أثر برس

السياسات الأمريكية والإسرائيلية الإقليمية تزيد من التهديدات للاستقرار في سوريا

by admin Press

تواصل السياسات الأمريكية والإسرائيلية في سوريا فرض تحديات كبيرة على الأمن والاستقرار في سوريا، ما يهدد بتفاقم الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في البلد الذي عانى من حرب لأكثر من عقد.

على الرغم من الشائعات التي انتشرت حول احتمالية انسحاب الولايات المتحدة من سوريا، تشير المؤشرات إلى أن هذا السيناريو لا يبدو واقعياً في المستقبل القريب، بل إن هناك دلائل قوية على أن الولايات المتحدة ستظل ملتزمة بتواجدها العسكري في سوريا، إذ أنها تعتبر هذه المنطقة جزءاً من اهتماماتها الاستراتيجية، خاصة في مواجهة النفوذ الإيراني.

على الرغم من التحليلات والتصريحات التي كانت تشير إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد تكون بصدد سحب قواتها من سوريا، إلا أن الواقع السياسي والعسكري يكشف أن الولايات المتحدة لم تكن مستعدة تماماً للانسحاب من هذا البلد، بالنظر إلى التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط، يتضح أن الولايات المتحدة حافظت على وجودها العسكري في سوريا بشكل يتماشى مع مصالحها الأمنية.

الولايات المتحدة كانت قد أطلقت مبررات عدة لبقاء قواتها في سوريا، بما في ذلك محاربة تنظيم “داعش” ومواجهة التوسع الإيراني في المنطقة، ومع أن الأوضاع على الأرض شهدت تغييرات في السنوات الأخيرة، إلا أن الحملة الإسرائيلية والأمريكية العسكرية على إيران تشير إلى أن ذرائع البقاء في سوريا مستمرة، وتثير مخاوف المراقبين من احتمالية تحويل سوريا إلى مسرح عمليات في هذه الحرب الإقليمية التي لا طائل لها.

بينما من جهتها ازدادت عدوانية النشاط العسكري الإسرائيلي في سوريا في الأشهر التي تلت انهيار النظام السوري ورئيسه المخلوع بشار الأسد، حيث استولى جيش الاحتلال على المنطقة العازلة التي تراقبها الأمم المتحدة والتي أُنشئت بعد حرب عام 1973، ونفذ ضربات منهجية ضد البنية التحتية السورية وأنشأ 9 مواقع عسكرية جديدة.

وخلال الفترة الماضية، أكد وزير الحرب الإسرائيلي إسرائيل كاتس، أن الجيش سيبقى في سوريا “إلى أجل غير مسمى”، بينما أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن خطط لإنشاء مناطق نفوذ من خلال تحالفات مع الأقليات، بالإضافة إلى إنشاء منطقة منزوعة السلاح بطول 30 كيلومترا تمتد من الحدود الإسرائيلية إلى دمشق.

ما يعقد الأمور أكثر هو العلاقة الوثيقة بين الولايات المتحدة و”إسرائيل” في المنطقة، حيث تعتبر واشنطن أمن إسرائيل من الأولويات الاستراتيجية في الشرق الأوسط، وهذا ما تجلى بوضوح في سياسة إدارة ترامب السابقة، التي لم تتوانَ عن تقديم دعم غير محدود لـ”إسرائيل” في محافل سياسية وعسكرية متعددة، فقد كانت الولايات المتحدة دائماً داعماً قوياً لـ”إسرائيل” في كل خطواتها العسكرية في سوريا، سواء عبر صمتها تجاه الهجمات الإسرائيلية على الأراضي السورية أو عبر تزويدها بالأسلحة والمعدات العسكرية الحديثة.

وأخيراً الحرب الإقليمية التي اندلعت بين “إسرائيل” وأمريكا من جهة وإيران من جهة أخرى، وضعت سوريا في منتصف هذه المواجهة، الامر الذي من شأنه ان يزيد من التدخلات الإسرائيلية والاختراقات في العمق السوري للتصدي للهجمات الإيرانية، بينما على الصعيد الأخير قد توسع واشنطن من نفوذها العسكري في البلاد بالتزامن مع رفض الدول الخليجية التي تحوي معظم القواعد الامريكية العسكرية في المنطقة جرّها إلى هذه الحرب.

وفي وقت تبحث فيه سوريا عن الاستقرار والنهوض من حرب قاسية، يعقد استمرار السياسات العسكرية الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة بشكل أكبر من فرص الوصول على مرحلة الاستقرار، ويعزز من وجود القوات الأجنبية على الأرض، ما يجعل من الصعب على الشعب السوري استعادة سيادته على كامل البلاد، وتفاقم الوضع الإنساني والاقتصادي.

“مركز المستقبل للدراسات”

اقرأ أيضاً