تفاصيل عودة سوريا.. تجاهل لنفوذ دولي وإدراك بأنه ثمّة استثمارات فاشلة

أنهت سوريا مرحلة كبيرة من العزلة الدولية بعودتها إلى محيطها العربي، وإنهاء عزلتها الدولية، وذلك بتفعيل مسارات التقرّب العربي والتركي منها، وبإعادتها إلى مقعدها في الجامعة العربية ودعوتها إلى المحافل والمؤتمرات الدولية.

هذه العودة السورية كانت صادمة بالنسبة لبعض الأوساط السياسية لا سيما الأمريكية والغربية منها، الأمر الذي برز في التحليلات التي نشرتها وسائل إعلام أمريكية وغربية، والتي أكدت عن مخاطر هذا الانفتاح على سوريا من قبل حلفاء واشنطن، وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية قد نشرت سابقاً أن “قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية يمثل رفضاً للمصالح الأمريكية في المنطقة” بدورها لفتت صحيفة “نيويورك تايمز إلى أن “عودة سوريا إلى الجامعة تعني اعتراف الجميع بانتصارها وبضعف تأثير أمريكا على حلفائها العرب” مشيرة إلى أن “الظروف التي أدت إلى عزلة سوريا لم تتغير وإنما الآخرين هم الذين تغيروا وغيروا موقفهم”.

هذه الانتقادات التي طرحتها وسائل إعلام الغربية والأمريكية أثارت العديد من إشارات الاستفهام حول ما بعد هذه العودة، وطبيعة المرحلة المقبلة في الشرق الأوسط بعد هذا التحوّل في السياسات الخارجية لحلفاء واشنطن في المنطقة.

عبد الرحمن الراشد، الإعلامي السعودي ورئيس التحرير السابق لصحيفة “الشرق الأوسط” نشر مقالاً قال فيه: “نحن في موسم التهويلِ السوري، مسلسل قصير آخر، عن العلاقة بين الرياض ودمشق، نسمع حكاياتٍ عن المدفوعات المالية لتمويل إعادة الإعمار، وتمويل لإرجاع سوريا إلى الجامعة العربية، الروايات الباطلة عادة تتبخر بنهاية موسمها”.

وأضاءت صحيفة “العرب” على تجاهلت أي انتقاد أمريكي أو غربي، وكذلك تجاهل نفوذ الدول العربية الرافضة لعودة دمشق، حيث أشارت إلى أن “هناك ملاحظة ربما تستحق الذكر، وهي أن الرئيس الأسد توجه إلى أبوظبي والتقى بقيادتها من دون أن تحتاج الإمارات إلى تقديم تبريرات أو استخدام غطاء لمنع الانتقادات الغربية المصاحبة لكل ما له علاقة بالرئيس الأسد” وتابعت الصحيفة أن “موضوع عودة الأسد حُسم منذ فترة، قد يكون الزلزال، بكل ما يحمله من مآسٍ، مبرراً ظاهراً للعودة، إلّا أن السبب الأكثر قرباً إلى الواقع لا يكمن فقط في الانتصار العسكري الذي تحقق على يد القوات السورية، وإنما يتمثل أيضاً في انسحاب تركيا وقطر من الأزمة بشكل عملي، فالأتراك والسوريون يجلسون الآن برعاية روسيا وإيران، وهما طرفان غير محايدين في الحرب، ولم تَفُت أي مراقب ملاحظة التفسير القطري لعودة سوريا إلى الجامعة العربية بأن الدوحة لا تريد الخروج على الإجماع، هذه هي قطر التي صنعت الإجماع لطرد سوريا من الجامعة ومنح المعارضةِ كرسيَّ دمشق لبعض الوقت، القطريون لديهم من النباهة ما يكفي لإدراك حجم الضعف الذي انتشر في بنية القيادة التركية والحال الذي وصل إليه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان داخلياً وإقليمياً القطري مستثمر كبير وذكي، ويعرف أن ليس كل الاستثمارات تنتهي بربح”.

بدورها تناولت “واشنطن بوست” الأمريكية في أحد تقاريرها تفاصيل حضور الرئيس الأسد، في قمة جدة وقالت: “كان هناك الرئيس السوري بشار الأسد يبتسم ابتسامة عريضة وهو يسير على مدرج المطار بعد هبوطه في مدينة جدة السعودية، كان هناك مفوضون بملابس من المملكة، بمن فيهم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، رحبوا به في أحضان دافئة، هناك جلس الرئيس الأسد في جلسة مع قادة الدول العربية الأخرى”.

وأكدت “واشنطن بوست” أنه “مع دعوة دول مثل الأردن والجزائر والإمارات العربية المتحدة إلى تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا، يكثف المشرعون الأمريكيون جهودهم لتمرير جولة جديدة من التشريعات التي تعاقب سوريا وتتجنب المزيد من التطبيع” ونقلت عن مصدر خليجي مقرب من الدوائر الحكومية قوله: “الأمريكيون فزعون، ونحن (دول الخليج) أناس يعيشون في هذه المنطقة، ونحاول حل مشاكلنا بقدر ما نستطيع بالأدوات المتاحة لنا في أيدينا”.

يشار إلى أن الجامعة العربية أصدرت قرار وقف تجميد مقعد سوريا في 7 أيار الجاري، وذلك خلال اجتماع غير عادي عقدته في القاهرة، وأكدت حينها الولايات المتحدة الأمريكية أن موقفها من سوريا لم يتغير لكنها لن تفرض قيود على التقارب العربي مع سوريا.

أثر برس