منذ انطلاق مسار التقارب السوري- التركي منذ حوالي عامين، اقترن الحديث عن هذا المسار مع الحديث عن اتفاقية أضنة، وسبق أن طُرحت سيناريوهات تفيد بأنه من المحتمل أن يكون إعادة تفعيل هذه الاتفاقية خياراً مُدرجاً ضمن المفاوضات، وذلك بعد إجراء بعض التعديلات على بنودها.
ومع عودة النشاط إلى مسار التقارب السوري- التركي، عاد الحديث أيضاً عن هذه الاتفاقية، إذ نقلت صحيفة “الوطن” السورية أمس الثلاثاء عن مصادر دبلوماسية أن “إعادة البحث في تعديل اتفاقية أضنة والتي سبق وجرى طرحها كصيغة جديدة للتعاون السوري- التركي المشترك لضبط أمن الحدود، قد تكون أيضاً على جدول أعمال المباحثات المرتقبة”.
وفي هذا الصدد، أشار موقع قناة “الحرة” أن الباحث في الشأن التركي، محمود علوش، يرى أن “اتفاقية أضنة تشكل أرضية رئيسية للبحث في مشروع التصميم الأمني الجديد للعلاقات التركية-السورية”، كما نقل موقع “الحرة” عن المحلل السياسي غسان يوسف، أن “اتفاقية أضنة ستكون الأساس في أي علاقة مقبلة بين دمشق وأنقرة”، ويرهن ذلك “بإجراء تعديلات يسبقها الاتفاق على تفكيك الإرهاب وتعريفه وعودة اللاجئين والانسحاب”.
الأمر نفسه، أشارت إليه صحيفة “العرب” إذ نشرت في صفحاتها اليوم الأربعاء أن “روسيا تعتقد أن إحياء اتفاقية أضنة قد يشكل مدخلاً مناسباً لبناء توافقات جديدة بين تركيا وسوريا بما يسمح بعودة طبيعية للعلاقات بينهما، لكن متابعين يرون أن هناك عقدة على الطرفين تجاوزها وهو الاتفاق على مفهوم مشترك للإرهاب والجهات المعنية بالتصنيف” مضيفه أنه “يرى متابعون أن تفعيل اتفاقية أضنة قد يشكل مدخلا مناسبا لإنهاء الخلافات التركية – السورية”.
وفي سياق متصل، لفت الكاتب التركي فاتح تشيكيرغه، في صحيفة “حرييت” التركية إلى وجود مستجدات تشير إلى وجود جدية لدى الجانب التركي بإنجاز عملية التقارب مع دمشق، في إشارة إلى استئناف تسيير الدوريات الروسية- الأمريكية، موضحاً أن “تسيير تركيا وروسيا دوريات مشتركة قبل مدة في منطقة نبع السلام، شرق الفرات السوري، بعدما كانت توقفت في الخامس من تشرين الأول من عام 2023، يُعدّ أول إشارة إلى حصول تطوّر جديد في المسألة السورية” معتبراً أنه “يجب أن ننظر إلى الدوريات المشتركة باعتبارها خطوة مهمّة ورسالة حسن نيّة من زاوية تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق”.
بدورها نوّهت صحيفة “الأخبار” اللبنانية إلى العامل الأمريكي في هذا المسار، والذي يجدد باستمرار تشديده على نيته لدعم “الوحدات الكردية” شرقي سوريا، لافتة إلى أنه “على الرغم مما تقدّم، يظلّ السؤال مطروحاً، بشكل أساسي، حول تأثير اعتراض واشنطن العلني على تقارب دمشق مع أنقرة، خصوصاً أن هكذا تقارب يقتضي تصعيد النزاع مع قوات قسد التي تدعمها الولايات المتحدة، بينما تعتبر تركيا تصفيتها شرطاً حتمياً للمضيّ في المصالحة”.
يشار إلى أن كلاً من سوريا وتركيا وقعتا عام 1998 “اتفاقية أضنة” ونصت حينها على وجود تعاون تام بين تركيا وسوريا في مجال “مكافحة الإرهاب” وإعطاء تركيا حق “ملاحقة الإرهابيين” في الداخل السوري حتى عمق خمسة كيلومترات، واعتبار الخلافات الحدودية بين البلدين “منتهية” بدءاً من تاريخ توقيع الاتفاق، وغيرها من البنود.