاث عشرة لعبة، و نشر الثقافة الرياضية، والاتفاق على تجميع الموارد لتحسين البيئة الرياضية المدرسية، ومناقشة المدارس التخصصية، والانطلاق بالرياضة المدرسية النوعية، والبدء بالأندية المدرسية والبطولات، واكتشاف البطولات وتطويرها، وإعادة تأهيل الصالات الرياضية، ودعم رياضة ذوي الإعاقة، ومعالجة تسرب معلمي التربية الرياضة، وإيجاد حل مادي ومعنوي لهم، ووجوب الاهتمام بالمعاهد الرياضية، ووضع حوافز لمعلمي التربية الرياضية، ودراسة إمكانية فتح تعليم افتراضي لمعلمي التربية الرياضية بالاتفاق مع الكليات المعنية، ومتابعة تجهيز الصالات ضمن بعض المدارس للبطولات الفردية، وتأمين إمكانيات لجلب المبدعين الرياضيين، والإشراف على تدريبهم، وتعزيز التشاركية لمصلحة العمل.

ولكن لم نجد أي من ذلك قد تجلى بشكل فعلي على أرض الواقع فبقيت حصة التربية الرياضة حصة فراغ أو حصة لمادة أخرى ولم نعد نجد لدى الطالب أو التلميذ ذلك الشغف الذي كنا نلمسه أيام زمان، وبقيت كل تلك القرارات حبراً على ورق.

 

رئيس دائرة التربية الرياضية باللاذقية الرياضة المدرسية بخير:

رئيس دائرة التربية الرياضية في اللاذقية الأستاذ بسام زراوند وهو مدرس في كلية التربية الرياضية وعضو اللجنة التنفيذية ولاعب ومدرب في كرة القدم، قال لموقع “أثر” إن الرياضة المدرسية بخير وإن لم تكن كما كانت في السابق، وذلك يعود لأسباب كثيرة منها الظروف المعيشية الصعبة التي فرضت نفسها بقوة على مدرسي المادة فانشغلوا بتأمين مورد رزق آخر، ومنها عدم تعاون الأهالي مع المدارس واعتبارهم أن الرياضة ثانوية، ومنها أيضاً عدم توفر الإمكانيات، وضرب مثلاً أن قيمة النشاط والتعاون تبلغ حتى الآن 82,5 ليرة فقط وهو مبلغ لا يكفي لمدرسة يبلغ عدد طلابها ألف طالب لشراء كرة قدم واحدة فما بالكم بباقي التجهيزات.

وأضاف الزراوند وهو أحد خريجي إحدى الكليات الرياضية في الاتحاد السوفيتي السابق، أنه ورغم كل شيء نحاول أن نتغلب على الصعاب وأن نفرض أنفسنا كرياضة مدرسية بقوة لكي تبقى العصب الرئيسي في بناء الرياضة السورية بشكل عام، وأن تكون رافد للأندية والمنتخبات.

وتابع: البطولات لم تتوقف في معظم الألعاب وجرت ضمن الإمكانيات المتوفرة في عدد من الألعاب وفي بعض المدارس وانتهينا من المرحلة الأولى، وأن المراكز التدريبية في مديرية التربية باللاذقية تستقطب كل الموهوبين ولكن المشكلة في الأندية التي لا ترسل كشافيها لاستقطاب هذه المواهب.

وذكر بأن مهرجان “كبار صغار” الذي هو عبارة عن عمل استنهاض ثلاثي للرياضة والفنون والموسيقا يقام للمرة الأولى ويقام في كل محافظة على حدى، والمتفوقون في كل محافظة سيتنافسون فيما بينهم للفوز ببطولة القطر وتم الانتهاء حالياً من المرحلة الأولى لهذا المهرجان..

وأضاف بأن الرياضة المدرسية أحيت بعض الألعاب المنسية في بعض المحافظات ككرة اليد على سبيل المثال في اللاذقية حيث تم تنظيم بطولات لها شهدت إقبال كبير ونوه بانتشار لعبة الشطرنج في المدارس وأنه تم تنظيم مسابقة لكرة القدم ضمن خمسة تجمعات ظهر فيها وجوه واعدة سيتم تكريمهم كما سيتم تنظيم بطولة المناطق في المحافظة خلال أعياد شهر نيسان القادم وأن بطولة ألعاب القوى أفرزت 18 لاعب سيكون لهم شأن كبير.

وأشار إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد عودة الرياضة المدرسية السورية إلى سابق عهدها بعد التوجيهات الكبيرة من وزير التربية الذي وعد بدعم الرياضة المدرسية مادياً ومعنوياً وتوفير كل ما من شأنه لتطويرها.

 

مشاركات فاعلة للرياضة المدرسية في البطولات العربية

أقيمت 15 دورة عربية للمدارس منذ عام 1963 وحتى عام 2012 حيث توقفت هذه الدورات بسبب الأحداث التي وقعت في بعض الدول العربية وشاركت سوريا في أغلبها وحققت نتائج جيدة ونالت عدد كبير من الميداليات وكانت منافس قوي في معظم الألعاب.

إذاً تبقى الرياضة المدرسية في كل الظروف اللبنة الأساسية في اكتشاف المواهب ولا تغني الأندية عنها ومن هنا ندرك جميعاً أهميتها في بناء الجيل القوي الفاعل ولذلك نجد في بعض الدول أن المتفوقين في الرياضة يدرسون في الجامعات على حساب الحكومات تحفيزاً لهم لدفعهم لتقديم كل إمكانياتهم لأنهم يدركون أهمية الرياضة في تطوير بلدانهم مثلها مثل أي مجال آخر كالاقتصاد والسياحة والفن وغيرها وندرك جميعاً كيف أن كوبا كانت تتصدر بطولات العالم في بعض الألعاب رغم الحصار الأمريكي عليها الذي امتد لعشرات السنين وكيف كان الطلاب يتهافتون إلى جامعاتها لدراسة الرياضة بمختلف مفاهيمها فهل كان اهتمامنا بالرياضة المدرسية أفضل وأكبر أم أننا سنكتفي بواقع الحال.

محسن عمران

اقرأ أيضاً