أثر برس

“فشة خلق” مدنيّة بمساحات ضيقة

by Athr Press

“أنا هون عندي رفقات بنات وصبيان وبقدر أحكي معن بكثير أشياء”، بهذه الكلمات يبدأ عمر جوابه شارحاً لماذا يستطيع أن يعبر عما في داخله أثناء تواجده في نادٍ تفاعليٍ “بصحنايا” في “ريف دمشق”، يتابع: “ما فيني قول لأبي أنو لما بطلع من المدرسة بمشي أنا وبنت الجيران سوا لنوصل للبيت، بقلي حرام”.

تلعب منظمات المجتمع المدني دوراً جوهرياً في ترسيخ مبادئ المواطنة التي تستند في جوهرها إلى احترام وتقبل الآخر وضمان حرية التعبير، ومن أهم الوظائف التي تقوم بها هذه المؤسسات؛ إشاعة الثقافة المدنية المبنية على  التنوع وقبول الاختلاف بين الذات والآخرين.

وفيما تعاني سوريا منذ سبع سنوات، حرباً دائرة على جبهات متعددة؛ فإنها تشهد أيضاً وبالتوازي مع ذلك بروز مصطلح المجتمع المدني، متمثلاً بمؤسسات ومراكز تنموية تعبر عن نفسها من خلال خلق مشاريع ومبادرات تلبي الاحتياجات المجتمعية، وتوجد مساحات واسعة للاحتكاك والحوار والتفاعل بين فئات مختلفة كان يصعب التقاؤها في مراحل سابقة.

بحسب دراسة، أعدتها منظمة “مواطنون لأجل سوريا”، فإن عدد المنظمات السورية المدنية لتاريخ 15-9-2016 يقدر بـ748 مؤسسة، تتنوع بين منظمات ومبادرات وشبكات واتحادات موزعة داخل سوريا وخارجها تبعاً لمناطق السيطرة العسكرية.

 

 

حسام الفتى ابن السادسة عشر، عازف عود معيل لأسرته، وواحد من المستفيدين من خدمات أحد المركز التعليمية الكائنة في مدينة يبرود بريف دمشق، والذي يقدم دورات تعليمية مجانية لطلاب الثالث الإعدادي، يكتب عند سؤاله عن رأيه في إغلاق هذا المركز: “لا أوافق على إغلاق هذا المركز لأنني مرتاح”، مضيفا: “بالنسبة لي ليس مكاناً للتعليم فقط، بل مكان للراحة من خلال القدرة على التعبير”، متابعاً: “نحن هنا عندما أعطينا رأينا بالمعلمة؛ عملوا على تغييرها، بينما في المدرسة لا نقوى على قول ذلك”.

عبر استطلاع للرأي قام به موقع “UReport Syria”، حول أصوات الشباب حالياً في حال كانت “مسموعة” أم “لا”، قام 71% من 208 أشخاص بالإجابة على السؤال بـ “لا”. وهذا ما يفسر في جزء منه إقدام اليافعين والشباب اليوم على العمل التنموي والتطوعي ليجدوا فضاء يمكّنهم من التعبير عن آرائهم وإيصال صوتهم، ليذهبوا في مراحل متقدمة بعدها أن يكون صوتهم هو المقرر الاساسي في المبادرات والأنشطة التي يقومون على التخطيط لها وتنفيذها.

 

 

“ميرا” اليافعة الفاعلة من مركز “نحل” المجتمعي والتي تحلم بأن تصبح إعلامية في المستقبل؛ تتحدث عن تغير سلوكها على مواقع التواصل الاجتماعي بعد انتمائها لهذا المركز، وبدء ممارسات عمل تطوعي وتنموي معه: “كنت أعمل حظر لمن يجادلني على الفيس بوك، وحتى احذف المنشور يلي رفقاتي يعلقوا عليه بطريقة سلبية”، وتستكمل بعدها “يلي تغير هلق بعد ما صرت شوف ناس مختلفين عني ومن كل الفئات، إني صرت حب أتناقش وأسمع وما عاد حذفت البوست”.

هذه الآراء أخذت ضمن إطار مشروع “خالف تَعرف” المنفذ من قبل “راديو سوريات” داخل سوريا، في لقاءات حوارية نفذت بالشراكة مع مراكز مجتمعية وتنموية مختلفة، تمكن المشاركون فيها من التعبير عن أنفسهم من خلال تمرين تفاعلي بنيت فكرته في نقل مواقع التواصل الاجتماعي من الفضاء الافتراضي إلى الفضاء الحقيقي، وإعادة تعريف اليافعين عن أنفسهم عبر إنشاء صفحات جديدة بهم من مواد وصور مختلفة.

المشروع الذي استمر لمدة ثلاثة أشهر، وانتهى تنفيذه نهاية تشرين الثاني، هدف إلى تعزيز ثقافة تقبّل الآخر لدى اليافعين السوريين، وتشجيعهم على تغيير أنماط حياتهم وتكوين علاقات جديدة خارج إطار الحلقات الاجتماعية المعتادة. تضمّن المشروع بالإضافة إلى سلسلة اللقاءات المباشرة مع اليافعين، حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي للمساهمة في إيصال أفكار المشروع بطرق رقمية مبتكرة، وليكون المخرج الأخير عبارة عن مادة معرفية متاحة للجميع، تلخص نتائج اللقاءات والبيانات التي تم جمعها خلال المشروع، من قبل شباب سوريين.

 

بقلم: أميرة مالك| هنا صوتك

 

 

اقرأ أيضاً