أثر برس

الخميس - 18 أبريل - 2024

Search

أفئدة النساء لاتُباع ولا تشترى.. الزواج المبكر

by Athr Press N

خاص|| أثر برس الزواج المبكر هو أي زواج أو اقتران يتم  قبل بلوغ سن الثامنة عشر عاماً، و يعد انتهاكاً لحقوق الإنسان بوجه عام إلا أن الفتيات يتضررن بشكل أكبر، و يترتب عليه العديد من الآثار تمسّ حياة الزوجين، وينتهي في أغلب الأحيان إلى الطلاق.

وتشير إحصائيات قامت بها منظمة الأمم المتحدة (اليونيسيف)  إلى أن نسبة الزواج المبكر بالنسبة للقاصرات السوريات كانت تصل إلى نحو 7% قبل الحرب، بينما بلغت خلال سنوات الحرب الحالية نحو 35% وتتباين النسب في دول اللجوء، ففي الأردن 35% من مجموع زيجات الفتيات السوريات زواج مبكر، بينما 32% في لبنان من حالات الزواج تحت سن الثامنة عشر، ونسبة 25% نسبة زواج القاصرات في مصر، وتشير هذه النسبة إلى حالات  الزواج المسجلة لذا فإن الرقم الفعلي أعلى من ذلك بكثير.

وتتعدّد الأسباب التي تدفع الآباء لاختيار الزّواج المُبكر لأبنائهم، على الرغم من أنه مغامرة غير مأمونة في هذا العمر إلّا أنّه ينتشر بكثرة في بعض المجتمعات والدول، ومن أهم هذه الأسباب:

تكريس الدور النمطيّ للمرأة، وهو أنّ عملها الرئيسيّ يجب أن يكون تكوين الأسرة وتربية الأطفال، وأنّها يجب أن تتولّى هذا الدّور مبكراً لضمان نجاحه، الاعتقاد أن الزواج من صغار السن ينجب أطفال أقوياء جسدياً وأصحاء ذهنياً، الوضع المادي السيء لأهل الفتاة الذي قد يعدّه كثيرون مُبرّراً كافياً لتزويج الفتيات، إذ يتعرّض الأهل إلى إغراءات ماليّة من جهة الزوج، فيعدّ البعض هذا الزّواج صفقةً ناجحة، إضافةً للصورة السائدة في بعض المجتمعات على أن الفتاة لها سن معين للزواج وأن حظها قد يكون سيء، مما يجعل الأهل يسعون لتزويج بناتهن بسن صغيرة، ومازال هناك الكثير من الأسباب التي لم يتسع المقام لذكرها..

وبحسب تقارير عُرضت من القاضي الشرعي التابع للمحكمة الشرعية في سوريا، فإن نسبة الزواج المبكر ارتفعت بشكل كبير خلال سنوات الحرب التي ترتبت على المجتمع السوري، هناك عائلات دُمرت منازلها وخسرت كل ما تملك، وفرضت عليهم الظروف القاسية اللجوء إلى مثل هذه الطرق التي اعُتبرت بنظرهم حل جزئي بالنسبة لمشكلة بناتهم.

وهناك صور كثيرة في مجتمعنا تعكس حالات الزواج المبكر والآثار المترتبة عليه..

تباهت سلمى أمام زميلاتها وهي في الصف التاسع بخطبتها من شاب ثري، لم تعد تخرج مع زميلاتها، ولم يعد لها اهتمامات إلا التفكير بجهاز العروس القادمة، وبالحفل الكبير الذي سيقام لها وبالحديث عن خطيبها، أهملت الدراسة ولأن العريس «مستعجل» يريد الزواج لم تحصل على الشهادة (الإعدادية)،‏ تقول سلمى: “نعم، فرحت بحفل الزفاف وبالفستان الأبيض ولم أعد أعي ماذا ينتظرالفتاة بعد الزواج، تزوجت في الخامسة عشرة وتم طلاقي وأنا بعد في الخامسة والعشرين، كانت حصليتها أربعة أطفال”.‏

وتتابع قائلة: لم أستطع خلال هذه السنوات العشر أن أتفاهم مع زوجي، ولم أعرف كيف أوجه أولادي كما أنني لم أستطع أن أعيش كبيرة وأنا بعد صغيرة السن، ظلت اهتماماتي اهتمامات فتاة مراهقة وحتى تفكيري، الآن أولادي ليسوا معي وإنما مع والدهم، وكم أتمنى أن لايحصل لـ ابنتي كما حصل معي، أنا الآن حائرة اسمي مطلقة لكن ما العمل أحاول ان أتابع تحصيلي العلمي فهذا أفضل لي رغم أنني أجد صعوبة كبيرة في ذلك؟ ‏

وأمل التي لم تأخذ من اسمها سوى حروفه، كانت طفلتها التي لم تتعد شهرها الثاني تنام بين ذراعي أمها وتستمتع بالفء وحب والدتها، ولكن الزوج يهدد بحرمان الأم من طفلتها مقابل منحها حريتها.

وقالت أمل: “لست خائفة من الطلاق، أعلم أنني سأبدأ جياة جديدة ولكني خائفة من أن أحرم من ابنتي، سأموت بدونها، فقلب الأم يحترق إذا حرمت من أطفالها”، هنَّ طفلات صغيرات من متعة الألعاب وبراءة الطفولة حُرمن، ليتحولن بين ليلةٍ وضحاها إلى سيدات في منازل، لم يتجاوزنَ سن الـ 18 بعد، لكنهنّ يتحملنَّ مسؤولية تسيير بيت الزوجية برغبتهم بعض الأحيان وفي بعض الأحيان غصباً عنهن، هناك من تأقلمت مع الوضع وتعايشت مع حياتها الجديدة، ومنهن من رفضت ذلك وأعلنت الثورة على الزواج القسري.

وقد أوضحت دراسات تابعة لمنظمة حقوق المرأة ومنظمات إنسانية أخرى الآثار التي تنتج عن الزواج المبكر، فالفتاة هي المتضرر الأكبر فهي غالباً تفقد فرص إتمام مراحل تعليمها، وحرمانها من العمل مما يُسهم في تأخّر التنمية، وربما تعطيل فئة معيّنة من المساهمة في بناء المجتمع، وعدم استقلاليّة الأفراد الاقتصاديّة، مما يجعل الإنسان في وضعيّة تابعة عاجزة عن اتخاذ أيّ قرار، بالإضافة إلى الحرمان من حق السلامة الجسدية، بسبب ما ينتج عن الحمل في سن مبكرة، وتكرار الإنجاب وتأثير ذلك على الصحة، انتهاك حق الكرامة الإنسانيّة فقد تتعرّض الفتاة للعنف الجسدي، وستكون أقل قدرة على مواجهته بسبب قلّة وعيها ونُضجها، وأيضاً جعل الفتاة في مرتبة متدنّية، عاجزة عن اتّخاذ القرارات الخاصة بأسرتها،  إذ ينحصر دورها في الإنجاب وربما تكون غير قادرة على اتّخاذ أيّ قرار يخصّ أطفالها وأسرتها ومستقبلهم.

على المجتمع توعية المراهقين من خلال برامج إعلامية متنوعة، مع ضرورة أخد الأسرة دورها في هذا المجال وعدم إجبار الأهل أبنائهم على الزواج المبكر الذي هو مسألة مصيرية، وذلك ضمن جو من الديمقراطية وحرية التعبير مع الأخذ بمبدأ أن النضج مطلوب فيزيولوجياً ونفسياً وتعليمياً لبناء أسرة سعيدة.

منى حمادي

اقرأ أيضاً