خاص|| أثر برس راجت في سوريا بالآونة الأخيرة ثقافة الكوميديا الارتجالية أو كوميديا الوقوف والتي تعرف بـ “ستاند آب كوميدي”، وبدأت تنتشر إعلانات لحضور هذه العروض سواء من الكوميديان السوريين أو حتى لكوميديان من خارج سوريا.
“عن طريق الصدفة حضرت عرض ستاند آب كوميدي، وأعجبني كثيراً” بهذه العبارة استهلت لارا الحديث عن حضورها ستاند آب كوميدي خلال حوارها مع “أثر”، وقالت إنه “بأي اجتماع بين الأصدقاء يكون هناك من يدير الاجتماع بأسلوب فكاهي مضحك، وهذا قريب على مبدأ عمل الكوميديان”.
أما وسيم، يقول لـ “أثر”: “كنت أشاهد مقاطع لكثير من الكوميديان العرب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وحين عرض صديقي أن نحضر عرض في دمشق لم أصدق أنه توجد في سوريا عروض كوميدية، وعندما حضرت شعرت بأن هذا العرض هو فن كوميدي في ظلّ الظروف الصعبة التي نمر بها، ويجب أن تدعم هذه العروض لتكثر العروض، أما سعر تذكرة الحضور كان بـ 25 ألف ليرة سورية فقط للشخص عدا أسعار المشاريب”.
سبب الإقبال:
بدوره، وفي حوار خاص مع “أثر”، أوضح الكوميديان ملكي ماردينلي أن المجتمع السوري بشكل عام والدمشقي بشكل خاص يحتك مع الفنون الشعبية، أو يحب أن يتفاعل مع ما يسمى (فن الشارع) منذ قرون عدة، منذ أيام (الحكواتي) الذي تواصل معه بلغته المحكية والمصطلحات المتداولة، وكان يلقى إقبالاً شعبياً كبيراً، وهذه العادة وجدت منفذ على العصر الحديث لتجدد ذاتها ويصبح اسمها ستاند آب (Stand up)
وإقبال السوريين عليه جاء بعد شح مصادر الترفيه الواقعية، وانحصارها في العالم الافتراضي، فوجد السوريون في هذا المنفس شيئاً ما يحررهم من عبادة الخوارزميات وأصبح لهم بضعة ساعات أسبوعياً تخفف عنهم أعباءهم اليومية، وفقاً لماردينلي.
لأجل المتعة فقط:
ويرى ماردينلي أن “هناك علاقة من نوعٍ خاص بين المؤدي الذي يصعد على خشبة المسرح ويشارك أفكاره وتجاربه بصوته الخاص وبين الجمهور الذي يصغي إليه ليجد أنه ليس وحيداً في ما يعيشه، يشبه الأمر لعب كرة الطاولة المؤدي يرسل والجمهور يعيد الإرسال، ولكن الفرق الوحيد أن الطرفين يخرجان راضيين لا يوجد فائز أو خاسر هذه اللعبة لأجل المتعة فقط”.
عوامل نجاح الكوميديان:
يقول ماردينلي إن نجاح العرض يعتمد على التواصل الحقيقي مع الجمهور ونجاح الكوميديان يعتمد على عوامل عدة، من أهمها التدريب والتكرار والالتزام، هذا الفن يعتمد بشكل أساسي ومحوري على التكرار، فمهما بلغ حجم موهبته دائماً بحاجة إلى صقل، وبدراسة بسيطة أجرتها منصة (ستيريا) فمتوسط عدد السنوات اللازمة لنجاح الكوميديان هو 4 سنوات من العمل المستمر والجاد”.
بدايته:
وحول بدايته مع عالم الكوميديا، يقول ماردينلي: “بدأت علاقتي بهذا الفن عندما شاهدت لأول مرة في حياتي الكوميديان (كيفين هارت)، فذهلت عندما رأيته حراً على المسرح متصالح مع مشكلاته مع كل شيء ويشاركها مع أشخاص لم يرهم في حياته، وشبه مؤكد أنه لن يراهم مرة أخرى، ولكن في عام 2020 بدأت اتخذ خطوات صغيرة خجولة ولكن حقيقية باتجاه التقديم، فتجارب صغيرة هنا وهناك لسنوات عدة حتى تعرفت على أشخاص يشاركونني نفس الشغف والرؤية والطموح وبدأنا بمنصة (ستيريا) وهي منصة كوميدية، وعندما وقفت لأول مرة أمام جمهور حقيقي شعرت بأني أغرق والآن بعد صعودي أكثر من 100 مرة على المسرح، أصبحت أشعر بأني أسبح ولا زال أمامي الكثير والكثير لأتعلمه”.
معوقات:
وعن الصعوبات التي واجهته، تحدث أن هذه البقعة الجغرافية توفر صعوبات أكثر مما توفر تسهيلات بالنسبة للفنون الأدائية المباشرة، بمعنى لا يوجد ولا أي مكان واحد في العاصمة دمشق معد لهذا النوع من النشاطات إن كان لـ standup أو لأي فرقة موسيقية، أو حتى لا يوجد مفهوم الميكروفون المفتوح الذي هو مساحة آمنة تسمح لأي موهبة بالظهور أو للتمرين (مسرحية فنية كوميدية وأي شيء)، متابعاً: “أي عمل ناشئ ليستمر ويتطور يحتاج نوعاً ما من التمويل، وفي بداية ستيريا لم نجد التمويل، ولم يأت إلينا أي داعم، وما فعلناه أننا مولنا أنفسنا بأنفسنا وخلقنا شرائح تناسب اغلب فئات المجتمع، ولدينا ليلة المايكرفون المفتوح وهي مجانية الدخول ونحاول أن تبقى مجانية، ومن ثم لدينا العروض المدفوعة وهي مبالغ رمزية تكاد لا تذكر أمام ما نعيشه، ونحن بحاجة أن نوفر مبلغ مالي شهري لنحفز المواهب لدينا من العمل والظهور بشكل مستمر وفي هذه البقعة الجغرافية الشغف وحده لا يؤتمن”.
وحول مستقبل الستاند آب في سوريا، يقول الكوميديان ماردينلي: “نشعر أن مجتمع الستاند آب standup في نمو مستمر ليواكب الموجة العالمية، ونعمل بأقصى طاقتنا لنوفر مساحة آمنة للظهور وورشات كتابة ومراجع مقابلات مع تجارب عربية وعالمية”.
متطلبات:
وأردف: العامل الوحيد لنجاح هذا المشهد في سوريا يعتمد على نشر ثقافة الـ standup في المجتمع الذي في محوره يهتم بعدم إطلاق الحكم المسبق على التجارب والتعلم من التجارب الفاشلة والبناء من التجارب الناجحة وتبادل المعلومات للمنفعة العامة، وكل البلاد التي أطلق فيها الـstandup بطريقة أو بأخرى قد ساعدت المشهد الفني بشكل كامل على النهوض من أفلام ومسلسلات وإعلانات وفعاليات ثقافية وسياحية والكثير من المجالات ومصر في مقدمتها.
الجدير ذكره، أن الكوميديا الارتجالية أو مايعرف بـ “ستاند آب كوميدي” هو عرض يقدمه أحد الكوميديين مباشرة أمام الجمهور على مسرح أو ساحة ويكون التواصل مباشراً ويعتمد على المواقف الحياتية للكوميديان أو مواقف روتينية ولكن يعرضها بطريقة فكاهية مضحكة.
أمير حقوق