أعلنت اللجنة الوطنية للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل، اليوم وفي مؤتمر صحفي، عن نتائج التحقيق مستندة لتوثيق 938 إفادة لشهود عيان، موضحة أن الأحداث في الجنوب السوري كانت سبباً في تأخير الإعلان.
وقال المتحدث باسم اللجنة المحامي ياسر الفرحان، إن اللجنة زارت 33 موقعاً في مناطق الانتهاكات والأحداث، وتم توثيق 938 إفادة لشهود عيان على ما حدث من انتهاكات وتجاوزات، وجرى الاستماع إلى إفادة رسمية من الأهالي ومن موقوفين إضافة لإجراء مشاورات مع جهات دولية، منوّهاً إلى أنه تم التكتم على بعض هويات وأسماء الشهود بناء على طلبهم.
وهنا يبين أن اللجنة أجرت مشاورات مركزة مع الجهات الدولية المعنية في الأمم المتحدة من خلال اجتماعات رفيعة المستوى مع كل من مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية، ورئيس وأعضاء وفريق اللجنة الدولية للتحقيق في سوريا، ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، ومكتب المبعوث الدولي إلى سوريا، ومع هيومان رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، وناقشت اللجنة في اجتماعاتها ومراسلاتها آليات اعتماد أفضل السبل والمعايير والإجراءات الممكنة في التحقيق.
وفي سرده لنتائج التحقيق، قال الفرحان إن 283 شخص من الأمن قضوا في الأعمال الهجومية لفلول النظام في الساحل، وتم الحصول على أسماء 265 من المتورطين المفترضين من الفلول، وتحققت اللجنة من انتهاكات جسيمة تعرض لها المدنيين من القتل العمد والتخريب في 7 آذار الماضي.
وهنا المتحدث باسم لجنة تقصي الحقائق في أحداث الساحل، أن اللجنة عرفت ما شاع تسميتهم بـ الفلول بأنهم “بقايا مجموعات مسلحة منظمة مرتبطة بنظام الأسد السابق خارجة عن القانون وشرعية الدولة”.
وأكد الفرحان أن هناك أفراد خالفوا الأوامر العسكرية وارتكبوا انتهاكات والدولة بذلت جهوداً حثيثة لوقفها وتم توقيف عدد منهم، كاشفاً عو توجه نحو 200 ألف مسلح للساحل لاستعادته من الفلول فحدث قتل وتجاوزات.
وتحققت اللجنة من أسماء 1426 قتيلاً، منهم 90 امرأة والبقية معظمهم مدنيون، وبعضهم عسكريون سابقون أجروا تسويات مع السلطات المختصة، وبالرغم من عدم استبعاد وجود عدد من عناصر الفلول بين القتلى، ترجح اللجنة أن معظم حوادث القتل وقعت خارج أو بعد انتهاء المعارك العسكرية، وفقاً للمتحدث باسم اللجنة.
وأضاف أن اللجنة اطلعت من مصادر مفتوحة على أعداد إضافية من القتلى لم تتحقق من صحتها بسبب عدم ورود أسمائهم في كشوفات المقابر أو إفادات الشهود الذين استمعت إليهم، كما تبلغت اللجنة بمعلومات حول 20 شخصاً من المفقودين بعضهم مدنيون وبعضهم من عناصر القوات الحكومية.
وتابع الفرحان أن إفادات الشهود كشفت عن سلوك متباين للمجموعات وللأفراد ضمن المجموعة الواحدة، ففيما ارتكب بعضهم فظاعات مروعة، تعامل بعضهم باحترام، الأمر الذي يدعو مع أسباب أخرى معقولة اللجنة للاعتقاد بأن الانتهاكات رغم أنها واسعة لم تكن منظمة.
كما بحثت اللجنة في أسباب تعرض هذه القرى للانتهاكات المروعة التي شهدتها، في مقارنة مع مناطق أخرى يسكنها العلويون السوريون ولم تتعرض لانتهاكات، ولاحظت أن القرى المستهدفة تطل في معظمها على الطريق الدولي، كما لاحظت في بعض شهادات عائلات الضحايا أن الفلول استخدموا هذه المناطق الاستهداف العناصر الحكومية.
وركزت اللجنة في تحقيقاتها على تقصي هوية الفاعلين وخلفيتهم بوسائل متعددة منها سؤال العائلات والاستماع لمئات الشهادات من ذوي الضحايا، وباستجابة وزارة الدفاع إلى طلب اللجنة في التعرف على الأشخاص في الصور والفيديوهات المحددة من قبلها، توصلت إلى معرفة 298 شخصاً بأسمائهم الصريحة من المشتبه بتورطهم في انتهاكات وهذا الرقم يبقى أولياً.
ويرى الفرحان أن الدوافع الطائفية خلال الأحداث كانت خلفيتها ثأرية وليست أيديولوجية، كما أن هناك من انتحل صفات عسكريين أو أفراد أمنيين لتحقيق مكاسب شخصية.
وفي ختام المؤتمر أعلن الفرحان انتهاء مهمة اللجنة ليبدأ دور الجهات المختصة مضيفاً: “قمنا بإحالة كل المشتبه بهم بأحداث الساحل إلى النيابة العامة والسلطة جادة في المحاسبة”، مؤكداً أن القضاء هو صاحب القرار في إعلان أسماء المتهمين من عدمه، حيث تم التكتم على لائحة أسماء المتهمين وتم تسليمها للرئيس أحمد الشرع.
بدوره، أكد رئيس اللجنة الوطنية للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل القاضي جمعة العنزي، أنه تم الاستماع لمئات الأشخاص دون أن يتلقوا أي بلاغ عن حالة خطف لفتيات.
ودعا للتعجيل في تنفيذ خطة وزارة الدفاع وإجراءاتها وتدابيرها في مشاريع ضبط السلاح، ودمج الفصائل بشكل فعلي، مع التنفيذ الصارم للائحة قواعد السلوك الصادرة عنها بتاريخ 30 أيار 2025 وإصدار باقي الأنظمة واللوائح والتعليمات بما في ذلك تنظيم الزي العسكري والشارات ومنع بيعها في الأسواق.
وأوصت اللجنة بإطلاق برامج جبر الضرر للضحايا وفق الأصول القانونية، وإيلاء الأولوية لمشاريع حوكمة مؤسسات الأمن والشرطة والجيش، واستقدام المعدات ووسائل التكنولوجيا الحديثة، وتعزيز السبل والمعايير لاحترام حقوق الإنسان، وحقوق موظفي الدولة وسلامتهم، وإنشاء هيئة وطنية مستقلة لحقوق الإنسان.
وكان الشرع قد أصدر في 9 آذار الماضي قراراً ينص على تشكيل لجنة وطنية مستقلة للتحقيق وتقصي الحقائق في الأحداث التي وقعت في الساحل السوري خلال الشهر ذاته، تبعه بقرار تمديد عمل اللجنة لمدة ثلاثة أشهر إضافية.
وجاء تشكيل اللجنة بعد أسبوع من أحداث دامية شهدها الساحل السوري، وأودت بحياة المئات من المدنيين وعناصر من الأمن العام.
وسبق أن أعلنت الرئاسة السورية يوم الأحد 20 تموز، أن الرئيس أحمد الشرع تسلّم التقرير الكامل الصادر عن اللجنة الوطنية المستقلة المكلّفة بالتحقيق في الأحداث التي شهدها الساحل.