خفّض مانحون دوليون مساعداتهم للسوريين داخل البلاد وخارجها نحو ملياري دولار، إذ أعلنوا في اجتماع بقيادة الاتحاد الأوروبي في مؤتمر بروكسل 8 أنهم سيخصصون 7.5 مليارات يورو (8.1 مليارات دولار) لدعم سوريا ودول مجاورة لها، لعامي 2024 و2025.
وقال مفوض الاتحاد الأوروبي لإدارة الأزمات يانيز لينارتشيتش، أمس الاثنين: “إن المانحين وعدوا خلال النسخة الثامنة من مؤتمر بروكسل لدعم مستقبل سوريا والمنطقة، بتوفير 2.5 مليار يورو على شكل قروض، إضافة إلى منح بقيمة خمسة مليارات يورو”، وفق ما نقلته وكالة “أسوشيتد برس”.
وأضاف لينارتشيتش أن هذا المبلغ مخصص للسوريين داخل بلادهم، ولنحو 5.7 ملايين لاجئ سوري والمجتمعات المضيفة في لبنان والأردن و تركيا.
وتجاوزت التعهدات مبلغ 4.07 مليارات دولار الذي ناشدت الأمم المتحدة لتوفيره من أجل الاستجابة في سوريا خلال عام 2024، لكنها كانت منخفضة عن التعهدات التي بلغت 10.3 مليارات دولار في النسخة السابقة من مؤتمر بروكسل، العام الماضي.
ولفتت وكالة “أسوشيتد برس” إلى أن “تراجع المساعدات يعد بمنزلة إرهاق من المانحين، مع تركز اهتمام العالم على صراعات في أماكن أخرى، بما في ذلك الحروب في أوكرانيا والسودان، ومؤخراً حرب إسرائيل على غزة”.
وأكد وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عبد اللـه بوحبيب، خلال اجتماع بروكسل 8 أن “استمرار معالجة أزمة النزوح السوري بالمنطق والتفكير نفسه، أي فقط بتمويل النازحين حيث هم، بدل البحث عن حلول بديلة يشكل خطراً على جيران سوريا وأوروبا معاً”.
وأضاف أن “الوقت حان للعمل معاً جميعاً في حلّ مسألة النزوح من خلال مراجعة سياسة الدول المانحة، وندعو اليوم مجدداً لمشاركة جميع الأطراف المعنية في مؤتمرات كهذه، لأن لا حلّ مستدام للنزوح من دون وجود كل الأطراف المعنية بالأزمة على الطاولة معنا، لقد ازدادت الأحوال سوءاً في لبنان منذ اجتماعنا الأخير، العام الماضي في بروكسل، حيث تحوّل بلدنا إلى سجن كبير وضخم تصدعت جدرانه لم يعد قادراً على تحمل هذا الكم من النزوح ولهذه المدة الطويلة”.
وطالب بو حبيب المجتمع الدولي بـ”الحدّ الأدنى من البنى التحتية اللازمة للحياة الكريمة للنازحين” وذلك من خلال تأهيل القرى المدمرة في سوريا، ضمن مشاريع أنموذجية، كي تصبح قابلة للحياة والتعافي عبر مشاريع محلية، إضافة إلى “فصل السياسة عن النزوح لأن عودة النازحين يجب ألا ترتبط بالحلّ السياسي”.
من جهته، أعرب وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، عن استيائه من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين والدول المضيفة لهم، وقال في تصريح صحافي قبل انعقاد “مؤتمر بروكسل الثامن لمستقبل سوريا والمنطقة” في بلجيكا: “المجتمع الدولي تخلى عن اللاجئين السوريين مع تضاؤل التمويل اللازم لدعمهم في الدول المضيفة”.
وأضاف “لن نتمكن من تقديم الخدمات الأساسية للاجئين بمفردنا، وسنستمر في بذل كل ما في وسعنا، وما لم يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته، ستقل الخدمات وستزيد معاناة اللاجئين”.
وانطلق أمس الاثنين في العاصمة البلجيكية الاجتماع الوزاري لمؤتمر بروكسل الثامن بشأن “مستقبل سوريا والمنطقة” بهدف “تجديد الدعم المالي والسياسي للأزمة القائمة في سوريا منذ 13 عاماً، وتداعياتها على الدول المضيفة للاجئين”.
وأفادت قناة “الحرة” الأمريكية أن “وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية واجهت في السنوات الأخيرة تحديات كبيرة بسبب تقلص الميزانيات، وأعرب المسؤولون الإنسانيون عن استيائهم من تخفيضات الميزانية التي أجبرتهم على تقليص برامج المساعدات على الرغم من الارتفاع الحاد في معدلات الفقر”، ففي الأسبوع الأول من أيار الجاري قالت وزارة الصحة اللبنانية في منصة “X”: “إن مفوضية اللاجئين أعلنت تشكيل خطط لخفض دعمها لتغطية الرعاية الصحية المقدمة للاجئين في لبنان إلى النصف، ومعظمهم من السوريين”.
وتؤكد الدول المستضيفة للاجئين السوريين بضرورة حل هذا الملف جراء العبء الذي بات يشكله عليهم، وفي هذا الصدد قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، في قمة جامعة الدول العربية التي عُقدت في العاصمة البحرينية (المنامة): “إن تزايد أعداد النازحين السوريين في لبنان يشكل ضغطاً إضافياً على الأوضاع الاقتصادية الصعبة والموارد المحدودة لوطننا”، مضيفاً أن “لبنان الذي تحمّل العبء الأكبر منهم يعوّل على ما تم تحقيقه من تطور في الموقف العربي الجامع مع عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية في قمة جدة العام الماضي”.