أدلى وزير الدفاع التركي يشار غولر، في تاريخ 12 آب الجاري بتصريحات وصفها خبراء أنها أعادت مسار التقارب السوري- التركي إلى نقطة الصفر، إذ أشار غولر، إلى أن “أنقرة لا يمكن أن تناقش التنسيق بشأن الانسحاب من سوريا إلا بعد الاتفاق على دستور جديد وإجراء انتخابات وتأمين الحدود”، وذلك في الوقت الذي تؤكد فيه دمشق أن مطلبها الرئيسي في عملية التقارب مع أنقرة هو الانسحاب التركي من كامل الأراضي السوري.
وفي هذا الصدد، نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن مصادر تعليقها على تصريحات غولر، بقولها: “إنها عكست الموقف التركي، وأوضحت المسار المتَّبَع من أجل تطبيع العلاقات مع دمشق”، مضيفة “أن جميع الأمور يمكن أن تناقَش على طاولة المفاوضات من دون شروط مسبقة”، لافتة إلى أن هناك إدراكاً لهذا الأمر من الجانبين التركي والسوري.
ولفت المحلل السياسي المختص بالشأن التركي حسني محلي، في مقالة له نشرها موقع “الميادين نت” بعنوان “المصالحة التركية السورية… العودة إلى نقطة الصفر”، إلى أن “كلام الوزير غولر جاء بعد أيام من لقاء وزير الخارجية حقّان فيدان، ما يسمى رئيس الائتلاف الوطني السوري هادي البحرة ورئيس هيئة التفاوض بدر جاموس ورئيس ما يسمى الحكومة السورية المؤقتة عبد الرحمن مصطفى، وهو ما تم بعد يوم من أقوال أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله الذي اتهم المعارضة السورية بالعمالة لإسرائيل وأمريكا”.
وأضاف محلي أن “المعارضة (التركية) تدعو على لسان مسؤولين في حزب الشعب الجمهوري، أنقرة إلى الاستعجال في مساعي المصالحة والحوار مع دمشق إذا كانت صادقة في مقولاتها ضد نتنياهو وسياساته الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني، وهو ما يتطلب المزيد من التضامن الإقليمي في مواجهة مشاريع ومخططات الكيان الصهيوني الذي لن يتردد في استهداف تركيا أيضاً”.
بينما نشرت صحيفة “الأخبار” اللبنانية مقالة للمحلل السياسي والمختص بالشأن التركي محمد نور الدين، بعنوان “أنقرة تفرمل “المصالحة” مع دمشق: هذه شروطنا”، علّق فيها على تصريحات غولر، بقوله: “لم يتضح إلى الآن، مدى تأثير هذه التصريحات في مسار المصالحة بين تركيا وسوريا، ولكنها، في أيّ حال، تضع المزيد من العراقيل أمامها”، مشيراً إلى أن “تعليقات كتاب المعارضة ومسؤوليها تشير إلى اعتقادهم أن تركيا تأخذ في الحسبان ألّا تُغضب الأمريكيين في أيّ خطوة من شأنها أن تمسّ بالمصالح الغربية، وخصوصاً ما يتّصل منها بالوضع في شرق الفرات”.
وفي هذا الصدد لفت نور الدين إلى تصريحات وزير الدفاع التركي، عندما سُئل عن احتمال انضمام بلاده إلى “منظمة شانغهاي للتعاون”، إذ قال حينها: “إن تركيا تريد تطوير التعاون مع المنظمة، ولكن هذا لا يلغي أن أولويتنا هي الإيفاء بالتزاماتنا مع منظمة حلف شمال الأطلسي وتقوية تعاوننا مع حلفائنا فيه”، مضيفاً أنه “نقطة ارتكازنا، هي ضمان أن يكون الأطلسي جاهزاً وذا عزيمة وقوياً، آملاً في أن يمضي الاتفاق مع الولايات المتحدة للتزوّد بطائرات بلوك 70 إف-16 إلى خواتيمه السعيدة، من دون عراقيل”، وفق ما نقلته “الأخبار”.
يشار إلى أن تركيا تبرر وجودها العسكري شمالي سوريا، بأنها تهدف منه إلى حماية أمنها القومي من “الوحدات الكردية” التي تصنفها أنقرة أنها “منظمات إرهابية”، وفي 15 تموز 2024 قال الرئيس بشار الأسد، في تصريحات صحافية تعقيباً على مسار التقارب السوري- التركي: “أول سؤال يجب أن نسأله لماذا خرجت العلاقات عن وضعها الطبيعي منذ ثلاثة عشر عاماً؟ لم نسمع أي مسؤول تركي يتحدث عن هذه النقطة بشكل صريح”، مؤكداً أن في الماضي كانت الأمور هادئة، مضيفاً أن “سوريا دائماً متمسكة بما التزمت به منذ أكثر من ربع قرن، بموضوع الأمان على طرفي الحدود ومكافحة الإرهاب”.