أثر برس

السبت - 20 أبريل - 2024

Search

بمعدل حالة انتحار كل يومين.. الطبابة الشرعية والنفسية تكشفان لـ “أثر” عن الدوافع والأرقام

by Athr Press H

خاص||أثر برس كثُر الحديث مؤخراً عن ازدياد حالات الانتحار في سوريا بين فئات عمرية مختلفة بينهم أطفال ومراهقون، وربطت تلك الأحاديث بالوضع المعيشي والاقتصادي الذي تمر به البلاد، واعتبر البعض أن هذا الوضع هو السبب الرئيسي لهذه الظاهرة، ولكن الخبراء لهم رأي آخر.

الرأي الطبي

نفت دكتورة الطب النفسي لانا سعيد في حديثها لـ “أثر”، أن تكون الصعوبات الحياتية وحدها السبب في إقدام الشخص على الانتحار، مؤكدةً أن معظم حالات الانتحار سببها اضراب نفسي بحت.

وذكرت د.سعيد أن الاكتئاب الشديد والأعراض الذهنية هي أكثر أسباب الإقدام على الانتحار، إضافةً إلى اضطراب ثنائي القطب، أو في حالة الفصام إذا كان لديه توهمات، مضيفةً “أي حديث عن الانتحار سواء عن طريق المزح أم لا فجميع الكلمات التي توحي بذلك ينبغي أخذها على محمل الجد”.

وأكملت أي شخص عانى من الاكتئاب لفترة طويلة وفجأة شعر من حوله أنه ارتاح، أو بدأ بتوزيع ممتلكاته الخاصة، أو ترك رسالة، أو أنه في عزلة شديدة ولا يوجد لديه أصدقاء، فقدان أحد أفراد العائلة، تغير سلوكه في نومه وعاداته، جميع هذه الحالات تشير إلى أن الشخص بحاجة إلى مساعدة نفسية.

وحول فكرة إلهام الشخص المنتحر لغيره، نوهت الدكتورة بأنه عالمياً الحديث عن الانتحار لا يزيد حالات الإقدام عليه، ولكن ممكن إذا هناك شخص مشهور أو مؤثر وأقدم على هذه الخطوة أن يقوم أشخاص بتقليده لأنه مشهور، أما بشكلٍ عام إذا لم تكن فكرة الانتحار عند الشخص فلن يتأثر.

ولفتت الدكتورة في الطب النفسي إلى أنه في بعض الحالات لا نستطيع أن نكشف الانتحار لبعد حدوثه، إذا لم يتحدث أو يلمح له، ولكن غالباً الشخص لا ينتحر بشكل مفاجئ بل يكون قد تحدث عن الموضوع عدة مرات.

كما أكدت أن حالات الانتحار والمشاكل النفسية موجودة في كل مكان، ولكن من المهم التدخل في الوقت المناسب، مشددةً على أن أول طريق لعلاج هؤلاء المرضى هو التحدث عن المشكلة مع المحيط المجتمعي، والتخلص من فكرة وصمة العار التي تلاحق من يقوم بزيارة الطبيب النفسي.

إحصائيات رسمية

رئيس الطبابة الشرعية الدكتور زاهر حجو، تحدث لـ “أثر” أنه لا يوجد أي ازدياد في حالات الانتحار كما يشاع على وسائل التواصل، بل على العكس هناك انخفاض في عدد الحالات المسجلة مقارنةً بذات الفترة من العام الماضي، لافتاً إلى أنه منذ بداية عام 2021 حتى الآن تم تسجيل 31 حالة، في حين سُجل العام الماضي من ذات الفترة 35 حالة، بينما شهد عام 2019 في الفترة نفسها 28 حالة.

وبحسب الإحصاءات الرسمية المسجلة لدى الطب الشرعي العام الجاري، فإن عدد المنتحرين من الذكور أكثر من الإناث، فقد بلغ عدد الذكور 24 في حين تم تسجيل انتحار 7 إناث، منهم 21 انتحروا شنقاً و5 بطلق ناري و2 سقوط من شاهق ومثلهما انتحرا بالسم.

وأضاف د.حجو أن أكثر المحافظات السورية التي شهدت حالات انتحار هي محافظة ريف دمشق (7 حالات)، تليها العاصمة دمشق (6 حالات)، طرطوس 4 وذات العدد في حماة، حلب 3 ومثلها في اللاذقية، إضافةً إلى حالتين في درعا وذات العدد في حمص، في حين لم يسجل أي حالة في القنيطرة والسويداء.

وتابع أنه تم تسجيل حالات انتحار لقاصرين تحت سن الـ 18، هم 3 ذكور، و2 إناث، في حين أكبر المنتحرين سناً بلغ عمره 64 عاماً وأصغرهم بلغ من العمر 15 عاماً.

وأكد رئيس الطبابة الشرعية خلال حديثه أن ما يثير القلق هو انتشار أخباراً كاذبة عن ضحايا وهميين أو حوادث ملفقة، بهدف زيادة في عدد المتابعين وجمع الإعجابات، من دون الالتفات لمشاعر القارئ.

كما نوه د.حجو بأن الطبابة الشرعية تسعى مع مديرية الصحة النفسية إنشاء مرصد لمساعد ذوي الميول الانتحارية وتقديم الدعم النفسي اللازم لهم.

مبادرات نفسية للحد من الانتحار

تحدث الدكتور حسين نجار مؤسس صفحة وتطبيق “سماعة حكيم” لـ “أثر” أن حالة انتحار الشاب “ح.ش” وما تبعه من تعليقات على الحادثة وأحكام واتهامات صادرة عن سبب الانتحار، استدعى إطلاق مبادرة “نحن حدك” لتقديم استشارة مجانية في العيادة وليس إلكترونياً للمرضى اللذين بحاجة لزيارة طبيب نفسي.

ولفت د.نجار إلى أنه مع إطلاق المبادرة وصلت عشرات الرسائل إلى الصفحة والتي ترغب بالتحدث مع طبيب نفسي، وأن الحالات تتواصل بشكل مباشر وهم من سويات مختلفة في المجتمع، وأن هذه الاستشارات ستخضع للسرية التامة بكافة البيانات.

وشدد على أن من يذهب للانتحار ليس بالضرورة أن يكون لديه مشكلة مالية أو إيمانية أو عاطفية، بل لديه مشكلة نفسية مرضية كالاكتئاب الشديد على سبيل المثال، متابعاً “في ظل الضغوط الكبيرة التي نشهدها في سوريا، تحاول سماعة حكيم من خلال هذه المبادرة إنقاذ ولو حالة واحدة”، متمنياً تعميم هذه المبادرة وانتشارها بشكل أوسع.

تصنيف دولي

تصنّف سوريا، وفقاً لأحدث تقارير منظمة الصحة العالمية، من أقل الدول بنسب الانتحار، فالنسبة لا تتجاوز 1 من كل 100 ألف رغم الحرب عليها وتبعاتها، في حين حسب إحصائيات الصحة العالمية فإن النسبة العالمية تتراوح ما بين 5 إلى 10 من كل 100 ألف، وهناك 800 ألف شخص ينتحرون سنوياً.

وحول دوافع الانتحار وأسبابه، أكدت منظمة الصحة العالمية أنه لا يوجد عامل واحد يكفي لتفسير سبب وفاة شخص منتحراً، موضحةً أن السلوك الانتحاري هو ظاهرة معقدة تتأثر بعدة عوامل تتفاعل مع بعضها البعض “عوامل شخصية واجتماعية ونفسية وثقافية وبيولوجية وبيئية”.

حنان صندوق

اقرأ أيضاً