أعلنت أمس الأربعاء كل من إسبانيا والنرويج وإيرلندا، الاعتراف بدولة فلسطين رسمياً، وأكدت الرئاسة الفلسطينية عبر سلسلة بيانات، أن هذا القرار سيسهم في تكريس حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره على أرضه، وفي أخذ خطوات فعلية لدعم تنفيذ حل الدولتين، فيما لم يكن هذا القرار منسجماً مع تطلعات ومصالح الولايات المتحدة الأمريكية وحليفها الكيان الإسرائيلي.
وفي هذا الصدد، أشارت صحيفة “نيوروك تايمز” الأمريكية إلى أن :”الاعتراف بالدولة يعني الإعلان عن استيفائها لشروط الدولة بموجب القانون الدولي، وعادة ما يفتح الطريق لإقامة علاقات دبلوماسية وافتتاح سفارات لها في الدول التي اعترفت بها، لكن يبدو أن الدول الأوروبية مهتمة في المقام الأول بالتعبير عن الدعم للفلسطينيين وإرسال رسالة إلى إسرائيل في وقت يتزايد فيه القلق الدولي بشأن أسلوب إدارتها للحرب”.
وأشارت إلى أن إعلان النرويج وإيرلندا وإسبانيا اعترافهم الرسمي بدولة فلسطين، يتناسب مع “حملة فلسطينية أوسع للاعتراف الدبلوماسي، على الرغم من أن التقدم الذي تم تحقيقه حتى الآن لم يكن له تأثير فوري يذكر في حياة الناس بالضفة الغربية وقطاع غزة”.
فيما لفتت صحيفة “بوليتيكو” إلى أن هذا القرار يُزعج الإدارة الأمريكية، مشيرة إلى أن الأخيرة تأمل أن لا يكون لهذه الخطوة تأثير كبير على مسار الحرب الدائرة في فلسطين، ونشرت الصحيفة: “ربما تنظر الولايات المتحدة أيضاً إلى اعتراف هذه الدول بفلسطين باعتباره نقطة ضغط على إسرائيل” مشيرة إلى أنه “ليس من المستغرب أن تدعم الدول الثلاث قيام دولة فلسطينية، لكن فإن هذه الخطوة يمكن أن تعزز الاعتراف الدولي بالفلسطينيين إذا حذت الدول الأوروبية الأخرى المتعاطفة مع قضيتهم حذوها، ومن بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة، تعترف 142 دولة بالفعل بالدولة الفلسطينية، وفق لمسؤولين فلسطينيين”.
ونقلت الصحيفة عن مدير البرامج الأمريكية في مجموعة الأزمات الدولية، لـ NatSec Daily مايكل وحيد حنا، قوله: “إن آثار الاعتراف ستكون تراكمية وتدريجية ومع مرور الوقت، لكنها تخبرنا أن الولايات المتحدة أصبحت معزولة بشكل متزايد” مبيناً أن “الآن لا يقتصر الأمر على أفريقيا وأمريكا الجنوبية وآسيا، بل يشمل أوروبا، بما في ذلك حلفاء الناتو”.
وفي هذا الصدد نقلت شبكة “BBC” البريطانية عن الخبير القانوني كمال حماد، قوله: “كلما زادت عدد الدول التي تعترف بفلسطين كدولة، فإن ذلك من شأنه أن يساعد في حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة”.
بدورها، أشارت جيهان أبو زيد، الخبيرة في شؤون الأمم المتحدة في مركز جنيف للدراسات السياسية والدبلوماسية، إلى أن “خطوة الدول الأوروبية الثلاث وعلى الرغم من أنها ذات دلالات رمزية، لكنها تحمل وزناً دبلوماسياً من شأنه أن يزيد تمثيل الموقف الفلسطيني في أوروبا”.
وأضاف المحامي والمحكم الدولي عمر مشهور الجازي “هذه الخطوة من شأنها أن تشكّل إجماعاً دوليّاً يساعد على نيل فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وهو ما يؤدي في المستقبل إلى إلزام مجلس الأمن إصدار قرارات متعلقة بمفاوضات السلام، تلزم إسرائيل بإنهاء الاحتلال للمناطق التي احتلها عام 1967 والعمل على الانسحاب منها.”
ولفت الجازي، إلى أن “هذه الخطوة من شأنها أن تثبت الشخصية القانونية للشعب الفلسطيني وتعزز علاقاته الدولية وفق القواعد القانونية مع المجتمع الدولي”، مضيفاً أن هذا القرار يشكّل “عامل ضغط مهم لأنه يترجم حق الشعب الفلسطيني في أن يقرر مصيره”.
واستخدمت الولايات المتحدة الأمريكية سابقاً حق النقض “الفيتو” ضد مشروع قرار جزائري يوصي الجمعية العامة بقبول فلسطين عضواً في الأمم المتحدة، بعدما كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد صوتت بالأغلبية “لصالح عضوية فلسطين الكاملة”.
يشار إلى أن 144 دولة حول العالم تعترف بفلسطين كدولة، وفقاً لوزارة الخارجية وشؤون المغتربين الفلسطينية، في إحصائية نشرتها قبل إعلان الدول الأوروبية الثلاث الأخيرة، وبعد قرار إيرلندا والنرويج وإسبانيا اليوم يصل عدد الدول المعترفة بفلسطين إلى 147، منها 11 دولة أوروبية.