أثر برس

الخميس - 25 أبريل - 2024

Search

كيف تحولت “نبع السلام” من عدوان تركي إلى ورقة رابحة بيد الدولة السورية؟

by Athr Press Z

بعد بدء العدوان التركي على مناطق شمالي شرق الأراضي السورية والذي أُطلق عليه اسم “نبع السلام” أكد الكثير من المحللين السياسيين والمراقبين أن كل ما يجري سيصب عاجلاً أم آجلاً بمصلحة سورية دولةً وشعباً، وفعلاً بعد هذه العملية  طرأت العديد من المتغيرات وأبرزها انتشار الجيش السوري على بعض المناطق الحدودية مع تركيا والذي أوقف توغل العدوان التركي، وكان أهمها استراتيجياً القرى والبلدات الواقعة على طريق حلب-الحسكة “M4” الدولي، وانسحاب القوات الأمريكية من مناطق الشمال السوري.

وحول سيطرة الجيش السوري على طريق حلب-الحسكة “M4” والتي تزامنت مع استئناف الجيش لمعركة إدلب، يبرز الرابط بين هاتين الحادثتين من خلال معرفة المناطق التي يمر منها هذا الطريق، حيث يمتد من الحدود العراقية مروراً بمدنية القامشلي وتل تمر، وصولاً إلى عين عيسى ومن ثم منبج لينتهي إلى حلب، التي ترتبط عبر طرق دولية بمحافظتي إدلب واللاذقية وصولاً إلى ساحل البحر المتوسط، وبهذا نجد أن أهمية هذا الطريق تكمن من أنه يصل بين المنطقة الشرقية وإدلب وصولاً إلى المنطقة الساحلية ما يعني أن استعادة الجيش السوري هذا الطريق وإبعاد كافة القوى المتواجدة في سورية بطريقة لاشرعية عنه، تسهل عليه عملية استعادة كافة المناطق المذكورة.

كما يذكر أنه بعد الإعلان عن انتشار الجيش السوري على هذا الطريق بأيام، بدأ يدور الحديث عن وصول تعزيزات عسكرية سورية ضخمة إلى جبهات ريف إدلب، وفعلاً استأنف الجيش السوري عملياته العسكرية وكان اللافت في هذه العمليات هو التقدمات المتسارعة جداً حيث استعاد خلال أقل من أسبوع 45 قرية وبلدة في ريف إدلب الجنوبي والجنوبي الشرقي.

أما بالنسبة لانسحاب الاحتلال الأمريكي من الشمال السوري وتركيز وجودهم اللاشرعي في مناطق شرقي الفرات الغنية بالنفط، بالرغم من أن هذا الوجود يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد السوري، لكن حتماً تقلصه وانحساره على منطقة واحدة يسهل تحقيق هدف الدولة السورية المتعلق باستعادة كافة الأراضي السورية، خصوصاً أن أهالي هذه المنطقة لديهم استعداد كبير لمواجهة هذا الوجود إذا سُنحت لهم الفرصة بعد الانتهاكات التي لاقوها ولا زالوا يعانون منها من “قسد” التي يدعمها  الاحتلال الأمريكي في تلك المنطقة، إضافة إلى أن تصريحات المسؤولين السوريين والروس تشير إلى وجود مخطط واضح للقضاء على هذا الوجود حيث قال نائب رئيس الوزراء الروسي يوري بوريسوف، عقب لقاء جمعه مع الرئيس السوري بشار الأسد: “الوضع في الفرات يتحسن، أعتقد أن جميع الآبار النفطية السورية سوف تصبح بالتدريج ملكاً للدولة والوضع سيستقر”، كما قال الرئيس الأسد،  خلال لقاء مع قناة “فينيكس” الصينية: “الأمريكي يعتمد على الإرهابيين، فلابد من ضرب الإرهابيين، هذه الأولوية الأولى بالنسبة لنا في سورية، لأن ضربهم يضعف الوجود الأمريكي بشكل أو بآخر، بعدها بشكل طبيعي لن يكون هناك أفق لبقاء الأمريكي” هذا الكلام يُذكّر بالكلام الذي نشرته وسائل إعلام معارضة مسبقاً عن مصادرها قولهم: “واشنطن تهدف، من خلال التوافق مع تركيا بالحفاظ على تنظيم النصرة، إلى إعادة هيكلة الأخير بطريقة تعطي له شرعية، ولا تقطع التعامل معه كقوة موجودة، فإنهاؤه يعني استفادة روسيا والدولة السورية”، مشددة على أن إنهاء “النصرة” في إدلب، يعني تهديداً كبيراً بالنسبة لأمريكا، ما يعني أن ما كانت أمريكا تتخوف منه في إدلب يحصل الآن، من خلال استعادة الجيش السوري لمعظم مناطق المحافظة.

في المحصلة نجد أن العدوان التركي شمالي سورية، الذي بدأ بعد انسحاب قوات الاحتلال الأمريكي من المنطقة جعل اهتمام تركيا ينصب فقط على احتلال المزيد من المناطق في الشمال استكمالاً لمشروعها الاحتلالي الذي وصفه أردوغان بـ “المنطقة الآمنة”، إضافة إلى أن هذا العدوان جعل “قسد” أمام خيار وحيد وهو تسليم مناطق الشمال السوري وطريق حلب-الحسكة للجيش السوري، وبهذا تكون السياسة السورية تمكنت من تحويل العدوان الذي تشنه تركيا على أراضيها من ورقة خاسرة إلى ورقة رابحة ضمن استراتيجيتها باستعادة كافة أراضيها المحتلة.

زهراء سرحان

أثر برس

اقرأ أيضاً