خاص|| أثر برس يعد تخصص تسكين الألم أو تدبيره من التخصصات الحديثة في سوريا وفي عموم الوطن العربي، كما أنه ظهر في عدد من الدول المتقدمة منذ أمد ليس بالبعيد، وفق اختصاصي التخدير بمشفى المواساة الجامعي في دمشق الدكتور عبد الله الشلق.
الدكتور الشلق حصل مؤخراً على شهادة دكتوراه بعد أن قدم أطروحة تطرقت لأول مرة حول تدبير الألم لتكون أول دكتوراه بهذا المجال من جامعة دمشق.
يوضح د.الشلق لـ “أثر” أن فكرة تسكين الألم ظهرت بسبب الآلام المعنّدة التي لا تستجيب للعلاج الدوائي أو العلاج المحافظ وحتى العلاج الجراحي لا سيما للأمراض المزمنة كالسرطان وألم العامود الفقري وبعض الآلام العصبية أو الأذيّات الحربية التي زاد عددها في سوريا بسبب الحرب، مشيراً إلى أن تخصص التخدير تطور ليصبح تخدير وإنعاش ثم تخدير وعناية مشددة ثم أصبح تخدير وتدبير الألم.
وذكر د.الشلق أن أطروحة الدكتوراة الجديدة حملت عنوان (مقارنة بين الحقن فوق الجافة والحقن عبر الثقبة باستخدام السيتروئيدات لتسكين الألم لدى مرضى العامود الفقري) وأجريت بمشفى المواساة العينة التي تناولتها الأطروحة، مؤكداً لـ “أثر” أن ذلك يفتح المجال لإعداد دراسات ورسائل دكتوراه وماجستير حول تدبير الألم مستقبلاً.
ولفت د.الشلق إلى أن خدمة تسكين الألم تتم في مشفيي الأسد الجامعي والمواساة بدمشق حيث توجد عيادات متخصصة بذلك وبدأ ذلك في سوريا منذ عام 2000 تقريباً كما يوجد في بعض المشافي الخاصة ولا يتم في العيادات الخاصة إلا بشكل محدود جداً لأنه يحتاج دائماً إلى وجود غرفة عمليات أو أجهزة أشعة وإيكو ومراقبة ومتابعة للمريض كما أنه مكلف جداً، موضحاً أن “تأمين المستلزمات المتطورة فيه صعوبة جراء العقوبات الاقتصادي المفروضة على البلد والتي تمنع إدخال المستلزمات إلى جانب التكلفة الباهظة لها وهنا يقتصر تدبير الألم وتسكينه على العلاج الدوائي أو إجراء تخضيب أو حقن للأعصاب أو المفاصل بالأدوية المسكنة للألم أو عن طريق جهاز التردد الحراري”.
وتابع: “لا يخفى على أحد أن جزء مهم من معاناة المرضى يكمن في الآلام الشديدة التي تسببها السرطانات والتي تعالج غالباً لدينا بالمورفينات /المخدرات/ بإشراف طبي ولكن لذلك أثر إذ تُدخل المريض بالإدمان”.
ومن الآلام التي تحتاج إلى تدبير الألم، بيّن الدكتور الشلق أن هذا الاختصاص يهتم بتدبير الآلام الحادة والمزمنة وينضوي تحت هذا الاختصاص علاج الآلام الناتجة عن السرطانات وألم العامود الفقري الناتج عن الديسك أو فتوق النواة اللبية وآلام أذيّات الحروق والآلام التالية للالتهابات مثل زنار النار أو آلام المفاصل أو ما بعد العمل الجراحي، مضيفاً: “هذا الاختصاص يتطور بشكل سريع عالمياً بسبب توفر التقنيات والمواد التي تؤمن الحاجات اللازمة لتحقيق الهدف، والآليات المتطورة لتدبير الألم تشمل تركيب مضخات تكون مبرمجة تزرع في دار البطن يتم توصيلها إلى النخاع الشوكي عبر قثطرة يمكن من خلالها إعطاء جرعات مدروسة من الأدوية المسكنة تعمل على تخفيف الألم أو التشجنات المرافقة للأذية العصبية أو عبر جهاز بطاريات الألم وهو نظام يمنع المريض من الشعور بالألم عن طريق أقطاب كهربائية رفيعة جداً توضع خلف النخاع الشوكي تطبق عند المرضى الذين يعانون من ألم مستمر أو لديهم أذيات رضيّة في النخاع الشوكي”.
وأكد د.شلق أن هذا الاختصاص هو علم واسع، متابعاً: “يجب أن يكون الطبيب ملم بكافة الاختصاصات الطبية الأخرى منها آلية الأمراض والأسباب وغيرها وهو ليس إعطاء إبرة مسكن فقط وعادةً 60 إلى 70 بالمئة من المرضى الذين يراجعون عيادة تسكين الألم بالمشافي هم محولين من أطباء الأورام او العصبية أو المفاصل ومنذ فترة بدأ عدد من المرضى يراجع العيادات بالمشافي لطلب تسكين الألم ولا يتم ذلك إلا بعد دراسة شاملة لكل حالة وأكثر الحالات التي تراجع هي لعلاج الصداعات التالية لألم المثلث الدوائي”.
وختم اختصاصي التخدير بمشفى المواساة الجامعي بدمشق الدكتور عبد الله الشلق كلامه لـ “أثر” ناصحاً بأن “يُبوّب تسكين الألم بأسلوب علمي فهو لا يناسب كافة المرضى وهي مشكلة عالمية وليست محلية فقط نظراً لتكلفتها العالية”، مشيراً إلى أهمية رضا وقبول المريض لإجراءات تسكين الألم”.